لندن تنتفض لغزة – الآلاف يشاركون في مسيرة ضد الإبادة

السياسي – شهدت العاصمة البريطانية لندن، اليوم السبت، واحدة من أضخم التظاهرات المؤيدة لفلسطين منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، في مشهد جماهيري ورسمي غير مسبوق من حيث الحجم والتنوع.

وتأتي هذه المظاهرة بدعوة من المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، بالشراكة مع تحالف دعم فلسطين وعدد من أبرز الحركات البريطانية المناهضة للحرب والتمييز، في إطار المسيرة الوطنية التاسعة والعشرين منذ أكتوبر 2023.

ويتصاعد الغضب الشعبي في المملكة المتحدة تجاه الموقف الرسمي البريطاني، الذي يُوصف بـ”الصامت والمتواطئ” مع الجرائم الإسرائيلية في غزة، إذ تواصل الحكومة البريطانية تصدير السلاح لإسرائيل وتوفير الحماية الدبلوماسية لها في المحافل الدولية، وسط مطالبات شعبية متزايدة بوقف هذا التواطؤ وفرض عقوبات فورية على دولة الاحتلال.

وانطلقت المسيرة من وسط لندن، وسط أجواء ماطرة وتحذيرات من فيضانات محتملة، مؤكدةً اتساع دائرة التضامن الشعبي مع الشعب الفلسطيني، حيث شاركت فيها قوى يسارية ونقابات عمالية واتحادات طلابية، إلى جانب أصوات فنية وإعلامية وسياسية مؤثرة، توحدت جميعها تحت شعار موحّد: “أوقفوا الإبادة في غزة، وافتحوا المعابر فورًا”.

وقال القائم بأعمال رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، في كلمة له خلال المسيرة، إن “أكثر من 2.4 مليون فلسطيني في غزة يعيشون تحت نار حرب شاملة هدفها الإبادة، حيث قُتل أو فُقد أكثر من 67 ألف إنسان، بينهم 19 ألف طفل، فيما دُمرت أكثر من 88% من مساحة القطاع، ونزح ما يزيد على مليوني شخص من بيوتهم”.

وأضاف أن “650 ألف طفل يواجهون خطر الموت جوعًا، نتيجة سياسة التجويع الممنهج ومنع دخول المساعدات، في مشهد كارثي يعكس حجم الفشل الأخلاقي للنظام الدولي”، موضحًا أن “سعر كيلو الطحين بلغ 32 دولارًا في غزة، بينما يعاني أكثر من 96% من السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد”.

وأكد أن هذه المسيرة ليست مجرد تظاهرة، بل “نداء إنساني عاجل لإنهاء الحصار ووقف المجازر”، داعيًا “أحرار بريطانيا والعالم إلى المشاركة في كل أشكال التعبير، من مظاهرات وكتابات وضغط سياسي، لكسر جدار الصمت وإنقاذ من بقي حيًا”.

-أصوات بارزة توحد الصف البريطاني

وشهدت المسيرة حضور عدد كبير من الشخصيات البريطانية البارزة، من بينهم: جيرمي كوربن ـ رئيس حزب العمال البريطاني السابق، ريتشارد بورغن ـ نائب بارز عن حزب العمال، جو غرايدي ـ الأمينة العامة لاتحاد الجامعات والكليات (UCU)، زوي غاربت ـ ممثلة حملة “أوقفوا الحرب”، ليان محمد ـ ناشطة فلسطينية، د. حسام زملط ـ السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة، نادين شاه ـ فنانة ومغنية وناشطة، حمد الدين ـ صحفي متخصص في الشأن الفلسطيني، روث لوكوم ـ ممثلة عن التكتل اليهودي المناهض للصهيونية، أحمد بكر ـ ممثل عن العائلات الفلسطينية المهجّرة من غزة، ود. محمد مصطفى ـ طبيب بريطاني خدم في غزة.

وتؤكد هذه المشاركة الواسعة أن القضية الفلسطينية لم تعد مجرد قضية جاليات أو تظاهرات موسمية، بل باتت قضية ضمير عالمي، توحّد مختلف أطياف المجتمع البريطاني حول مطلب أخلاقي وإنساني بوقف الإبادة الجارية في غزة.

-تحول في المزاج الشعبي البريطاني

ويُلاحظ أن التضامن الشعبي البريطاني مع فلسطين لم يعد يقتصر على الجاليات العربية أو المسلمة فقط، بل أصبح يشكّل حالة سياسية وشعبية متصاعدة، تمتد من الشارع إلى البرلمان والإعلام والفن. فقد شهدت المملكة المتحدة منذ بدء الحرب على غزة أكثر من تسع وعشرين مسيرة كبرى، شارك فيها مئات الآلاف، في مشهد يعكس تحولاً نوعياً في الوعي العام البريطاني، وانحيازاً متزايداً لقيم العدالة وحقوق الإنسان في فلسطين.

ويؤكد هذا التحول أن الرأي العام في بريطانيا بات يشكّل عامل ضغط حقيقي على صناع القرار، ويعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية في وجدان الشعوب الأوروبية، في ظل تراجع الثقة بالمواقف الرسمية المتهمة بالتواطؤ أو الصمت حيال الجرائم المرتكبة في القطاع المحاصر.