السياسي – نشرت صحيفة “الغارديان” افتتاحية قالت فيها إن قرار الكنيست الإسرائيلي منع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، أونروا، من العمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو صورة عن ظهور دولة خارجة عن القانون. وقالت إن منع أونروا دون بديل لها سيشلّ الدعم للفلسطينيين في ساعة الشدة، وهي خطوة غير مسؤولة من نواب الكنيست الإسرائيلي.
وقالت الصحيفة إن الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل تعمل بتهور على تحويل البلد إلى دولة مارقة، من خلال التصعيد في المواجهة مع الأمم المتحدة، ما يعتبر انحرافًا خطيرًا عن المساءلة الدولية. فمن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وما دونه، هناك مظاهر من الاحتقار الوقح للأعراف الدولية التي تغطي حقوق الإنسان، والنزاعات، والدبلوماسية.
وقالت إن هجمات “حماس”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ضد إسرائيل أشعلت الأزمة الحالية، إلا أن ردّ إسرائيل كان، وبشكل واضح، غير متناسب؛ فقد دمرت المدارس والمستشفيات والملاجئ، ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين. وبعد عام على اندلاع الحرب في غزة، زادت الأدلة التي تدعم مزاعم ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.
وفي الأسبوع الماضي، شجب مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، الجيش الإسرائيلي “لتعريض السكان [شمال غزة] فعليًا للقصف والحصار وخطر التجويع”.
وقالت الصحيفة إن إسرائيل قتلت موظفين تابعين للأمم المتحدة في غزة، وهاجمت قواعد تابعة للأمم المتحدة في لبنان. وكثيرًا ما اتهم المسؤولون الإسرائيليون الأمم المتحدة بمعاداة السامية، كما تم منع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من دخول إسرائيل بسبب “فشله في إدانة” الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران على إسرائيل، هذا الشهر.
إلا أن الكنيست الإسرائيلي، بتصويته لمنع أونروا من العمل في المناطق الفلسطينية المحتلة، قد قوّض الخدمات الأساسية التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين دون توفير بديل عن عمل أونروا بالكامل.
ويأتي ذلك في إطار الحرب التي تشنها إسرائيل ضد أونروا، واتهام موظفيها بمساعدة “حماس” في هجماتها العام الماضي، وهو ما تنكره أونروا.
وقالت الصحيفة إن التحرك يكشف عن التصرف اللامسؤول تجاه المنظمات الدولية. فتقويض عمل الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية، التي تحمي المدنيين، وتخفف من الظروف الطارئة، ليس مبررًا، ولا أحد يمكنه الدفاع عنه. وتعتبر هذه المنظمات أعمدة نظام الحكم والقانون الدولي، وربما لم يكن هذا النظام كاملاً وتامًا، إلا أنه يظل مهمًا لحماية ما يمكن أن يكون مظهر النظام الدولي، إن لم يكن العدل في داخل العلاقات العالمية.
وتعلّق الصحيفة بأن الولايات المتحدة وحلفاءها قد حموا إسرائيل من تداعيات أفعالها، وبوسع واشنطن وقف الحرب غدًا من خلال وقف تدفق الأسلحة، وفرض وقف إطلاق النار على الطرفين، ما يؤدي إلى الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة. ويجب عليها أن تفعل ذلك فورًا. ومع ذلك،
أصبحت السياسة الأمريكية مشلولة بسبب الحاجة إلى الفوز في الانتخابات، التي يعتبر فيها انتقاد الأفعال الإسرائيلية أمراً غير مقبول.
وتؤكد الأمم المتحدة، وبشكل صحيح، أن المعايير المزدوجة التي تنتهجها الولايات المتحدة تقوّض القانون الدولي وإنفاذه. ويخلق هذا النفاق معايير عدالة متنافسة، تقرن الجرائم ضد الإنسانية بالقيمة الإستراتيجية للدولة. ويمكننا أن نرى هذا التباين في البيان الختامي لقمة البريكس الأخيرة، الذي أقرّ بالإجراءات المؤقتة التي اتخذتها “محكمة العدل الدولية” ضد إسرائيل، والتي تهدف إلى منع الإبادة الجماعية وانتهاكات معاهدة جنيف.
ولا تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها، مثل بريطانيا، تجاهل انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي، فالتواطؤ في جرائم الحرب من شأنه أن يعكس تجاهلاً لأرواح المدنيين. ومع ذلك، فمن النادر ما تمت محاسبة الجنود الإسرائيليين على أفعالهم.
ويعكس قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الشهر الماضي، إجماعًا عالميًا على أن السلام يعتمد على تفكيك المستوطنات غير القانونية والانسحاب العسكري الإسرائيلي.
ويعتمد لعب دور الوسيط في السلام بين إسرائيل والفلسطينيين على قدرة الأمم المتحدة فرض قراراتها. ويشير الخلل في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى هذا، حيث تستخدم القوى الكبرى الشرق الأوسط كساحة لتحقيق مكاسب سياسية.
وفي غياب نهج جديد، فمن المستبعد تحقيق تقدم ملموس في عملية السلام في المنطقة. ويتعيّن على الولايات المتحدة أن تكبح جماح إسرائيل لبدء عملية سلام دولية قابلة للتطبيق، وبدون ذلك، فإن أي أساس للسلام ينهار.