الإحتلال تعمّد قتل المستوطنين في 7 أكتوبر لمنع احتجازهم كرهائن

السياسي – مع مرور الوقت، تتكشف العديد من الحقائق التي كانت غائبة أو مسكوت عنها. وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، عن أن أحد أسباب ارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين في هجوم طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان بسبب قصف الجيش الإسرائيلي نفسه لأماكن التجمعات دون تفرقة بين المستوطنين وأفراد المقاومة الفلسطينية.
وبالرغم من حالة التخبط التي كانت سائدة في الأيام الأولى للهجوم، وما تبعه من محاولات توجيه الإعلام الإسرائيلي في اتجاه الحشد، إلا أن هذا الأمر بدأ يتراجع الآن، ولعل أبرز هذا الأمر هو تراجع الاحتلال الإسرائيلي عن العدد المعلن لقتلاه في طوفان الأقصى إلى 1200 قتيل، بعد أن روّج لعدة أسابيع أن عددهم يبلغ 1400 قتيل، معلنا أن «200 من الذين جرى إحصاؤهم كضحايا إسرائيليين كانوا في الواقع من مقاتلي حماس».. الذين استشهدوا في ذلك اليوم.
وبحسب موقع thegrayzone، فإنه ربما قامت إسرائيل بترويج صور جثث مقاتلي حماس المتفحمة لجمهورها والعالم على أنهم إسرائيليين كدليل على «وحشية حماس».
وقال عضو الفريق الأمني لمستوطنة بئيري، توفال إسكابا، في تصريحات لصحيفة هآرتس إنه أنشأ خطا ساخنا للتنسيق بين سكان المستوطنة والجيش الإسرائيلي، مضيفا «اتخذ القادة الميدانيون قرارات صعبة، بما في ذلك قصف المنازل على ساكنيها من أجل القضاء على المقاتلين والرهائن».
وذكرت الصحيفة العبرية أن القادة الإسرائيليين «اضطروا إلى طلب غارة جوية ضد منشآتهم داخل معبر إيريز إلى غزة من أجل صد مقاتلي حماس الذين سيطروا على المنطقة»
وأوضح تقرير thegrayzone أنه على الرغم من كل الإثارة التي أحاطت بأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، عندما اخترقت حماس سياج غزة واستولت على الأراضي في غلاف غزة كجزء من عملية طوفان الأقصى، إلا أنه ما زال هناك الكثير مما لا نعرفه.
وتشير شهادات بعض الناجين من الهجوم إلى تفسير لارتفاع حصيلة القتلى الإسرائيليين، وهو أن قادة جيش الاحتلال في حماستهم لهزيمة حماس، «ربما استهدفوا الجنود والمدنيين الإسرائيليين وضحوا عن طيب خاطر بهم في تبادل إطلاق النار».
وفي نفس السياق خرج الكاتب الصحفي الأميركي، ماكس بلومنثال، ليؤكد أن جيش الاحتلال قام بقصف المنازل في مستوطنة بيئري بالمدفعية، وبالمروحيات في مهرجان نوفا الموسيقي، فقتل مواطنيه ومن بينهم الأطفال وقام باستخدام صور القتلى في الدعاية ضد حماس. وكان بلومنثال يتحدث إلى الصحفي والمراسل العسكري الأميركي، كريس هيدجز، الذي استضافه في حوار لإزاحة الغموض حول عدة أمور، ومن بينها ارتفاع أعداد القتلى الإسرائيليين.
وأوضح هيدجز نفسه إن هناك أدلة متزايدة على أنه خلال عمليات القتال الفوضوي الذي حدث بمجرد دخول مقاتلي حماس إلى إسرائيل، قرر الجيش استهداف تلك المواقع، التي تضم ليس مقاتلي حماس فحسب، بل محتجزين إسرائيليين معهم.
وقال بلومنثال إن الجيش الإسرائيلي ورئيس الوزراء نتنياهو، يعيدون تدوير الفظائع التي ارتكبت في 7 أكتوبر، كما أنهم يقدمون خداعًا جديدًا لمحاولة إبقاء عدسة وسائل الإعلام مركزة على 7 أكتوبر الآن بعد أن بدأت في التركيز على الرعب الذي تسببوا به في غزة.
وأضاف إن «قصص الأطفال المحروقين في الأفران، والأطفال المقطوعين من أرحام أمهاتهم على يد ما يسمى بإرهابيي حماس، وقصص الاغتصاب، والاغتصاب الجماعي، ليست إلا أكاذيب تم نسجها».
وتابع: «ما تمكنت من تحديده من خلال الشهادات، بالإضافة إلى التحليل الأساسي والمرئي للصور التي طرحها وزير الخارجية الإسرائيلي ووزارة الخارجية ومكتب رئيس الوزراء، هو أن إسرائيل استخدمت القوة غير المتناسبة مع مواطنيها من أجل ضرب مقاتلي حماس».
واستشهد بلومنثال بتقرير هآرتس، الذي ألقى الضوء على قصف معبر إيرز، وأن الجيش الإسرائيلي أطلق صواريخ «هيلفاير» من مروحيات الأباتشي صوب المعبر.
وتابع: «مروحيات أباتشي إسرائيلية انطلقت في الصباح. بدأ الهجوم حوالي الساعة 6:00 صباحًا، وبحلول الساعة 10:30 صباحًا، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية، كانت جميع فرق النخبة التابعة لحماس قد غادرت بالفعل، بحلول تلك اللحظة، كان هناك سربان من طائرات الهليكوبتر من طراز أباتشي قد تم إرسالهما، ولم يكونوا حتى بكامل قوتهم حتى الساعة 12:00 ظهرًا. إذًا لديك عمل عند معبر إيرز، ثم لديك كيبوتس بئيري، وهو الموقع الذي سجل أكبر عدد من الضحايا من غير المقاتلين».
وأردف: «لقد أحصيت ما يقرب من 150 من بين عدد القتلى… ومعظمهم لم يكونوا جنودا، هؤلاء هم الأشخاص الذين وقعوا في مرمى النيران، وحاول مسلحو حماس أسرهم، وكانت هناك مواجهات في منازلهم. وبحلول الوقت الذي وصلت فيه القوات الخاصة الإسرائيلية، كانت العديد من تلك المواجهات قد انتهت أو أنهتها ببساطة عن طريق قصف منازل الناس بالدبابات».
وأشار إلى تصريحات إحدى الناجيات من حفل نوفا الموسيقي الذي هاجمته حماس، وتدعى ياسمين بورات، وروت للإذاعة الإسرائيلية أنه عندما وصلت طائرات الجيش بدأت بإطلاق النار على الجميع، ومعظم المحتجزين إلى جانب مسلحي حماس وقعوا في مرمى النيران، والجميع قُتلوا ـ باستثنائها وأسرتها».
واستطرد: «لقد شاهدت صديقها، يتعرض لإطلاق النار من قبل القوات الإسرائيلية، ثم قاموا بإلقاء قذيفتي دبابة على المنزل الذي كانت فيه»، متابعا «لذا، إذا نظرت إلى صور مستوطنة بئيري فستجد أنها تشبه المنازل التي رأيتها في غزة، أو ربما تكون قد رأيتها تعرضت لقصف الدبابات والمدفعية الإسرائيلية.. من غير الممكن أن يكون بمقدور مسلحي حماس أن يلحقوا هذا القدر من الضرر الهيكلي بهذه المستوطنة بأكملها باستخدام الأسلحة الصغيرة التي كانوا مجهزين بها؛ كلاشينكوف وبعض قذائف آر بي جي».
كذلك أشار إلى تقرير قناة I24 الإسرائيلية التي ذهب مراسلها إلى المستوطنة في جولة وقال إنه شاهد آثار الدبابات في كل مكان.
كما لفت الصحفي الأميركي إلى آثار الدمار الموجودة في معبر إيرز، مشيرا إلى أن المقاطع أظهرت أضرارًا هيكلية جسيمة لحقت بسقف المعبر، ما يشير إلى استخدام المروحيات في قصفها، متابعا: «لدينا طيارو مروحيات أباتشي ذكروا في شهاداتهم أنه ليس لديهم معلومات استخباراتية. ولا توجد طريقة للتمييز بين المدني والمقاتل على الأرض، ومع ذلك طلب منهم تفريغ ذخيرتهم بالكامل ثم العودة إلى القاعدة لإعادة التلقيم وتعبئة خزانات السلاح».
ولفت إلى أنه تم تجاهل هذه الشهادات تمامًا من قبل وسائل الإعلام الغربية، متسائلا: «هل تم تشجيعهم على قتل المحتجزين أو إطلاق النار على السيارات التي اعتقدوا أنها تحتوي على محتجزين؟ نحن لا نعرف. ما نعرفه هو أنه كانت هناك أوامر من الأعلى بقتل المدنيين الإسرائيليين إذا كان مسلحو حماس حولهم من أجل القبض على المسلحين».
ووصف الأمر بأنه مشابه لما يحدث في غزة، قائلا: «الأمر أشبه بنفس العقيدة العسكرية المستخدمة في غزة، وهي أن أي مدني يعتبر هدفًا إذا كان مجاورًا لهدف مسلح، وهذا ما تسميه إسرائيل (سياسة الجوار).. ولا يعرفون أي عقيدة أخرى».
وحول استهداف مهرجان نوفا الموسيقي، قال «كان هناك الكثير من إطلاق النار بين حراس أمن المهرجان والمسلحين، وقُتل الكثير من الأشخاص، لكن الكثير من الناس كانوا يفرون من المهرجان بالسيارة. ويوجد مقطع فيديو لبعض مسلحي حماس وهم يوقفون السيارات ويطلقون النار على الناس. ولكن بعد ذلك، لديك كل هذه الصور التي أخرجتها وزارة الخارجية الإسرائيلية من سيارات منصهرة بالكامل، وجثثها متفحمة بداخلها. وتلك بالنسبة لي هي علامات منبهة لضربات صاروخية من طراز هيلفاير من مروحيات أباتشي».
غزة تواجه الإبادة
ولليوم الـ 45 على التوالي، يواصل الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، منذ أن بدأ في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، بعد قيام المقاومة الفلسطينية بتنفيذ عملية طوفان الأقصى، بمنطقة غلاف غزة داخل العمق الإسرائيلي.
وتتواصل الغارات التي تشنها مقاتلات الاحتلال ضد منازل المدنيين العزل، بجانب استهداف المستشفيات والمساجد والكنائس والمدارس، ما أدى إلى ارتقاء آلاف الشهداء والجرحى.
وكانت وزارة الصحة في قطاع غزة قد أعلنت في آخر إحصاء لها ارتفاع حصيلة الشهداء منذ بدء العدوان إلى أكثر من 13000 شهيد.