السياسي – قالت الكاتبة السياسية كايتلين جونستون إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يَعُد يجهد نفسه في إخفاء تحوّله الجذري، بل خلع قناعه الشعبوي تمامًا فور عودته إلى البيت الأبيض، ليكشف عن تبنٍّ كامل لأجندة الدولة العميقة، وولاء معلن لإسرائيل، وتنصل واضح من وعوده السابقة المتعلقة بحرية التعبير وإنهاء الحروب ومحاسبة النخب.
وفي مقال نشرته على مدونتها الشخصية، اعتبرت جونستون أن ترامب لم يعد يمثل سوى نسخة متطرفة من سياسات الحزب الجمهوري التقليدي، مدعومة بخطاب استعلائي موجّه حتى ضد قاعدته الانتخابية. وتضيف: “لقد سقطت ورقة التوت. لم يعد يراوغ. كل ما وعد به الشعب نُسف بالكامل خلال الأشهر الستة الأولى من ولايته الثانية”.
-إبستين: الملف المحرَّم
أحد أبرز الأمثلة على هذا الانقلاب، بحسب الكاتبة، هو موقف ترامب من قضية جيفري إبستين، رجل الأعمال المرتبط بشبكات استغلال جنسي ونفوذ سياسي. فبعدما كانت القضية محور اهتمام كبير في أوساط مؤيدي ترامب، بدأ الرئيس يهاجم أي اهتمام بها، بل وادّعى مؤخرًا أن إثارة القضية هي “خدعة من الحزب الديمقراطي”. ورغم نشر وزارة العدل تسجيلًا قالت إنه يدحض فرضية اغتيال إبستين، إلا أن الفيديو بدا محرّرًا ويفتقر لدقائق حاسمة، ما أثار مزيدًا من الشكوك لا الثقة.
-تصعيد لا تهدئة.. موسكو على الطاولة
وعلى خلاف وعوده الانتخابية بإنهاء الحرب في أوكرانيا خلال يوم واحد، كشفت فاينانشال تايمز أن ترامب شجّع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على شنّ ضربات عميقة داخل روسيا، متسائلًا عن إمكانية استهداف العاصمة موسكو، في تصعيد قد يهدد بتوسيع رقعة النزاع إلى مستويات غير مسبوقة.
-حرية التعبير… على الطريقة الترامبية
تلفت جونستون إلى أن إدارة ترامب تمضي قدمًا في خنق الأصوات المعارضة لسياسات إسرائيل، لا سيما داخل الجامعات. وفي خطوة تُعدّ انتصارًا للرقابة، أعلنت جامعة كولومبيا تبنيها لتعريف “التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست” (IHRA) للاسامية، وهو تعريف يُستخدم لمعادلة انتقاد إسرائيل بمعاداة السامية، بدعم مباشر من البيت الأبيض.
-انحياز شامل للدولة العميقة
رغم تعهّده في 2023 بـ”إبادة الدولة العميقة”، تقول الكاتبة إن ترامب أصبح اليوم منفّذًا أمينًا لأجنداتها: من توسيع العمليات العسكرية في اليمن والصومال، إلى صبّ الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل، والموافقة على موازنات دفاعية تفوق التريليون دولار، فضلًا عن سياسة الهجرة المتشددة والتخفيضات الضريبية للأثرياء.
-الخدعة مستمرة… بأسماء جديدة
ورغم الانكشاف الكامل لهذه السياسات، ترى جونستون أن جمهور ترامب لا يزال عرضة لتصديق النسخة التالية من الشعبوية الزائفة، حتى وإن تخلى عنهم الزعيم نفسه. “الكثير من أنصاره غاضبون من موقفه في ملف إبستين، وقد يتخلون عنه، لكن من المرجح أن يدعموا شخصية أخرى تُعيد تدوير الخطاب نفسه، كتاكر كارلسون أو جي دي فانس”، تقول الكاتبة. وتختم بسخرية: “هؤلاء مستعدون دومًا للركض خلف الخدعة التالية، مهما تغيّر الوجه”.