الخنافس تغزو شوارع وشواطئ بريطانيا..

والسكان يحتمون في سياراتهم

السياسي-

في مشهد غير مألوف، اضطر آلاف البريطانيين إلى الاحتماء داخل سياراتهم ومنازلهم هربًا من غزو مفاجئ لملايين الدعاسيق (الخنافس الحمراء المرقطة بالأسود)، التي اجتاحت المدن والبلدات في أنحاء متفرقة من البلاد، خصوصاً في المنتجعات الساحلية مثل “ويستون-سوبر-مار”.

وحوّلت الحشرات الزاحفة الشواطئ إلى ما يشبه الكارثة البيئية المصغّرة، حيث غطّت كل سطح متاح، من المظلات وعربات الأطفال، إلى طعام المتنزهين أنفسهم. ووصل الأمر إلى تعليق مؤقت لمباراة كريكت بين إنجلترا والهند في ملعب “لوردز”، بعدما تدخلت الخنافس في مجريات اللعب، بحسب ما نقلته صحيفة “ديلي ميل”.

مشهد يذكّر بصيف 1976

وبحسب خبراء البيئة، تُعدّ هذه الظاهرة الأكبر منذ “غزو الخنافس” الشهير عام 1976، ويرجّح العلماء أن موجة الحر الأخيرة – التي بلغت ذروتها 34.7 درجة مئوية – ساهمت في تسريع دورة حياة هذه الحشرات، وزيادة تكاثرها بشكل غير معتاد.

وأوضح البروفيسور ستيوارت رينولدز، أستاذ علم الحشرات بجامعة باث، أن الطقس الحار والجاف أدى إلى انخفاض أعداد حشرات المن التي تُعد غذاءً رئيسياً للدعاسيق، ما دفعها للبحث عن مصادر غذاء بديلة في المناطق السكنية والساحلية.

وقال: “الظروف الجوية الاستثنائية الأخيرة أخلّت بتوازن البيئة، فبينما تراجعت أعداد حشرات المن، ازدهرت الدعاسيق بلا غذاء كافٍ، مما دفعها للانتشار بحثاً عن مصادر جديدة”.

الخنافس ليست وباءً!

رغم فوضى المشهد، حاول العلماء طمأنة السكان، مؤكدين أن الدعاسيق ليست ضارة، ولا تُسبب سوى لدغات نادرة وغير مؤلمة نسبياً. ودعا البروفيسور رينولدز إلى “الاحتفاء” بالخنافس، واصفاً إياها بـ”المفيدة والرائعة”، قائلاً: “وجودها أفضل من رش المبيدات، فهي تسيطر على الآفات طبيعياً”.

كما أكدت البروفيسورة هيلين روي، من مركز المملكة المتحدة لعلم البيئة والهيدرولوجيا، أن “الخنافس محبوبة جداً، ونتمنى أن يستمتع الناس بمشاهدتها، فهي تلعب دوراً هاماً في الحفاظ على التوازن البيئي”.

الدبابير تدخل على الخط

وبينما تكافح بريطانيا لمواكبة أسراب الخنافس، حذّر خبراء آخرون من موجة ثانية من الحشرات قادمة، وهذه المرة من الدبابير. إذ كشف أندرو ديلبريدغ، خبير مكافحة الآفات في نورفولك، عن أن المملكة المتحدة تشهد “انفجاراً سكانياً” للدبابير هذا الموسم، بسبب استيقاظها المبكر من السبات بفضل شمس الربيع.

وتوقّع ديلبريدغ أن تشهد البلاد أعشاشاً ضخمة بشكل غير مسبوق بحلول الخريف، مشيراً إلى أن “ما كنا نراه عادة في سبتمبر أو أكتوبر، نشهده الآن بالفعل، والموسم لم ينتهِ بعد”.

من جهتهم، تداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة “تيك توك”، مقاطع فيديو توثق الزحف الجماعي للدعاسيق، بينها مشهد لامرأة تغطيها الخنافس بالكامل مع تعليق ساخر: “اعتبروا هذا إشارة بعدم الذهاب إلى الشاطئ اليوم”.

وبين الاحتفاء والهلع، يبدو أن بريطانيا تعيش صيفاً استثنائياً تحكمه حشرات صغيرة، لكنها ذات تأثير كبير على الحياة اليومية، وربما على وعي الناس بأهمية التوازن البيئي أيضاً.