أنتوني هوبكنز.. الفارس متعدد المواهب “محبوب” السوشيال ميديا

السياسي -وكالات

رغم أدواره المركّبة والصارمة والمرعبة والدموية أحياناً، يخبئ الفارس الإنجليزي والفنان الويلزي المخضرم، أنتوني هوبكنز، حساً فكاهياً وخفة دم وعفوية صادقة وطبيعية غير مسبوقتين، تظهر بين الحين والآخر في منشوراته ومقاطع الفيديو عبر حساباته على السوشيال ميديا، ليزرع الطبيب السفاح “هانيبال ليكتر”، آكل لحوم البشر في فيلم “صمت الحملان”، البهجة والسعادة في قلوب محبيه وجمهوره.

يترجل هذا الفارس، الذي مُنح لقب “سير” من الملكة الراحلة إليزابيث الثانية عام 1993، عن صهوته، ليتنقل بتلقائيته وعفويته بين منصاته للتواصل الاجتماعي، راقصاً تارة ومقلداً ومتقمصاً تارة أخرى شخصيات عدة، مثل بابا نويل وغيره، ومرات عديدة يكشف عن هوايات فنية أخرى بخلاف براعته في التمثيل، مثل الرسم والتصوير والطهي والعزف على البيانو برفقة هرّه “نيبلو”، زارعاً البسمة وناثراً الحكمة من منظوره الشخصي وفلسفته الخاصة.

ويجمع عملاق المسرح والشاشة، بين التمثيل والإخراج والإنتاج، فكانت أولى تجاربه في الإخراج فيلماً عن الشاعر ديلان توماس، ثم كتب وأخرج فيلم “August” عام 1996 المقتبس من مسرحية تشيخوف العم فانيا “Uncle Vanya”، وفيلم Slipstream” عام 2007.

وخلال 6 عقود من حياته المهنية في المسرح والتلفزيون والسينما، جسد هوبكنز أدوار شخصيات حقيقية، أبرزها ملك إنجلترا “ريتشارد قلب الأسد”، ورئيس الوزراء البريطاني “ديفيد لويد جورج”، وريئسان أمريكيان، هما جون كوينسي آدامز، وريتشارد نيكسون، والبابا بندكت السادس عشر، ورئيس الوزراء إسحاق رابين، وأدولف هتلر، وتشارلز ديكنز، وبابلو بيكاسو، وألفريد هيتشكوك.

@anthonyhopkinsHey goomba do you like how I dance the rumba…? Sunday vibe 🍕🍝

♬ original sound – Anthony Hopkins

نشأته وحياته:

أراد أن يكون مشهوراً وثرياً وناجحاً، ليعوض ماضياً فارغاً، حسب تصريحات هوبكنز، المولود في 31 ديسمبر (كانون الأول) 1937 في مارغام، إحدى ضواحي “بورت تالبوت” في ويلز لأب خباز، فكان طفلاً وحيداً ومشاغباً وقليل الصبر أيضاً.

لم يكن مقبلاً على الدراسة أو هاوياً للعبة رياضية معينة، وسط شكوك والده، الذي ينتمي من الطبقة العاملة، في إمكانياته، فيقول هوبكنز عنه: “أتذكر جيداً قوله لي إني شخص ميؤوس منه”.

حفزته هذه النظرة المخيبة للآمال ليصبح أحد أعظم الممثلين في تاريخ السينما، يحمل في جعبته الفنية العديد من الجوائز، أبرزها جائزتا أوسكار و6 ترشيحات، وجائزتا إيمي، و4 جوائز بافتا، وجائزة أوليفييه، ووسام الإمبراطورية البريطانية، ووضع اسمه في ممر المشاهير بهوليوود 2003، وأخيراً وليس آخراً جائزة الإنجاز مدى الحياة، التي منحت له في حفل “جوي أووردز” 2024، معرباً عن سعادته بتواجده للمرة الأولى في السعودية وامتنانه لكرم الضيافة والتكريم، مغرداً عبر إكس: “شكراً Joy Awards على تكريمي بجائزة الإنجاز مدى الحياة. نغادر هذه المدينة الجميلة شاكرين اللطف والكرم الذي مُنحنا إياه”.

أعظم ممثل في جيله

كانت بدايات هوبكنز، الذي وصفه ريتشارد أتينبورو، مخرج 5 أفلام له، بأنه “أعظم ممثل في جيله”، على المسرح، إذ يدين بالفضل في اكتشافه إلى عبقري التمثيل الخالد لورانس أوليفييه الذي دعاه للانضمام إلى المسرح الملكي الوطني في عام 1965 بعد سنوات من تخرجه في الكلية الملكية الويلزية للموسيقى والدراما.

وبديلاً لأستاذه أوليفييه، لعب هوبكنز عام 1967 دور البطولة في مسرحية “رقصة الموت” لأغسطس ستريندبرغ، ليحقق نجاحاً مذهلاً، وفي العام التالي 1968 حقق شهرة واسعة بفضل دوره ريتشارد قلب الأسد في فيلم “الأسد في الشتاء” الذي حظي من خلاله بأول ترشيح لجائزة بافتا كأفضل ممثل مساعد، لتبدأ رحلة نجاحه في السينمائي، جنباً إلى جنب مع المسرح.

أيقونة سينمائية

تعثرت مسيرة هوبكنز التمثيلية، بسبب وطأة إدمان الكحول، ليعود بعدها لمساره الأول الصحيح، بعدما قرر الإقلاع نهائياً عن تناول الكحول، ليكلل عودته بالنجاح الساحق، ودوره “هانيبال ليكتر”، ذلك السفاح الطبيب بارد الأعصاب الذي يقتل بدم بارد ويأكل لحوم البشر، وحظي تجسيد هوبكنز له باستحسان الجمهور وصنفه النقاد ضمن أعظم الأفلام التي لن تتقادم أبداً، وأهداه جائزة الأوسكار كأفضل ممثل عن هذا الفيلم، وذلك بفضل تفاصيل صغيرة، كالأداء الصوتي الهادئ الصارم، وإبقاء العين مفتوحة أغلب الوقت.

ولعل ما ساعد هوبكنز في أدائه العبقري لهذا الدور المخيف في “صمت الحملان” 1991، وتتمته “هانيبال” 2001، شخصيته منذ الطفولة، فكان يتعمد تخويف الفتيات في الشارع والمدرسة، عندما كان صبياً في ويلز، ويقص عليهن حكايات دراكولا المرعبة ومصاصي الدماء.

أبرز أعماله

وبخلاف هانيبال، لهوبكنز أدوار متميزة، مثل “سحر” 1978، و”الرجل الفيل” 1980، و”نهاية هوارد” 1992، و”بقايا اليوم” 1993، و”الحافة” 1997، و”أميستاد”، و”تيتوس” 1999، و”كسر” 2007، و”ثور” بأجزائه الثلاثة في 2011 و2013 و2017، و”المتحولون: آخر فارس” 2017، و”البابوان” 2019، وفيلم “الأب” 2020، الذي أصبح هوبكنز بفضله أكبر شخص يفوز بجائزة أوسكار كأفضل ممثل، بالإضافة للأعمال المتلفزة مثل “الملك لير”، ومسلسل الخيال العلمي “وست وورلد”، وغيرها العديد.

وأحدث أعمال هوبكنز “Freud’s Last Session” أو “جلسة فرويد الأخيرة”، ويتقمص بالعمل شخصية عالم النفس النمساوي سيغموند فرويد، ليناقش مواضيع شائكة، مثل مصير الإنسان ومستقبل البشرية مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وفيلم “مغلق-Locked”.

سيرته الذاتية.. وألحانه

ويعكف حالياً هوبكنز على كتابة سيرته الذاتية، واصفاً الأمر بالمهمة السهلة، فهو محظوظ بذاكرة حديدية، فقبل التصوير يقرأ هوبكنز النص 250 مرة بصوت عالٍ، وبجانبها يتمتع هوبكنز أيضاً بذاكرة سمعية استثنائية، بفضل أذنه الموسيقية وبراعته في التلحين، ففي عام 1986 أصدر أغنية منفردة بعنوان “نجم بعيد” بلغت المرتبة 75 في تصنيف الأغاني المنفردة للمملكة المتحدة، كما لحن مقطوعة موسيقية ضمن ألبوم أندري ريو عام 1964، فضلاً عن إصداره ألبوماً موسيقياً كلاسيكياً عام 2012، بعنوان “الملحن”.

شاهد أيضاً