تدخل إسرائيل مرحلة جديدة في عقيدتها الدفاعية مع الاستعداد لنشر منظومة “الشعاع الحديدي” نهاية ديسمبر/كانون الأول، لتصبح أول دولة تُدخل أسلحة الليزر عالية الطاقة إلى الخدمة العملياتية.
يعد النظام سلاح ليزر عالي الطاقة بقوة 100 كيلوواط، طورته شركة Rafael Advanced Defense Systems، ويُستخدم لاعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة وقذائف الهاون على مسافات تصل إلى 7–10 كيلومترات، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”.
مميزات الشعاع الحديدي
ويتميز بقدرته على العمل بشكل مستمر دون استهلاك الذخيرة التقليدية، ما يضمن دفاعًا دائمًا وبتكلفة منخفضة، إذ لا تتجاوز طلقة الليزر نصف دولار مقارنة بعشرات آلاف الدولارات للصواريخ التقليدية.
ومن أبرز مميزاته، كلفته شبه المجانية، إذ لا تتجاوز طلقة الليزر نصف دولار مقابل عشرات الآلاف للصواريخ التقليدية، إضافةً إلى تمتّعه بسعة ذخيرة غير محدودة وسرعة اعتراض تقارب سرعة الضوء.
كما يبرز النظام بفاعليته العالية ضد الطائرات المسيّرة منخفضة الارتفاع مثل “شاهد”، وقدرته الفضلى على التعامل مع هجمات الإغراق الصاروخي.
وسيتم دمج “الشعاع الحديدي” مع أنظمة القيادة والتحكم في القبة الحديدية، ليقرر النظام تلقائيًّا، وخلال ثوانٍ، ما إذا كان سيطلق صاروخًا تقليديًا أم نبضة ليزرية أرخص وأسرع؟.
يأتي هذا التطور عقب دروس قاسية كشفتها الحرب القصيرة مع إيران في يونيو 2025، حين واجهت تل أبيب أضعف نقاط منظومتها متعددة الطبقات، رغم ما تحظى به من إشادات دولية، بحسب صحيفة “يوراسيان تايمز”.
هشاشة الدفاع الجوي التقليدي
أظهرت الحرب التي دامت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل حجم التهديد المتزايد الذي تمثله الصواريخ والطائرات المُسيّرة الرخيصة.
فقد أطلقت طهران نحو 600 صاروخ وأكثر من ألف طائرة مسيّرة على إسرائيل، وتمكّن 50–60 صاروخًا منها من اختراق الدفاعات الجوية؛ ما أدى إلى مقتل 29 شخصًا وإصابة منشآت حساسة، بينها مقر الموساد ومجمع كرياه العسكري وقواعد جوية.
هذا الهجوم واسع النطاق وضع الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية المتعددة الطبقات، “آرو”، “مقلاع داود”، “القبة الحديدية”، و”ثاد”، تحت اختبار حقيقي، وكشف أمرين أساسيين: الأول، قدرة الخصوم على إغراق الدفاعات بعدد هائل من الذخائر، والثاني، الاستنزاف السريع للمخزون الصاروخي الاعتراضي، سواء الإسرائيلي أو الأمريكي.
من جانبهم أكد مسؤولون أمريكيون أن مشغلي منظومة “ثاد” أطلقوا 150 صاروخًا خلال 12 يومًا، أي ربع مخزون الصواريخ الذي اشترته البنتاغون منذ بدء إنتاجها؛ والنتيجة كانت واضحة لتل أبيب، لا يمكن لخوض حرب طويلة الاعتماد فقط على الأنظمة التقليدية باهظة التكلفة والمحدودة المخزون.
ووفقًا للصحيفة، فقد دفعت الدروس القاسية إسرائيل إلى تسريع برنامج أسلحة الليزر، وفي سبتمبر 2025 دخل نظام “Iron Beam” مرحلة التشغيل الأولى.
ومع الإعلان الرسمي عن نشره ميدانيًّا في 30 ديسمبر، تصبح إسرائيل أول دولة تنشر سلاح ليزر بقوة 100 كيلوواط قادرا على اعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة وقذائف الهاون على مسافة تصل إلى 10 كيلومترات.
في السياق، كشفت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن النظام أسقط في أكتوبر 2024 ما لا يقل عن 40 طائرة مسيّرة تابعة لحزب الله، في أول استخدام عملياتي موثّق لمنظومة ليزر قتالية.
سباق عالمي على تسليح الليزر
رغم أن إسرائيل ليست الدولة الوحيدة التي تعمل على تطوير الأسلحة الليزرية، فإنها ستكون الأولى في العالم التي تنشرها ميدانيًّا؛ حيث إن كلًا من الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، وبريطانيا، وألمانيا، واليابان، والهند، تطوّر أسلحة طاقة موجهة، إلا أن معظمها لا يزال في مرحلة الاختبار
في هذا الصدد، اختبرت الولايات المتحدة سلاح “HELIOS” البحري بنجاح في 2024، والهند أعلنت هذا العام نجاح منظومة ليزر بقوة 30 “كيلوواط” ضد الطائرات المُسيّرة.
أما إسرائيل، فتخطط لتوسيع قدراتها من خلال نسخ جديدة، مثل Lite Beam بقوة 10 كيلوواط للمركبات البرية، وIron Beam M بقوة 50 “كيلوواط” يمكن حمله على شاحنات.
لكن رغم التقدم الكبير، تبقى نقطة واحدة معلّقة؛ لم تُختبر أسلحة الليزر حتى الآن في ظروف حرب واسعة النطاق مثل هجوم 7 أكتوبر 2023 أو حرب إيران 2025؛ وبالتالي، سيبقى تقييم أدائها الحقيقي مرهونًا بالجولة المقبلة من المواجهات.







