السياسي -وكالات
كشفت أبحاث جديدة أجراها باحثون من جامعة واترلو بكندا، تفاصيل صادمة بشأن رحلة فرانكلين المنكوبة، التي قادها السير جون فرانكلين، وغادرت إنجلترا عام 1845 لاستكشاف القطب الشمالي.
وتبيّن أن بعض البحارة الذين لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الهروب من القطب الشمالي بعد أن تجمّدت سفينتيهم تيرور وإريبس وحاصرهم الجليد، لجأوا لأكل قائدهم جيمس فيتزجيمس، الذي مات قبلهم بفترة، في محاولة منهم لإنقاذ أنفسهم.
وبحسب موقع “ساينس أليرت”، فإنه في عام 1848، وبينما تخلّى البحارة الـ 105 المتبقون عن سفينتيهم لأنياب الجليد القاسية، فإنهم لم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم، وربما لم يغادروا الجزيرة قط. ومنذ ذلك الحين، تم العثور على عظام العديد من البحارة في تلك البقعة النائية من الأرض.
وتم التعرف على هوية جيمس فيتزجيمس قائد السفينة، من خلال تعقب الأحفاد والأقارب المعروفين لأعضاء الطاقم، ومقارنة الحمض النووي الخاص بهم بالحمض النووي، الذي تم الحصول عليه من العظام الموجودة في جزيرة الملك ويليام.
وكانت عينة من أحد أحفاد فيتزجيمس مطابقة للحمض النووي من سِن من بين أكثر من 400 عظمة تم استردادها حتى الآن.
وهذا هو ثاني تحديد على الإطلاق لبقايا رحلة فرانكلين في جزيرة الملك ويليام.
إن عظم الفك المطابق لتلك السن هو ما كشف على الأقل عن مصير فيتزجيمس، فالنقوش الموجودة على العظم تتوافق مع عملية ذبح، وهو ما يشير إلى أن أفراد طاقم القبطان، الذين ربما كانوا يعانون من الجوع والمرض، استخدموا جثته قدر استطاعتهم، وأكلوه بالفعل.
وقال عالم الآثار دوغلاس ستينتون من جامعة واترلو في كندا: “يُظهر هذا أنه توفي قبل بعض البحارة الآخرين الذين لقوا حتفهم على الأقل، وأن الرتبة أو الوضع لم يكن المبدأ الحاكم في الأيام الأخيرة اليائسة للرحلة بينما كانوا يكافحون لإنقاذ أنفسهم”.
وهذا يتفق مع التقارير الصادرة في ذلك الوقت، فقد تلقت البعثات البريطانية التي أُرسلت للبحث عن المستكشفين المفقودين في خمسينيات القرن التاسع عشر، تقارير من سكان الإنويت في جزيرة الملك ويليام تفيد بأن بقايا الناجين أظهرت علامات على أكل لحوم البشر.
وكشفت الأبحاث اللاحقة التي أجريت في تسعينيات القرن العشرين عن صحة التقارير، إذ أظهرت عظام أربعة على الأقل من الأفراد المستخرجين من الموقع الأثري أدلة على تعرضهم للذبح، ما يعني أن هؤلاء الرجال بلغوا أقصى حدود قدرتهم على التحمل.
وقال عالم الأنثروبولوجيا روبرت بارك من جامعة واترلو: “إن هذا يوضح مدى اليأس الذي شعر به بحارة فرانكلين ودفعهم إلى القيام بشيء قد يعتبرونه بغيضاً”.
يذكر أنه منذ اختفت البعثة في القطب الشمالي قبل 179 عاماً، كان هناك اهتمام واسع النطاق بمصيرها النهائي، مما أدى إلى ظهور العديد من الكتب والمقالات التي تخمّن مصيرها. ومؤخراً، مسلسل تلفزيوني قصير حوّلها إلى قصة رعب تتناول أكل لحوم البشر كأحد موضوعاتها.
وبفضل هذا البحث، أصبح فيتزجيمس أول ضحية معروفة لأكل لحوم البشر من بين ضحايا رحلة فرانكلين. وقد تم وضع عظامه التي تم استردادها في كومة من الحجارة، جنباً إلى جنب مع عظام أخرى، وتم وضع لوحة تذكارية في موقع وفاتهم.