أوكرانيا – هل بدأ بودانوف التحرك للإطاحة بزيلينسكي

السياسي – يواجه الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لأول مرة منذ اندلاع الحرب مع روسيا “أزمة وجود”، فبعد مظاهرات “نادرة” احتجاجاً على قانون يهدد استقلالية الهيئات المختصة بمكافحة الفساد، كان رئيس المخابرات الأوكراني، كيريلو بودانوف، يُدلي بتصريح “غامض”.

إذ حذّر بودانوف الذي انتشرت تقارير مؤخراً عن رغبته بالترشح إلى منصب الرئاسة، مع سعيه لتشكيل حزب منافس، من أن الأزمة قد “تمزّق” أوكرانيا، داعياً إلى “حوار مفتوح”.

وقال كيريلو بودانوف: “لقد علّمنا التاريخ الأوكراني أن الأمة تخسر إذا تمزقت بفعل التناقضات الداخلية”، وهو تصريح رأى مراقبون أنه “استثمار سريع” من قبل “الخطر الحقيقي” على مستقبل زيلينسكي السياسي.

وتؤكد صحيفة “التيليغراف” البريطانية أنه بالرغم من تراجع الرئيس الأوكراني عن القانون المثير للجدل، إلا أن المظاهرات استمرّت بـ”جدية غير مسبوقة”، إذ نزل الآلاف إلى شوارع كييف في احتجاج واسع مساء الأربعاء بعد وقت قصير من إدلاء زيلينسكي بتصريحه “المتراجِع”.

أما صحيفة “التايمز” البريطانية، فاعتبرت أن قرار زيلينسكي بتجريد منظمات مكافحة الفساد الأوكرانية من استقلاليتها، يعدُّ أكبر مغامرة في حياته السياسية، وهو قرار يُهدد بتشويه صورته في الغرب، حيث أُشيد به كبطل لمقاومته روسيا.

وأثارت تحركات زيلينسكي ضد المكتب الوطني لمكافحة الفساد، المعروف باسم نابو، ومكتب المدعي العام المتخصص في مكافحة الفساد، سابو، شكوكاً حول مساعي أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

فالاحتجاجات التي بدأت في كييف غير مسبوقة في السنوات الثلاث الماضية من الحرب في أوكرانيا، مما يُؤكّد عمق المعارضة، خصوصاً أن زيلينسكي يدرك جيّداً أن احتجاجات الميدان التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش عام 2014 كانت أيضا متواضعة عند بدايتها.

كما سيتذكر زيلينسكي أيضاً، وفق “التايمز” أن تلك الاحتجاجات بدأت عندما انسحب يانوكوفيتش من اتفاق لتقريب أوكرانيا من الاتحاد الأوروبي لصالح علاقات أفضل مع موسكو.

ولم تتوقف حدود الغضب ضدّ زيلينسكي على الصعيد الشعبي أو السياسي، بل امتدت إلى مؤسسة أكثر خطورة، وهي الجيش، فقد انتقدت القوات المسلحة إجراءات الرئيس الأوكراني، متهمة إياه بـ “تقويض الأخلاق في الجبهة وإهداء النصر لروسيا”، وفق “التيليغراف”.

وحث فيتالي أومانيتس، وهو جندي أوكراني، الشعب على تصعيد الاحتجاجات، معتبراً أنه بدون هيئات مستقلة لمكافحة الفساد “لا جدوى من نضالنا الحالي، ولا من نصرنا المستقبلي”.

فيما صرح ضابط أوكراني، طلب عدم الكشف عن هويته، أن القانون “سيؤثر حتماً على معنويات الجنود، حتى لو كان مجرد تحويل الانتباه عن القتال”.

وتربط “التيليغراف” الغضب داخل الجيش الأوكراني، مع “التصريحات الغامضة التي أدلى بها رئيس المخابرات الأوكراني، من أن البلاد تواجه “خطر التمزق”.

ويأتي تدخل كيريلو بودانوف على خط الأزمة، مع تنامي التقارير المحلية من أن بودانوف العسكري الصارم، بدأ الدخول إلى الساحة السياسية في بلاده، وبشكل سري مع شبكة من المؤسسات الخيرية تُعرف باسم منظمة حماية الدولة، قد تكون قاعدة انطلاق للطموحات السياسية لرئيس الاستخبارات.

ويعتقد مراقبون، أن دخول بودانوف معترك السياسة يعد “خطراً وجودياً” على زيلينسكي، الذي كان اشترط على رئيس الاستخبارات العسكرية ألا يقف في مواجهته إذا قرر الترشح للرئاسة مجددًا، بعد انتهاء الحرب ورفع الأحكام العرفية في البلاد.

لكن فيتالي شابونين، الناشط البارز في مكافحة الفساد، يعتقد أن زيلينسكي يسعى إلى القضاء على جميع الانتقادات لضمان قدرته على الحصول على ولاية ثانية بعد الحرب.

ومما يزيد المصاعب أمام زيلينسكي، أن الأزمة تأتي وسط “نفور” يواجهه من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إذ يعتقد فولوديمير فيسينكو، المحلل السياسي من كييف، أن “الساكن الجديد للبيت الأبيض، لن يوفّر الحماية للرئيس الأوكراني، كما فعل سلفه” جو بايدن.

كما عبّرت شخصيات في الحزب الجمهوري، تُعارض الدعم الأمريكي لكييف، عن خطاب رافض لأي دعم لزيلينسكي وإدارته، ومن المرجح أن يُعزز الخلاف هذا الأسبوع شكوكهم في أن واشنطن تضخّ عشرات المليارات من الدولارات في جيوب مسؤولين أوكرانيين فاسدين، وفق “التايمز”.