السياسي – تسود مبنى الكونغرس الأمريكي حالة من الغليان وسط انقسامات عميقة بين مشرعي الحزبين، وأحيانًا بين مشرّعي الحزب الواحد، على خلفية سماح لجنة الأخلاقيات بنشر 23 ألف وثيقة من ملفات جيفري إبستين.
وهذه الوثائق، ما زالت موضع خلاف بين المشرّعين الجمهوريين والديمقراطيين من جهة، ووزارة العدل والبيت الأبيض من جهة أخرى.
ويقول قياديون جمهوريون في مبنى الكابيتول إن “غالبية النواب الجمهوريين في الغرفة الأولى باتوا أقرب إلى تأييد فكرة نشر الوثائق كاملة للرأي العام، لرفع الحرج عن الحزب الذي بدا وكأنه يمانع تحقيق هذا المطلب الشعبي الخاص بالنشر الكامل لوثائق القضية وطرح الحقائق أمام الأمريكيين، ومن ثم ترك القضاء ليتخذ ما يراه مناسبًا من إجراءات”.
هذا الموقف من جانب النواب الجمهوريين يشكّل تحولًا لافتًا في موقف الحزب من هذه القضية، خاصة على مستوى رئاسة المجلس، حيث دعم رئيس المجلس مايك جونسون فكرة أن الديمقراطيين ضخّموا هذه القضية أكثر مما يجب لأهداف سياسية، معتبرًا أن الملف فارغ ولا يستحق الضجة المثارة حوله”.
ويتطابق ما قاله جونسون في عدة مناسبات مع توجهات البيت الأبيض وتصريحات الرئيس ترامب المتكررة التي دعا خلالها إلى عدم التجاوب مع مساعي الديمقراطيين لتضخيم القضية وجعلها محورًا رئيسًا في الكونغرس.
في المقابل، يتهم الديمقراطيون الجمهوريين، وعلى رأسهم مايك جونسون، بالسعي لتعطيل أداء النائبة أديليتا غريج ألفا — الفائزة في انتخابات خاصة — لليمين الدستورية لمدة 50 يوماً، حفاظاً على الأغلبية التي تسمح للجمهوريين بمنع نشر الوثائق.
وكانت النائبة الديمقراطية عن ولاية أريزونا قد أعلنت تأييدها لنشر الوثائق قبل أدائها اليمين مطلع الأسبوع، ما جعل قرار الجمهوريين مهددًا مع نجاح الديمقراطيين في الحصول على العدد الكافي من الأصوات المطالِبة بالنشر.
وأوضحت مصادر مطلعة على تفاصيل عمل الغرفة الأولى في مبنى الكابيتول، أن “الجمهوريين برّروا تعطيل أداء نائبة أريزونا اليمين بحالة الإغلاق الحكومي التي شهدتها الحكومة الفيدرالية، إضافة إلى أن رئيس المجلس كان يسمح للنواب بمغادرة العاصمة واشنطن، وبالتالي لم يكن هناك خيار أمام النائبة سوى انتظار عودة المجلس إلى العمل بصورة طبيعية بعد رفع الإغلاق”.
وقالت المصادر إن “الديمقراطيين حرصوا على إبقاء قضية الوثائق في صدارة الأولويات داخل المجلس، ورأوا في حصولهم على صوت جديد داعم لمواقفهم فرصة لإعادة تحريك القضية مجددًا، وتشجيع نشر الدفعة الجديدة من الوثائق”.
وأضافت المصادر، أن “هذا التطور دفع الجمهوريين إلى إعادة حساباتهم؛ إذ لم تعد مبادرة السماح بنشر الوثائق مقتصرة على النواب الجمهوريين المعارضين لترامب — على قلتهم — بل انضم إليهم نواب آخرون رأوا أن الاستمرار في منع النشر يحرجهم أمام ناخبي دوائرهم مع انطلاق حملة انتخابات التجديد النصفي في جميع مقاطعات البلاد”.
وأشارت إلى أن “نتائج انتخابات الثلاثاء الأخيرة تركت أثراً سلبياً على حسابات العديد من الجمهوريين الذين كانوا يعارضون نشر الوثائق سابقا، بعد الخسارات المتتالية للمرشحين الجمهوريين في مختلف الاستحقاقات المحلية، وهو ما غيّر مواقف الكثيرين منهم”.
من جانب آخر، كشف قياديون ديمقراطيون أن “فريقا من محامي ضحايا إبستين اقترح على النساء الضحايا التوجه إلى الكونغرس وتقديم لائحة بأسماء الشخصيات المرتبطة بالقضية وتقديم شهاداتهن، تجنباً لأي متابعات قانونية محتملة، خاصة أن أغلب الأسماء المتداولة تعود لأثرياء ونافذين قادرين على تحريك جيوش من المحامين لمتابعة النساء قضائياً”.
هذه الخطوة التي يؤيدها فريق المحامين تتطلب إصدار مجلس النواب قراراً يمنح النساء الضحايا حماية من أي ملاحقات قانونية محتملة، وهو قرار يستلزم توافقاً بين مشرعي الحزبين لتشجيع الضحايا على اتخاذ مثل هذه الخطوة.
وتشير مصادر في الكونغرس، إلى أن “التطورات المتلاحقة توحي بأن ملف القضية دخل مرحلة جديدة ومختلفة، وأن الفترة المقبلة ستشهد تطورات متسارعة، في ظل رغبة الديمقراطيين في الاستثمار السياسي في هذه القضية، وتأييد شريحة واسعة من الناخبين الأمريكيين — من الحزبين ومن حركة (لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى) الداعمة لترامب — لنشر الوثائق كاملة أمام الأمريكيين لإنهاء هذه القضية التي فجّرت جدلًا سياسيًا غير مسبوق في واشنطن وبقية الولايات المتحدة”.







