في العام 1995 مباشرة بعد أن اغتال شابٌّ يهوديّ متديّن يمينيّ متطرّف إسحاق رابين، رئيس حكومة إسرائيل، كتبتُ مقطوعة ساخرة “ستاند أب كوميدي” قدّمها إمّا الفنّان محمّد بكري أو الفنّان سليم ضوّ قلت فيها: إنّ دولة إسرائيل قدّمت أوراق اعتمادها كي تكون دولة شرق أوسطيّة، فمن المعروف للقاصي والدّاني أنّ قادة إسرائيل ومثقّفيها، والأغلبيّة السّاحقة من مواطنيها، وإعلامها على أنواعه، يعتقدون ويؤكّدون ويتصرّفون على أنّهم دولة غربيّة وأمّا موقعها في الشّرق الأوسط فهو خطأ جغرافيّ، فبيوتها غربيّة وكذلك موسيقاها وغناؤها ومسرحها وسينماؤها وأدبها وزراعتها وعسكرها وطعامها على الرّغم من استيلائها على الفلافل والحمّص والمجدّرة وعلى مئات الكلمات العربيّة مثلما استولت على الأراضي والمدن والقرى.
ويبدو أنّ ساستها ووزراءها ورؤساء أحزابها قرّروا أن يقطعوا شوطا في “التّشريق” بعد اتفاقيّات “ابراهام” بقيادة الغائب الحاضر دونالد ترامب، وبعدما صارت العلاقات “خوش بوش” مع بعض العرب..!!
رئيس حزب “شاس” الرّابي ارييه درعي، الرّجل الصّالح ذو الرّاحتين النظيفتينّ مثل ندى الكرمل، الذّي قضى قبل عقدين ثلاث سنوات نقاهة في سجن الرّملة، وخرج طاهرا طهورا مثل حمام مكّة،..!! عاد إلى عادته القديمة ومدّ راحته في بلدة الصّفصاف، وهو يقول ما دمنا سرقنا الصّفصاف، أرضا وبيوتا وشجرا وحجرا فما المانع أن نلطش شيئا ما، ومع أنّ الرّابي درعي ذكي جدّا وشاطر جدّا ولا يعلق إلّا الشّاطر، فقد قضت محكمة العدل العليا أنّه لم يحذف لا الناهيّة من وصّية “لا تسرق” وأنّه غير مؤهّل للوزارة على الرّغم من أنّه ذو وزارتين كبيرتين وليس وزارة واحدة، ولكن ماذا يفعل الرّابي المحترم واسم والده مخلوف وليس ماسكوفتش أو غولدبرغ؟
وبما أنّ كرسي الوزارة موقوف لآل درعي فقط ولن يجلس عليه غريب فسوف يتوزّر ابنه يعقوب الذّي يدلّعونه “يانكي” ويعمل موظّفا في إحدى الشّركات ويتقاضى راتبا شهريّا متواضعا مقداره 50 ألف شاقل فقط، صدّقوا أو لا تصدّقوا، وسوف يختار المحروس يانكي إمّا وزارة الصّحّة وإمّا وزارة الدّاخليّة وبعد عامين سوف يأخذ وزارة الماليّة “حبّة مسك”.
هناك أخبار تأتي من شارع بلفور تفيد أنّ السّيّد نتنياهو، رئيس الوزراء، وبإلحاح من صاحبة الصّون والعفّة السّت سارة سوف يرشّح وليّ العهد يائير لرئاسة حزب الليكود فرئاسة حكومة إسرائيل لأنّ الزّوجين يعتقدان أنّ كرسي رئاسة الحكومة “خصّ نصّ” لآل نتنياهو الذّين لا يعرفون عملا آخر.
نحن نعيش في عصر الإعلام والتّكنولوجيا ولا شيء مستور او مُخبّأ، ولا بدّ أن يعلم أصدقاء نتنياهو برغبته وبرغبة سيّدة اسرائيل الأولى وسوف يفرحون ويسعدون ويباركون، كما سيعلم أصدقاء ابن مخلوف بذلك، وهو شرقيّ مثلنا أيضا، وأمّا أنا العبد الفقير لله تعالى وابن اللاجئ الميعاريّ الذّي عرف القلّة والجوع بعد النّكبة فلا يسعني إلاّ أن أقول: بالأصالة عن نفسي وبالنّيابة عن المطبعين من بني جلدتنا: أهلا أهلا أبناء عمومتنا في شرقنا الغالي.