السياسي – نشرت صحيفة “أوبزيرفر” تقريراً أعدّه بيتر بيومنت قال فيه إن إسرائيل تشن حرباً على أربع جبهات، ولكن الهزيمة ستكون من الداخل.
وقال إن الجيش الإسرائيلي يشن حرباً متزامنة في غزة والضفة الغربية وإيران وضد “حزب الله”، لكنه لم ينتبه إلى الانقسامات الاجتماعية والسياسية التي تتسبّب بها هذه الحروب في الداخل.
وأضاف أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تحدث، بداية الشهر الحالي، عن “الحرب المتعددة الجبهات” التي تخوضها إسرائيل. فالقوات الإسرائيلية منخرطة بمعارك ضد “حماس” في داخل غزة، وتتبادل إطلاق النار يومياً مع “حزب الله” على الحدود الشمالية مع لبنان. وهناك معركة من الغارات الجوية ذات الوتيرة المنخفضة مع القوى المؤيدة لإيران في سوريا، كما استهدفت إسرائيل، وبدون أي أثر، قوات الحوثيين باليمن بالمسيّرات.
ويعلق بيومنت بأن توقيت تصريحات غالانت كان مهماً، فقد جاءت في 2 نيسان/أبريل، عندما قصفت إسرائيل منشأة دبلوماسية إيرانية في العاصمة السورية، دمشق. وبعد أسبوعين أضافت إسرائيل جبهة جديدة بعد الغارات الإيرانية و 300 مسيرة وصاروخ استهدفت إسرائيل.
وفي الوقت الذي واجهت فيه إسرائيل أوضاعاً مماثلة في 1967 و1973 إلا أن سلسلة المواجهات الحالية والمترابطة مختلفة. حيث يطرح فَتْح جبهة جديدة مع إيران أسئلة جديدة، ولا علاقة لها في ما إن كانت إسرائيل تستطيع القتال على عدة جبهات، وفي حرب مفتوحة، على الأقل في الوقت الحالي. وفي الوقت الذي خططت فيه إسرائيل لعقد على الأقل من الحرب مع غزة وضد “حزب الله” في الشمال، إلا أن الافتراضات حول كيفية إدارة الحملة كانت خاطئة.
وكان تنظيم حملة الدفاع الإسرائيلية في السنوات الإسرائيلية يقوم على خطة الزخم المتعددة السنوات. وتقوم الفكرة على أن إسرائيل لن تخوض حروباً ضد جيوش تقليدية، كما فعلت في الماضي. وتوصّلَ الجيش الإسرائيلي بناء على حربه الأخيرة مع “حزب الله” في عام 2006 والمواجهات المتعددة مع “حماس” في غزة إلى أن مواجهاته ستكون “ضد عدد منتشر من الجيوش الإرهابية المسلحة بالصواريخ”.
ورغم ضعفها العسكري، مقارنة بالجيش الإسرائيلي، إلا أن هذه الجماعات لن تكون جماعات مسلحة، أو جماعات تخوض حرب عصابات، بل مجموعة من الأعداء المدربين المسلحين والأيديولوجيين، ويخوضون حروباً ضمن شبكات معقدة ومترابطة أحياناً.
وتوافَقَ المخططون الإسرائيليون على “مفهوم النصر العملياتي”، وهو سيناريو يتصور قتال إسرائيل في حروب صغيرة وبنتائج حاسمة وسريعة. لكن هذا المفهوم تم الكشف عن فشله بعد سبعة أشهر من القتال في غزة. وبدلاً من تفكيك “حماس” بالكامل، كما وعدت إسرائيل، فقد تضررت الحركة، ولكنها لا تزال قائمة، وقادتها أحياء، وتورطت إسرائيل في مستنقع لا تعرف الخروج منه، كما أن مستوى الدمار الهائل وخسارة المدنيين يكشفان عن أن الحرب الإسرائيلية في غزة لم تكن ذكية.
وعلى الجبهة الشمالية، فإن التبادل اليومي للنيران مع “حزب الله” القوي أدى إلى تهجير الإسرائيليين في البلدات الشمالية. ويعترف المخططون العسكريون الإسرائيليون أن “حزب الله” قادرٌ على التسبّب بأضرار فادحة لإسرائيل في حالة اندلاع حرب شاملة.
ثم هناك التهديد من إيران، التي أصبحت أول بلد، ومنذ صدام حسين قبل ثلاثة عقود، قادر على توجيه ضربات مباشرة لإسرائيل.
وفي تصريحات لمجلة “فورين أفيرز”، بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، توقّعَ مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق تاميرهيمان صعوبات وتحديات تواجه إسرائيل في خوض حرب على جبهات متعددة.
قال هيمان: “نستطيع التعامل مع أكثر من جبهة، والتصدي لثلاث جبهات، لكن القرار العسكري والنصر لن يكونا متزامنين، ولكن ليست هذه هي المشكلة”، “نستطيع إنهاء واحدة والانتقال إلى أخرى، فلدينا قدرات كافية قادرة على عمل هذا”، “المشكلة، ليست في الجيش، بل على جبهة الداخل”، “المشكلة هي الضرر على المجتمع الإسرائيلي وصبره. جبهتان ليست مشكلة عسكرية، بل هي اجتماعية وصبر، ومشكلة جبهة دفاع داخلية”.
ولقد أصبح الجدال حول قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها ضد جبهات متعددة موضوعَ نقاشٍ مهم، وليس، على الأقل، على مستوى سرعة التحالف الذي شُكّل للدفاع ومواجهة الصواريخ الإيرانية. فبدون هذا التحالف، كانت مخاطر وتداعيات الهجوم الإيراني مختلفة، حيث قُدم التحالف بأنه انتصار. وبدلاً من ذلك، وفي الوقت الذي من الواجب توقّع الطبيعة المتشابكة للنزاعات التي ستواجهها، إلا أن حقيقة قتالها كانت أكثر إرباكاً واستنزافاً للموارد العسكرية والاجتماعية.
والطريقة التي خاضت فيها إسرائيل الحرب، منذ تشرين الأول/أكتوبر، أدّت لتآكل ونضوب الدعم الدولي.
وفي الوقت الذي سارعت فيه الدول الحليفة لمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الإيرانية، وضعت خططاً لمعاقبة المستوطنين المتطرفين، وبمزيد من العقوبات القادمة.
وفي صراعات متطورة وفوضوية، لم يعد المراقبون يطرحون أسئلة حول ما إن كانت إسرائيل تستطيع الدفاع عن نفسها ضد جبهات متعدة، لكنهم يسألون: ما الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه؟ وبأي ثمن؟