الشرعية الفلسطينية… بين عبث المتفلسفين وثبات الإرادة الوطنية

بقلم: م.محمد علي العايدي

في الآونة الأخيرة، خرجت بعض الأصوات عبر منابر إعلامية صفراء لا تملك من المهنية إلا لونها الباهت، تحاول التدخل في الشأن الفلسطيني وتقديم نفسها وصيًّا على إرادة شعبٍ ناضل وقدم التضحيات الجسام. هؤلاء “المتفضلون” على الحقيقة زورًا، راحوا يرددون ادعاءات بالية من قبيل أن “السلطة تفقد شرعيتها” وأن “الشعب الفلسطيني في واد وقيادته في واد آخر”، متجاهلين عن عمد الحقائق الوطنية والواقع السياسي والاجتماعي للشعب الفلسطيني.

أولاً: الشرعية ليست وجهة نظر

الشرعية الفلسطينية ليست هدية من أحد، ولا شهادة حسن سلوك تمنحها العواصم أو الأبواق الإعلامية. إنها شرعية متجذرة في إرادة الشعب الفلسطيني، الذي اختار قيادته عبر مؤسساته الوطنية، وفي مقدمتها منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في الوطن والشتات.

أولئك الذين يزايدون على الشعب الفلسطيني لا يدركون حقيقة بسيطة:
القيادة الفلسطينية تستمد قوتها من عمقها الشعبي، وليس من صفحات الإعلام المأجور أو صالونات التحليل الرخيص.

ثانياً: الضغوط الأمريكية – الإسرائيلية… ووعي الفلسطيني

ما تتعرض له القيادة الفلسطينية من ضغوط سياسية واقتصادية وأمنية ليس خافيًا على أحد. فالإدارة الأمريكية، بضغط وإملاء صهيوني مباشر، تسعى دومًا إلى فرض رؤيتها على القرار الفلسطيني، محاولةً إملاء شروط تتناقض مع حقوق شعبنا الثابتة.

ورغم ذلك، أثبتت القيادة الفلسطينية أنها قادرة على الصمود، وأنها تدير معركتها السياسية بشجاعة ووعي، رافضة أن تكون أداةً في مشروع يستهدف تصفية القضية الفلسطينية.

والأهم من ذلك: شعبنا يدرك هذا تمامًا، ويقدّر حجم الإجحاف ومحاولات الابتزاز التي تمارس على قيادته.

ثالثاً: الشعب الفلسطيني… وحدةُ موقفٍ وصمود

منذ النكبة وحتى اليوم، لم ينكسر الشعب الفلسطيني، ولم يتخلَّ عن قيادته الوطنية في أحلك الظروف. والآن، في مواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر وسياسات التهويد والاستيطان، يقف الشعب الفلسطيني بكل مكوناته خلف قيادته الشرعية؛ قيادةٍ تحمل المشروع الوطني وتحافظ على الهوية والحقوق والثوابت.

إن الالتفاف الشعبي ليس مجرد موقف عاطفي، بل هو وعيٌ متجدد بأن المعركة السياسية تحتاج إلى قيادة موحدة تحظى بشرعية وطنية وتاريخية.

رابعاً: رسالة إلى المتطاولين

لكل من يحاول المتاجرة بالشأن الفلسطيني أو تقديم “نصائح” مسمومة عبر منابر مأجورة:
الشرعية الفلسطينية ليست معروضة للمزاد، ولا تُقاس بمعايير أعداء الشعب الفلسطيني أو المرتبطين بهم.

الشعب الفلسطيني يعرف قيادته، ويقف معها، ويعي تمامًا حجم ما تواجهه من ضغوط تُمارس عليها لأنها ترفض التخلي عن الثوابت أو الرضوخ للإملاءات.

يبقى الشعب الفلسطيني، رغم الجراح والتحديات، متمسكًا بقيادته الشرعية ومؤسساته الوطنية. ولن يستطيع أحد — مهما حاول — أن يشق الصف الوطني أو أن يشوه الإرادة الجماعية لهذا الشعب العظيم.

فلسطين لن تكون ساحة عبث لأصحاب الصوت العالي والخطاب الفارغ، بل ستظل ساحة نضال وصمود وشرعية تُستمد من الأرض والدم والقرار الوطني الحر.