السياسي – “هل سأكبر وتكبر قدمي معي؟ هل سأستطيع إمساك الأشياء مرةً أخرى”؟ أسئلة بريئة يطرحها الأطفال في قطاع غزة دون إدراك منهم عن طبيعة الكارثة التي حلَّت بهم، بعد أن فتكت صواريخ الاحتلال الإسرائيلي بأجسادهم الصغيرة، وأصبحوا عاجزين قبل أن تتجاوز أعمارهم عُمر الورد، فأضحى ربيع العمر جرحاً وكابوساً يرافق الصغار المبتورين حتى الممات(..)
وتشير تقديرات نشرتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” إلى أنَّ 10 أطفال يفقدون ساقا أو ساقين كل يوم في القطاع الساحلي الصغير.
وقال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” فيليب لازاريني، في تصريحات صدرت خلال مؤتمر عقده أواخر يونيو/ حزيران الماضي، إن هذه الأرقام لا تشمل الأطفال الذين خسروا أطرافا علوية، مستندا بذلك إلى أرقام صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”.
وتلفت تقديرات منظمات صحية محلية ودولية إلى أن نحو 11 ألف حالة بتر للأطراف، من بينها حالات لـ4 آلاف طفل، تسببت بها الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ الحرب الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ما ذنبهم؟
ويلتقط مصورون صحفيون بشكلٍ دوري مقاطع مصورّة لأطفال مبتوري الأطفال، بمشاهد مأساوية للغاية، وتُثير هذه المقاطع غضب وتضامن رواد منصات التواصل الاجتماعي، الذين يسألون عن ذنب هؤلاء الأطفال وإلى أين سيصل حالهم؟
رصدت حالات عددٍ من الأطفال من بين عشرات الآلاف منهم مبتوري الأطراف، وسط مطالبات ملحة تجتاح منصات التواصل الاجتماعي بوقف الحرب الدامية على قطاع غزة، وإعادة فتح معبر رفح البري المغلق منذ ثلاثة أشهر ونصف.
الطفلة رهف سعد فقدت أطرافها السفلية في قصف استهدف منزلهم غرب مخيم النصيرات قبل فترة وجيزة.
” بابا وين رجلي؟ رجلي خربوا”، كانت هذه عبارات الطفلة “رهف” التي تعاني حالة نفسية سيئة، بعد ما تعرضت له من بتر دون أن تدرك فقدانها لقدميها مدى الحياة.
الطفل أسامة أبو مصطفى (13 عاماً)، أُصيب إصابة بليغة في النخاع الشوكي تسببت ببتر ساقه اليسرى، فألزمته سرير المستشفى، وغدا لا يقوى على مساعدة نفسه.
بات “أسامة” في وضعية إعاقة، مبتور الساق، ولا يستطيع تحريك يديه، بعد أن كان طليق أهله يجوب لمساعدتهم كل مكان.
“الفئة الأكثر تضرراً”..
وتؤكد وزارة الصحة الفلسطينية بحسب معطيات صادرة عنها أن نسبة الضحايا بين الأطفال سواء شهداء أو جرحى تتراوح بين 35 إلى 45%.
وقال الطبيب مروان الهمص إن الأطفال هم الفئة الأكثر تضرراً من أسلحة الاحتلال، مبيناً أنه شاهد على كثير من حالات البتر لأطفال وصلوا إلى المستشفيات.
وبحسب “الهمص” فقد هشمت صواريخ الاحتلال وقذائفه عظام الأطفال، وتسببت بحروق في أجسادهم تصل إلى 40% وهي حروق شديدة من الدرجة الرابعة.
وأوضح أن ما يزيد على 35 ألف جريح ومريض، من بينهم 40% أطفال، بحاجة ملحة للسفر العاجل إلى الخارج لتلقي العلاج اللازم المنقذ للحياة، ويحول الاحتلال دون ذلك بفعل احتلاله معبر رفح البري.
بعد قضائه أقل من أسبوعين في المستشفى الأوروبي بخانيونس جنوب قطاع غزة، يقول الطبيب الفرنسي باسكال أندريه إن “القناصة الإسرائيليين يطلقون النار على رؤوس البالغين ويستهدفون أرجل الأطفال حتى لا يتمكنوا من اللعب مرة أخرى”.
أما الطبيب آدم الحموي وهو جندي سابق في الجيش الأمريكي يقول خلال زيارته لمستشفى الأوروبي: “فكر في الإصابات التي تشاهدها في الحرب، وفي الدماء المنتشرة في كل مكان، والذخائر التي كان من المفترض أن تقتل الجنود والعسكريين وتدمر الدبابات والمخابئ، ثم فكر في أنها تمر عبر جسد طفل”.
ووسط الواقع المؤلم الذي يتعرض له الأطفال في قطاع غزة لإجراء عمليات البتر في المستشفيات المنهارة يقول لازاريني “نعلم كيف تتم عمليات البتر في ظروف مروعة جدا، وأحيانا من دون أي نوع من التخدير، وهذا ينطبق أيضا على الأطفال”