المالكي يحذّر من تسلّل البعثيين إلى المؤسسات الحكومية

السياسي – جدّد زعيم ائتلاف «دولة القانون»، الأمين العام لحزب «الدعوة الإسلامية»، نوري المالكي،  تحذيره من خطر تسلّل أعضاء حزب «البعث» المحظور، إلى مجلس النواب، أو إلى مؤسسات الدولة الأمنية والاقتصادية.
وفيما شدد على أهمية عدم مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، دعا إلى حماية العملية السياسية وتطبيق إجراءات الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة.
وكان الحاكم المدني الأمريكي للعراق، بول بريمر، قد حل «حزب البعث العربي الاشتراكي» الذي كان يقوده الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، بعد احتلال العراق في عام 2003، وشكّل حينها لجنة «اجتثاث البعث».
وفيما بعد تغيّر اسم اللجنة إلى «الهيئة الوطنية لاجتثاث البعث»، قبل أن يستقر اسمها على «الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة»، وتتولى مسؤولية اجتثاث أفكار الحزب من مؤسسات الدولة وتصفية دوائرها من أعضائه.
وحسب بيان للمالكي، فقد «نص الدستور العراقي في مادته السابعة بشكل صريح على حظر حزب البعث، ومنع رموزه من العودة إلى الحياة السياسية تحت أي مسمى أو عنوان، واعتبر انتماءهم لهذا الحزب جريمة لا تسقط بالتقادم».
هذه المادة، جاءت، تبعا للمالكي «استجابة لمرحلة مظلمة من تاريخ العراق، عاش فيها الشعب سنوات من القمع والتمييز والدماء على يد نظام استبدادي استند إلى فكر عنصري وإرهابي وطائفي».
وانطلاقًا من هذا «المبدأ الدستوري»، تم «إنشاء هيئة المساءلة والعدالة، لتكون الجهة المختصة في كشف البعثيين، وجمع الأدلة التي تثبت انتماءهم، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، بما في ذلك منعهم من الترشح أو المشاركة في العملية السياسية»، وفق القيادي العراقي الذي أكد أن «النصوص القانونية تؤكد أن الهيئة ليست جهة قضائية تُصدر أحكامًا، بل جهة تنفيذية تعمل على تطبيق القانون وفقًا للدستور، وقراراتها ملزمة ولا يجوز التدخل فيها من أي جهة سياسية أو حكومية أو تشريعية».
واعتبر المالكي «أي محاولة للتساهل مع هذه الإجراءات أو التغاضي عنها، تعني فتح الباب أمام اختراق مؤسسات الدولة، وعودة الفكر البعثي عبر قنوات التشريع أو الأمن أو الاقتصاد، وهذا يشكل تهديدًا مباشرًا لمسار الدولة الديمقراطية، ويُعد استخفافًا بتضحيات العراقيين الذين قاوموا الاستبداد ودفعوا ثمنًا باهظًا من أجل بناء عراق جديد».
ودعا إلى «الوقوف الحازم مع هيئة المساءلة والعدالة، وتمكينها من أداء واجبها دون ضغوط أو عراقيل، وإذا ثبت بالأدلة أن أحد الأفراد الذين تسللوا إلى البرلمان أو مواقع الدولة كان منتمياً سابقاً لحزب البعث، فيجب شمله فورًا بالإجراءات القانونية، بصرف النظر عن موقعه الحالي أو الطريقة التي وصل بها إلى المنصب».
وبيّن أن «حماية العملية السياسية من التلوث البعثي ليست خيارًا، بل واجب وطني ودستوري، ولا يجوز تحت أي ظرف أن تُقدَّم المجاملات السياسية على حساب دماء العراقيين ومستقبل دولتهم».وهذه ليست المرة الأولى التي يحذّر منها المالكي من خطورة عودة الحزب المحظور إلى النشاط السياسي مرّة أخرى، ففي مطلع حزيران/ يونيو الماضي، دعا هيئة المساءلة والعدالة، ومفوضية الانتخابات، إلى إجراء «تدقيق أمني» للمرشحين والأحزاب وخلفياتهم.
حينها أفاد بأن «الدستور العراقي وفي المادة السابعة، حظر كل كيان أو نهج تبنى العنصرية أو الإرهاب، أو يحرض أو يمهد ويمجد أو يروج لها وبخاصة البعث الصدامي ورموزه في العراق، وتحت أي مسمى كان»، ورأى أن «من هذا المنطلق وحفاظا على التجربة الديمقراطية في العراق، نؤكد ضرورة التزام مؤسسات الدولة بمنع مشاركة او تسلل أي من الذين نصت عليهم المادة الدستورية أعلاه». ودعا في بيان أصدره وقتها، هيئة المساءلة والعدالة ومفوضية الانتخابات إلى «اجراء التدقيق الأمني وفق الدستور في خلفيات المرشحين والأحزاب، ضمانًا لنزاهة العملية الانتخابية، وللكشف عن المتورطين في الترويج أو التمهيد أو التبرير لأفكار حزب البعث، ومنع ترشحهم او مشاركة اي شخصية او كيان يندرج ضمن المحظورات الدستورية».
ويمثل حزّب «الدعوة الإسلامية» الذي يتزعمه المالكي، أبرز الأحزاب السياسية العراقية المعارضة إبان فترة تولي حزب «البعث» السلطة في البلاد قبل عام 2003.
وكان الحزب قد اتفق مع موقف زعيمه في التحذير مما وصفها «محاولات إشراك البعثيين» في الانتخابات المقبلة، مشيراً الى وجود معلومات عن اجتماعات لهم في بعض المحافظات.
وفي بيان موازٍ للمكتب السياسي للحزب، في (6 حزيران/ يونيو 2025)، أشار إلى أن «ضحايا البعث سيقفون حاجزاً منيعاً دون توغل البعثيين الى الحياة السياسية في العراق اليوم وغداً، ولا بد أن تتم ملاحقتهم كالحزب النازي بقوة القانون والقضاء والوعي الشعبي العالي، وحماية التجربة الديمقراطية من التلوث والاختراق، وهي مسؤولية وطنية وشعبية عامة».
الخطر من عودة «البعث» مجدداً إلى العمل السياسي، أشار إليها أيضاً رئيس مجلس القضاء الأعلى الاتحادي، فائق زيدان، عندما شدد على تنفيذ إجراءات «هيئة المساءلة والعدالة» ضمن الإجراءات التي تسبق إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة.
في نهاية تموز/ يوليو 2025، عقد مجلس القضاء الأعلى اجتماعا اتفق فيه على تطبيق قانون هيئة المساءلة والعدالة بما يتعلق بالانتخابات المقبلة.
وقال المجلس في بيان حينها، إن «مجلس القضاء الأعلى استضاف اجتماعا حضره رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، ونواب رئيس محكمة التمييز الاتحادية القاضي كاظم عباس رئيس الهيئة القضائية للطعن بقرارات هيئة المساءلة والعدالة، والقاضي حسن فؤاد رئيس الهيئة القضائية المختصة بالطعن بقرار مجلس مفوضية الانتخابات، ورئيس الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة، باسم البدري وعدد من أعضاء الهيئة». وأضاف أنه «جرت خلال اللقاء مناقشة إجراءات هيئة المساءلة والعدالة بخصوص الانتخابات النيابية المقبلة».
وتابع أن «المجتمعين اتفقوا على تطبيق قانون هيئة المساءلة والعدالة بشكل دقيق ومنع وصول المرتبطين بحزب البعث المقبور إلى قبة البرلمان، وأن تكون إجراءات الهيئة شفافة وعدم السماح باستخدام هذا الملف لأغراض غير المنصوص عليها في القانون».