أبرز المشاكل الاقتصادية في مصر… حقائق وأرقام

السياسي -وكالات

تجري مصر انتخابات الرئاسة في الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر كانون الأول ومن المتوقع أن يحصل الرئيس عبد الفتاح السيسي على فترة ولاية ثالثة وسط أزمة اقتصادية أدت إلى تراجع الجنيه المصري ونضوب العملة الأجنبية وارتفاع التضخم.
■ ما سبب المتاعب الاقتصادية في مصر؟
بعض الأسباب يعود إلى عقود مضت، مثل ضعف التنمية الصناعية نتيجة سوء التخطيط والبيروقراطية الشديدة، وسياسات التصدير التي خلقت عجزاً تجارياً مزمناً.
فقد أدى تقييم الجنيه بأكثر من قيمته الحقيقية وضعف حقوق الملكية والمؤسسات وهيمنة الدولة والجيش، إلى إعاقة الاستثمار والمنافسة.
وتسببت فورة الاقتراض في عهد السيسي في تراكم ديون خارجية ثقيلة على مصر. ولأن الدائنين الأجانب بدأوا يتجنبون أدوات الدَين المصرية، اندفعت إلى تمويل العجز المتزايد عن طريق الاقتراض محليا رغم ارتفاع أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى عجز أكبر.
وأسفر هذا، بالإضافة إلى التوسع في المعروض النقدي، إلى انخفاض قيمة العملة وارتفاع التضخم.
وتسعى الحكومة للسيطرة على العجز من خلال رفع أسعار السلع والخدمات المدعمة، لكن التضخم قضى على جزء كبير من المكاسب.
كما الاستثمار الأجنبي خارج قطاع النفط والغاز ضئيل. كذلك انخفضت تحويلات المصريين العاملين في الخارج في 2022-2023 بنسبة 30 في المئة إلى 22 مليار دولار مع نأيهم عن تحويل الأموال لعائلاتهم بسعر الصرف الرسمي المبالغ في تقديره.
وتلعب زيادة رسوم عبور قناة السويس وعائدات السياحة دوراً مهماً في تأمين تدفقات مالية من الخارج، لكن الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة المجاور تهدد بإبطاء نمو السياحة.
وكثيرا ما يلقي السيسي بالمسؤولية في الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها مصر على الاضطرابات التي أعقبت الانتفاضة الشعبية عام 2011 وكذلك على النمو السكاني السريع.
وقدّر البنك الدولي النمو السكاني السنوي لمصر عند 1.7 في المئة في عام 2021. وأشارت السلطات أيضاً إلى صدمات خارجية مثل جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا.
■ إلى أي مدى ساءت الأمور؟
ينمو الاقتصاد بشكل مُطَّرِد ولكن بوتيرة بطيئة. ووفقا للبنك المركزي، نما الاقتصاد 3.9 في المئة على أساس سنوي في الربع الأخير من عام 2022 وكذلك الربع الأول من عام 2023، انخفاضاً من 6.7 في المئة في السنة المالية 2021-2022. وأدى ارتفاع عدد السكان إلى إضعاف النمو، ويقول الكثير من المصريين أن مستوى معيشتهم تدهور.
وأدى النقص الحاد في الدولار إلى كبح الواردات، وتسبب في تراكم البضائع في الموانئ، وسط قيود على خطابات الاعتماد مع تداعيات على الصناعة المحلية.
وارتفعت أسعار العديد من المواد الغذائية الأساسية بوتيرة أسرع بكثير من معدل التضخم في المدن المصرية، الذي تسارع إلى معدل قياسي بلغ 38 في المئة في سبتمبر/أيلول.
وانخفض الجنيه بمقدار النصف مقابل الدولار منذ مارس/آذار 2022. وعلى الرغم من التخفيضات المتكررة في قيمة العملة، يبلغ سعر الدولار حوالي 49 جنيهاً مصرياً في السوق السوداء مقارنة بسعر رسمي يبلغ 31 جنيها.
كما أن جدول سداد مدفوعات الديون الخارجية ثقيل. فهناك 42.26 مليار دولار تستحق في عام 2024 وحده، منها 4.89 مليار لـ»صندوق النقد الدولي».
وأدى ارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملة إلى زيادة تكلفة خدمة الديون. وتفيد بيانات وزارة المالية بأن مدفوعات الفائدة ابتلعت أكثر من 45 في المئة من إجمالي الإيرادات في العام المنتهي في آخر يونيو/حزيران.
وصنفت البيانات الرسمية نحو 30 في المئة من السكان على أنهم فقراء قبل جائحة كوفيد-19، ويقول محللون إن الأعداد ارتفعت منذ ذلك الحين. وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 60 في المئة من مواطني مصر البالغ عددهم 104 ملايين نسمة يعيشون تحت خط الفقر أو بالقرب منه.
ومع أن البطالة هبطت إلى ما يزيد قليلا عن سبعة في المئة، لكن المشاركة في سوق العمل انخفضت أيضاً بشكل مطرد في العقد المنتهي عام 2020. يضاف إلى ذلك أن بعض جوانب نظام التعليم الحكومي في حالة انهيار. ويسعى الكثيرون من الخريجين للعمل في الخارج إذا أتيحت لهم الفرصة.
■ كيف تُنفق الأموال؟
إلى جانب الإنفاق على المصروفات العادية، أنفقت مصر الكثير على البنية التحتية في عهد السيسي. ويشمل ذلك الإسكان وعدداً من المدن الجديدة وشق طرق سريعة. وأبرز المشروعات الضخمة هو إقامة العاصمة الإدارية الجديدة في الصحراء شرقي القاهرة بتكلفة 58 مليار دولار.
كما ارتفعت واردات مصر من الأسلحة خلال العقد المنصرم، مما جعلها ثالث أكبر مستورد على مستوى العالم، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
ويقول المسؤولون إنهم زادوا الإنفاق على البرامج الاجتماعية للفقراء، بما في ذلك برنامج منح نقدية يغطي نحو خمسة ملايين أسرة، لكن البعض يقولون إن المزايا الاجتماعية غير كافية لحماية مستويات المعيشة.
■ من أين سيأني الدعم الذي يمكن لمصر التعويل عليه؟
تنظر الدول الغربية والخليجية على نطاق واسع إلى مصر في عهد السيسي باعتبارها العمود الفقري للأمن في المنطقة المضطربة.
وتلقت القاهرة ودائع واستثمارات بمليارات الدولارات من حلفائها في الخليج، مثل السعودية والإمارات، بعد الصدمة التي أحدثها الغزو الروسي لأوكرانيا.
لكن دول الخليج العربية شددت شروطها لضخ أموال جديدة، وتبحث بشكل متزايد عن استثمارات تدر عائداً. وعلى الرغم من أنهم أبدوا تضامنهم مع مصر منذ اندلاع أزمة غزة، لم يتم الإعلان عن أي مساعدات جديدة.
ويجري صندوق النقد محادثات مع مصر لتوسيع حزمة دعم مالي مدتها أربع سنوات بقيمة ثلاثة مليارات دولار تم التوقيع عليها في ديسمبر/كانون الأول 2022. وكان الصندوق قد أوقف تقديم الدفعات بعد تخلف مصر في تنفيذ تعهداتها باعتماد سعر صرف مرن وتقليص دور الدولة والجيش في الاقتصاد.