بقلم سمدار بري ..يديعوت احرونوت
بدأت بالتصريحات حول ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، واستمرت بموضوع المساعدات الإنسانية ووصلت إلى الأبرز: محور فيلادلفيا الذي قد يعرض اتفاق السلام للخطر.
وكأنه تنقصنا المشاكل أثناء الحرب، والآن أيضاً نجحنا في خلق صراع مع مصر. ورغم أن الرئيس عبد الفتاح السيسي صامت ورئيس المخابرات المقرب منه عباس كمال لا ينطق بكلمة واحدة، إلا أن كبار العسكريين، بموافقة السلطات، يجاهرون ضد إسرائيل. بدأ الأمر بموجة من التصريحات من جانبنا بشأن إخلاء مليون ساكن من غزة إلى شواطئ سيناء. ووقف السيسي وأعلن بغضب شديد أنه “إذا كانت إسرائيل تهتم كثيراً بمصير سكان غزة، فعليها أن تأخذهم إليها وتوطنهم في النقب”. ويستمر هذا مع المبادرة الإسرائيلية لتوطين مليون من سكان غزة في ثلاث مدن على قناة السويس. وتحدثت إسرائيل عن تعويضات مالية من هيئات دولية يمكن أن تساعد في حل الأزمة الاقتصادية الحادة في مصر. وأوضح السيسي أنه لا توجد فرصة لذلك.
واستمر هذا الأمر نهاية الأسبوع الماضي، عندما أدرج أحد أعضاء الفريق الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية في لاهاي في كلمته تعليقاً على مسؤولية مصر تجاه سكان غزة، وعلى تراكم الصعوبات من جانب مصر فيما يتعلق بنقل المواد الغذائية والأدوية. وأعلن رئيس هيئة الاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، أن إسرائيل هي التي قامت بتعطيل نقل شاحنات الغذاء. ومن بعده صرح أيضاً رئيس حزب الوفد المصري الدكتور عبد السند يمامة أن إسرائيل هي التي منعت مرور شاحنات الغذاء، وكل المتحدثين المصريين يؤكدون أن مرور المساعدات الطبية والمنتجات الغذائية يلبي شروط المساعدات الإنسانية الدولية. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بحسب العسكريين المصريين، “يقفز” بين الحظر الكامل وبين الموافقة على مرور عدد صغير من الشاحنات.
والآن يتم التركيز على مسألة السيطرة على محور فيلادلفيا، الذي يمتد على مسافة 14 كيلومتراً من البحر الأبيض المتوسط إلى معبر كرم أبو سالم. وقد أعلنت إسرائيل أنها غير مهتمة بالبقاء في غزة بعد نهاية الحرب، و وأرسلت مبعوثاً خاصاً إلى مصر منسق العمليات في الأراضي العقيد رسان عليان، للتباحث مع رئيس المخابرات كمال، حول مستقبل المحور الذي يثير قلق الجانبين، فإسرائيل تريد منع تهريب الأسلحة ومعدات عسكرية عبر الأنفاق تحت المحور، ومصر التي تدرك المشكلة، تصر على أنهم “دمروا مئات الأنفاق وأغلقوا العشرات الأخرى بمياه البحر”.
وتحرص مصر على توضيح أنه لن يكون هناك تعاون مع القوات العسكرية الإسرائيلية. وتواصل إسرائيل إصرارها على إطلاق طائرات دورية فوق محور فيلادلفيا “لأننا يجب أن نسيطر”. ومصر ترفض. “هذا يثبت”، يوضح البروفيسور محمد عزت، الأكاديمي المصري الذي يعيش في كاليفورنيا، “مدى حساسية الجانبين تجاه بعضهما البعض، على الرغم من أن إسرائيل ومصر تفكران بنفس الأشياء تمامًا فيما يتعلق بحماس”.
وتشير آخر الأخبار الواردة من القاهرة إلى أنه في نفس الوقت الذي تعمل فيه قطر، تعمل مصر على اتفاق آخر للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين. ولا يوجد جدال في أن قطر ناجحة مع حماس، وإسرائيل تفضل الوساطة المصرية وتثق بها. في الوقت نفسه، حرصت مصر، التي تخشى الأضرار الاقتصادية والهجمات الأمنية على أراضيها، على نقل رسالة متحفظة إلى إسرائيل مفادها أن الهجوم على معبر فيلادلفيا قد يعرض اتفاق السلام للخطر. وهذا محور مزعج وحساس بين البلدين، رغم الاتفاق المشترك بخطورة حماس. ويجب ألا ننسى أن سجون مصر مليئة بسجناء حركة الإخوان المسلمين التي ولدت الحركة حماس.
ولا جدال أيضاً في أن مصر، مثلها مثل إسرائيل، تشعر بقلق بالغ من مستقبل الحركة والمخاطر الأمنية التي تخلقها. وتنزعج إسرائيل من تهريب الأسلحة من الجانب المصري الذي يأتي من السودان وإريتريا والسفن التي تبحر في البحر الأبيض المتوسط وتتوقف لمدة ساعة لتفريغ حمولتها على ساحل سيناء. وطالما ليس هناك سيطرة كاملة على محور فيلادلفيا، فإن التهريب سيستمر، وطالما لم يتم إرسال شخصية أمنية كبيرة جدًا إلى القاهرة، فقد تتعقد الأمور.