قطاع النقل العام الأمريكي يعاني من ركود حاد بسبب كوفيد-19
السياسي-وكالات
لم يكن قطاع النقل العام في الولايات المتحدة في أفضل أيامه قبل تفشي وباء كوفيد-19 أمام منافسة السيارات، لكن مذّاك تضاعف التحدي، إذ يواجه القطاع مخاوف الاضطرار إلى تسريح المزيد من العمال وتقليص عرضه.
ففي أحد صباحات الشهر الجاري، وفي ما يفترض أن يكون ساعة الذروة في مترو واشنطن كان هناك أربعة أشخاص فقط يجلسون داخل القطار.
ومنذ أن بدأ انتشار الوباء في مارس/آذار الماضي لم يعد أحد مضطراً في الواقع غلى الوقوف داخل عربات المترو كما جرت العادة بسبب الاكتظاظ.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي كانت نسبة التنقل في مترو العاصمة الفدرالية أدنى بنسبة 85.5% مما كانت عليه في الشهر المناظر من عام 2019.
وخلال عامين، يفترض أن يكون التنقل عبر المترو يساوي فقط ثلث ما كان عليه سابقاً، حسب توقعات هيئة النقل في واشنطن.
ومن أجل التأقلم مع هذا الواقع، تدرس الهيئة تقليصاً كبيراً في شبكة الحافلات، وتوسيع فترة الوصول بين مترو وآخر إلى 30 دقيقة، وإغلاق 19 محطة، وتسريح موظفين. لكنها علّقت هذا المشروع حتى الآن.
في كافة أنحاء الولايات المتحدة، كان للوباء «أثر كبير على الميزانيات (…) لأن استخدام المترو قد تراجع كثيراً» كما يشرح بول سكوتيلاس مدير جمعية النقل العام الأمريكية، الذي يشير إلى تراجع متوسط عدد التنقلات في شبكات المترو بنسبة 76% في الفصل الثاني وحتى 90% في بعض الشبكات.
وحاليا لا تزال مراكز المدن في البلاد حتى الآن مهجورةً تقريباً مع 17 مليون أمريكي عاطل عن العمل ومدارس لم تفتح أبوابها حتى الآن.
فالعاصمة واشنطن، مقر السلطة السياسية والعديد من المنظمات الدولية، ليست إلا شبح ما كانت عليه في السابق، بعدما خلت من آلاف المحامين والاقتصاديين والناشطين الذين يعملون الآن من بيوتهم.
وفي نيويورك حيث لا يملك العديد من السكان سيارات، انخفض عدد من يقصدون المترو بنسبة 70% أواخر الشهر الماضي مقارنةً بالعام الماضي، وفق بيانات هيئة النقل الخاصة في المدينة.
ويوضح سكوتيلاس أن «المدن الكبرى تلفت انتباهاً أكثر (…) لا شكّ أن نيويورك وواشنطن وبوسطن وشيكاغو وفيلادلفيا وسان فرانسيسكو، كلها تضررت بشكل كبير، كبير جداً».
ويضيف «لكن الأمر طاول البلد بأكمله (…) من مدن صغرى وكبرى». ففي كانساس سيتي على سبيل المثال، المدينة الواقعة في وسط الولايات المتحدة والتي يبلغ عدد سكانها 450 ألف نسمة، لم يستخدم المترو إلا 46 ألف شخصاًفي ديسمبر/كانون الأول 2020، أي أقل كثيراًعن 162 ألف شخص قصدوا الترام في الشهر المقابل من عام 2019، وفق هيئة النقل في المدينة.
ولتفادي تسريح عمال وتخفيض العروض، يحتاج قطاع النقل العام في الولايات المتحدة 39،3 مليار دولار على ثلاث سنوات، حسب تقديرات جمعية النقل العام الأمريكية.
وهذا ما يوازي ضعف 20 مليار دولار خصصها الرئيس جو بايدن للقطاع في خطة الإنعاش التي يأمل أن يتبناها الكونغرس سريعاً. وحصل القطاع على 25 مليار دولار أصلاً في مارس/آذار من عام 2019، ثم 14 ملياراً في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتعلّق الآمال حالياً على الاستثمارات في البُنى التحتية للنقل والطاقة الخضراء، التي وعد بها جو بايدن من أجل دعم الاقتصاد.
وتعهد وزير النقل بيت بوتجيغ، وهو رئيس بلدية سابق، بأن يكون إلى جانب المسؤولين المحليين في المدن والبلدات.
وسط الخشية من عودة الازدحام إلى مستوياته السابقة، يقول سكوتيلاس «لا أحد يملك كرة سحرية» للتنبؤ، لكنه يُطمئِّن إلى أنه «من المرجح أن 20% من الأشخاص قرروا العمل من المنزل، ربما لبضعة أيام في الأسبوع».
وهذه حال تيا براين، التي تقطن في ضاحية في واشنطن. فهي تركب المترو كل الأيام للذهاب إلى مكتبها لمدة ساعة صباحاً وساعة مساء، ثلكن الوباء أرغمها على العمل من البيت.
وحينما عادت إلى العمل، كان المترو يعمل بطاقة مُخفَّضة. وفي المقابل، كانت حركة مرور السيارات سلسة، وأصبحت مواقف السيارات مجانية موقتاً في المدينة.
وتقول براين التي تعمل مساعدة إدارية منذ 50 عاماً، أنها بدأت عملاً جديداً مؤخراً، وأصبحت بحاجة إلى سيارة للتنقل.
هل ترى نفسها من جديد في المترو؟ تجيب المرأة «يمكن أن أتخيل ذلك (…) إذا ما عادت الأمور إلى طبيعتها» أي إذا ما عاد الازدحام وأصبحت مواقف السيارات مُكلفة من جديد.