السياسي- رويترز
تنوي شركات سعودية كبرى ضخ مليارات الدولارات في سوريا، في إطار نهج المملكة الموجه نحو الأعمال من أجل تعافي البلاد، لكن العقوبات الأمريكية، وتفكك أجهزة الدولة السورية، يشكلان عقبتين مهولتين.
وأكد الرئيس التنفيذي لمجلس الأعمال السعودي السوري عبد الله ماندو، أن من الشركات التي تتطلع إلى دخول السوق السورية، شركة أكوا باور السعودية، عملاق الطاقة المتجددة، وشركة الاتصالات السعودية إس.تي.سي. وأضاف أن الخطة تهدف إلى البدء بأساسيات الاقتصاد السوري الذي مزقته الحرب، بإعادة بناء البنية التحتية للطاقة، وقطاعي المال والاتصالات.
ومضى قائلًا لرويترز في الرياض هذا الأسبوع، في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي جمع قادة سياسيين ورجال أعمال عالميين، “الهدف هو جذب مليارات الدولارات من رأس المال الفعلي إلى سوريا في السنوات الخمس المقبلة”.
ولم ترد أكوا باور ولا شركة الاتصالات السعودية على طلبات للتعليق.
The Saudi-Syrian Business Council revealed that Saudi companies plan to invest billions of dollars in Syria over the next five years. They added that the US Caesar Act sanctions remain the last major constraint hindering Syria’s economic recovery. pic.twitter.com/XOqlwKu0fc
— Levant24 (@Levant_24_) October 31, 2025
عقوبات مشددة
وتعد الرياض محركاً رئيسياً لإعادة التواصل العالمي مع سوريا منذ أن أطاحت المعارضة المسلحة بالرئيس السابق بشار الأسد في العام الماضي، ما يخرج دمشق من فلك إيران، ويعيد تشكيل الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط.
وفي مايو (أيار)، استضافت المملكة، اجتماعاً تاريخياً بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، حيث أعلن ترامب أنه سيرفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا. لكن رغم الإعفاءات الواسعة، فإن الإجراءات الأشد صرامة، المعروفة بعقوبات قيصر، يجب إلغاؤها عبر الكونغرس الأمريكي حيث لا يزال المشرعون منقسمين بسبب هذه المسألة، ولكن من المتوقع أن يتخذوا قراراً قبل نهاية العام.
وقال ماندو إن قانون عقوبات “قيصر” هو “آخر قيد يخنق الاقتصاد السوري.قد تظل هناك استثمارات كبيرة ممكنة، لكن تحريك رؤوس الأموال، يظل أمرا صعبا”.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن إدارة ترامب تدعم إلغاء العقوبات على سوريا بموجب قانون قيصر عبر مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني، الذي يناقشه المشرعون الأمريكيون في الوقت الحالي. وأضاف المتحدث “الولايات المتحدة على تواصل منتظم مع شركائها في المنطقة، وترحب بأي استثمار أو مشاركة في سوريا بما يدعم إتاحة الفرصة لجميع السوريين في بناء دولة يسودها السلام والازدهار”.
ولم ترد وزارة الإعلام السورية على طلب للتعليق.
مليارات الدولارات
وقدّر البنك الدولي تكاليف إعادة إعمار سوريا بنحو 216 مليار دولار، بعد حرب أهلية استمرت 14 عاماً وخلّفت دماراً واسعاً في البلاد. وأعلنت السعودية في يوليو (تموز) استثمارات تفوق6 مليارات دولار في سوريا، بينها 2.93 مليار دولار لمشاريع العقارات والبنية التحتية، ونحو 1.07 مليار دولار لقطاع الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات.
وعقدت شركة الدرعية،المشروع السعودي الضخم الذي يُركز على تطوير موقع تاريخي في الرياض وجهة عقارية وسياحية، مناقشات هذا الأسبوع، مع مسؤولين سوريين حول دور محتمل لها في إعادة إعمار مواقع تاريخية في سوريا. وقال رجال أعمال سعوديون وسوريون إن الأموال السعودية قد تتدفق قريباً أيضاً إلى قطاعات الطيران المدني، والتعليم، والطب في سوريا، كما تُجري الرياض محادثات مع دمشق لإنشاء خط سكة حديد عبر الأردن.
ووقعت سوريا مذكرات تفاهم مع شركات قطرية، وإماراتية أيضاً، لإقامة مشاريع في قطاعي الطاقة، والبنية التحتية، لكن المسؤولين السوريين يقولون، إن الأموال الفعلية التي تسنى جمعها ضئيلة بسبب العقوبات وتعثر القطاع المالي في البلاد.
ويقول المسؤولون السعوديون، والسوريون إنهم واثقون من إلغاء عقوبات قانون قيصر، ويستعدون له. وقال ماندو، وهو واحد من 60 رجل أعمال سعودياً في مجلس الأعمال كثيرون منهم من أصول سورية “هناك رأس مال متاح كبير، وأعتقد أن حجم الإنفاق معدوم”.
رؤية 2030
يقول محللون إن رهان الرياض على سوريا مرتبط بالأوضاع الجيوسياسية، ولكنه يتماشى أيضاً مع رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان “رؤية 2030” لتنويع اقتصاد المملكة بعيداً عن الاعتماد على النفط. وقال عادل حمايزية، العضو المنتدب في شركة هايبريدج أدفيزوري: “يتماشى هذا النهج تماماً مع الهدف الأوسع لرؤية 2030، والذي لا يقتصر على التحول المحلي فحسب، بل يشمل تحويل المملكة إلى مركز للتواصل الإقليمي والعالمي”. وأضاف “إنه اعتراف بأن ازدهار المملكة وطموحاتها في تنويع اقتصادها، لا ينفصلان عن استقرار جيرانها واستعادة التكامل بينهم”.
وبحضور كبار صانعي المال ومديري الاستثمارات في العالم، منح ولي العهد السعودي الشرع، المولود في الرياض، فرصة التحدث من على منصة مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، الأربعاء الماضي، ما يمثل تحولاً كبيراً لزعيم جماعة كانت تقاتل منذ أقل من عام ضمن صفوف المعارضة في سوريا، إذ التقى بشخصيات عالمية بينها رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، وسمح بالتقاط صور سيلفي، مع أنصاره أثناء تجوله في قاعة مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار مساء الثلاثاء.
وقال الشرع للحضور إن سوريا اختارت طريق إعادة الإعمار من خلال الاستثمارات، وليس تلقي المساعدات.







