هل تنهار اتفاقات التطبيع مع الاحتلال وسط تراجع الدور الأمريكي

السياسي – نشر موقع “موند آفريك” الفرنسي تقريرًا تحدث فيه عن نسف النهج الدبلوماسي الذي تتبعه إدارة جو بايدن للتحالف العربي الإسرائيلي الذي تشكل أثناء رئاسة سلفه دونالد ترامب.
وقال الموقع، في تقرير إن الولايات المتحدة منذ فترة رئاسة باراك أوباما تركت انطباعًا بمحاولة مغادرة الشرق الأوسط، ما فتح الباب أمام العديد من التساؤلات، أهمها عن ما إذا كانت الولايات المتحدة لا تعرف رغبة إيران في امتلاك أهمية أو أن تنامي القوة الصينية يمنعها من تشتيت قواها في جميع أنحاء العالم.
ويضيف الموقع أنه منذ انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة؛ فقد نأى جو بايدن بنفسه عن الحلفاء التقليديين لبلاده، السعودية وكيان إسرائيل، محاولا فك عقدة العلاقات الإيرانية الأمريكية. وفي بداية الشهر الجاري، أبدت الرياض استعدادا لتوقيع معاهدة سلام مع كيان إسرائيل والانضمام إلى اتفاقيات أبراهام شريطة تولي الولايات المتحدة ضمان أمنها الذي تهدده إيران وتقديم المساعدة لها في بناء برنامج نووي مدني فضلا عن تزويدها بالأسلحة دون قيود.
التحول السعودي الكبير
في الحقيقة، فإنه وفقًا للموقع؛ تحتاج اتفاقات أبراهام، التي زعمت إدارة ترامب أنها تؤسس لمجتمع مصالح بين الدول العربية وكيان إسرائيل هدفه الأول مقاومة الإمبريالية الإيرانية، إلى توقيع السعودية لأنه التوقيع الذي يضفي عليها أهمية. في المقابل؛ لم تتول إدارة بايدن المصادقة على اتفاقيات أبراهام متجاهلة الطلب السعودي دون عرض بدائل عليها والتزمت الصمت حيال ذلك، معتبرة أن المطالب الأمنية السعودية لاغية وباطلة.
وأوضح الموقع أنه نتيجة ذلك؛ فقد اعتبرت الرياض عدم رد واشنطن استخفافًا بها وتصرفت بحسب ما تمليه عليها مصالحها. ففي أوائل آذار/ مارس من السنة الجارية؛ أعلنت إيران والمملكة العربية السعودية استئناف العلاقات الدبلوماسية بوساطة الصين، التطور الذي قض مضجع الولايات المتحدة.
وأفاد الموقع بأن استئناف العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية ألغى احتمال الانضمام إلى تحالف مناهض لإيران والاصطفاف إلى جانب كيان إسرائيل.
وينقل الموقع عن الخبير في شؤون السياسة الخارجية الأمريكية، وليد فارس، قوله إن الدول العربية فوجئت بحقيقة تختلف عن اعتقادهم المتمثل في أن إدارة بايدن سوف تكثف اتفاقيات أبراهام كأداة مناهضة لإيران في وقت يحاول فيه الرئيس الأمريكي نيل رضا طهران.
وتابع فارس قائلًا: “في سنة 2021، بينما صادق التحالف العربي على خطة حرب مع إيران، فقد سعت إدارة بايدن إلى تحقيق السلام مع طهران”.
من جانبه، نقل الصحفي الإسرائيلي خالد أبو طعمة عن المحلل السياسي اللبناني جبران الخوري، أن إدارة بايدن أرادت الانسحاب من الشرق الأوسط للتركيز على مواجهة الصين في الشرق الأقصى. لكن بعد عامين؛ سمحت المملكة العربية السعودية للصين بدخول الشرق الأوسط من الباب الكبير. وعليه، فقد أتت خطة مغادرة الشرق الأوسط بنتائج سلبية على الولايات المتحدة، التي لم تدرك أن المواجهة مع الصين مواجهة عالمية وأن هجرها الشرق الأوسط يعزز فرص الصين للسيطرة على العالم؛ ونتيجة التقدير الخاطئ للوضع فقد بدأت اتفاقيات أبراهام في التفكك.
وأورد الموقع أن الدول العربية تتقرب بشكل تدريجي اليوم من إيران ويتجلى ذلك في الزيارة التي أداها أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني إلى الإمارات العربية المتحدة في السادس عشر من الشهر الجاري، والتي ذكر خلالها أن الرحلة تمهد لمرحلة جديدة من العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بين الإمارات وإيران. ورغم اعتقاد الإمارات بأن إيران تهدد استقرارها وأمنها الإقليمي فإن مصالحها دفعتها سنة 2019 إلى تعزيز الروابط الاقتصادية في قطاع الطاقة. وعليه، فإن من المرجح تسجيل تطور للعلاقات الإيرانية الإماراتية في المستقبل القريب.
إلى جانب ذلك؛ فقد خفضت البحرين – التي اتهمت إيران في العديد من المناسبات بدعم الانتفاضة الشيعية للإطاحة بحكومة المنامة – من اتهاماتها بعد زيارة مسؤول إيراني رفيع المستوى، المنامة، وتطرق الجانبان إلى مسألة إعادة الروابط الجوية التجارية وفتح السفارات.
وفي ما يتعلق بمصر؛ فإن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية نصير كنعاني، ذكر في السادس عشر من آذار / مارس أن طهران تسعى إلى تحسين علاقاتها مع مصر. وفي تموز / يوليو من السنة الماضية خلال محادثات ثنائية مع مصر والأردن، أكدت القاهرة لطهران أنها لن تدعم أو تشارك في أي تحالف عسكري إقليمي ضدها.