رسائل الذرائع تفضح نتنياهو

عمر حلمي الغول

أزمة قضايا فساد وسوء ائتمان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتواصلة منذ 10 سنوات، التي شرعت المحكمة الإسرائيلية المداولات بشأنها طيلة السنوات ال 6 الماضية، وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب طلب العفو عن رئيس الائتلاف الحاكم في خطابه امام الكنيست الإسرائيلي في 13 تشرين اول / أكتوبر الماضي، ثم اعقبها بإرسال رسالة رسمية الى الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ في مطلع شهر تشرين ثاني / نوفمبر الماضي طالب فيها العفو عن المتهم بقضايا الفساد، واعتبرها ذات خلفيات سياسية، تستوجب القفز عنها، بعد أن حقق نتنياهو حسبه “إنجازات في حرب العامين” على قطاع غزة وفلسطين عموما، وتقديرا من رئيس الحكومة الإسرائيلية لتأثير طلب الرئيس الأميركي على الرئيس الإسرائيلي قدم أول أمس الاحد 30 تشرين ثاني / نوفمبر الماضي طلبا بالعفو عن شخصه، بذرائع واهية لا أساس لها من الصحة، منها الحرص على توحيد الشعب وتعزيز صلابة الدولة، وادعى أن مصلحته الشخصية باستمرار المحاكمة، حتى تتم براءته، وافترض حدوث تطورات استثنائية في الشرق الأوسط، وأشار الى ان العفو سيسمح له بالتعامل مع النظام القضائي والاعلام، ورئيس البلاد هو المخول بمنح العفو لحماية مصالح البلاد، وضرب مثال الرئيس الأميركي الأسبق نيكسون حصل على العفو قبل ان يدان، فضلا عن الإنجازات الكبيرة التي حققها خلال مسيرته في حكم البلاد.
وعلى إثر ذلك حول الرئيس الإسرائيلي طلب العفو الى الجهات القانونية لدراسته، وإعطاء رأيها القانوني بشأنه، ثم يحال الى المستشارة القانونية لمكتب الرئيس وفريقها لإعداد رأي إضافي، وبعد ذلك يرفع طلب للمحكمة العليا للبت في العفو من عدمه. ووفق مصادر إعلامية إسرائيلية، فإن الرئيس هرتسوغ في ضوء عدم اعتراف نتنياهو بالتهم الموجهة له، وعدم الاعتذار عن فساده وسوء ائتمانه، اقترح ان يقبل رئيس الحكومة بتقديم موعد الانتخابات العامة. وحتى الان لم يصدر مكتب نتنياهو موقفا من المقترح.
أضف الى ان المعارضة، رفضت منح الرئيس العفو عن رئيس الوزراء، الى إذا وافق على اعتزال السياسة والخروج من المشهد السياسي كليا، ودحضت ادعاءاته فيما يتعلق ب “الحرص على وحدة الشعب والبلاد”، لأنه كان ومازال عنوان انقسام الشعب وإسرائيل عموما، وأدخلها في أزمات حادة، كما انه من وجهة نظرها (المعارضة) فشل فشلا ذريعا مع ائتلافه الحاكم في الإبادة الجماعية على مدار عامي 2023 و2025، وكشفت عن بؤس حال الائتلاف الحاكم، حيث رفضوا تشكيل لجنة مستقلة لاستخلاص النتائج مما حدث في 7 أكتوبر 2023، وما تلاها من تداعيات خطرة هددت وحدة البلاد ومازالت حتى الان في حالة من التخبط والتعثر والفوضى، وبالتالي ما تضمنته رسالة محاميه عميت حداد، ورسالته (نتنياهو) كانت مجموعة من الأكاذيب، التي لا تستقيم مع الواقع الإسرائيلي المعاش.
كما ان استطلاعات الرأي الإسرائيلية خلال الساعات الماضية، خلصت الى ان 48% من الإسرائيليين رفضوا العفو عن رئيس الحكومة، و38% كانوا مع العفو، وهو ما يعكس عمق الانقسام داخل الشارع الإسرائيلي، وتلازمت الاستطلاعات مع مظاهرات امام بيت الرئيس الإسرائيلي طالبت أمس الاثنين الأول من كانون اول / ديسمبر الحالي برفض العفو عن رئيس الحكومة، أضف الى ان هناك تقديرات من قبل قانونيين إسرائيليين، بأنه في حال وافق الرئيس هرتسوغ على العفو عن رئيس الوزراء، فأن المحكمة العليا سترفض ذلك، وبالتالي من السابق لأوانه تحديد ما ستؤول اليه الامور في قادم الأيام داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث تحتدم عمليات الاستقطاب والتجاذب داخل الشارع الإسرائيلي.
لكن المؤكد، ان رسالتي المحامي حداد ورئيس الحكومة الفاسد نتنياهو الذرائعية، فضحت وعرت الحاكم بأمره، لأنها لم تتضمن حقيقة واحدة، بل كانتا مليئة بالأكاذيب والتلفيق والتضليل للشارع وللرئيس هرتسوغ. ولا اعتقد أن رسالة الرئيس الأميركي صاحب الولاية الرئيسية على إسرائيل، ستثني الشارع والمعارضة الإسرائيلية عن خيارها بعزل نتنياهو، وقد تقبل باقتراح رئيس الدولة كحل وسط، والمستقبل المنظور كفيل بالجواب.