السياسي – في نوفمبر 2009 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 18 يوليو من كل عام يومًا دوليًّا للرئيس الجنوب إفريقي الراحل والمناضل التاريخي نيلسون مانديلا.
ويوافق هذا التاريخ ذكرى ميلاد مانديلا الذي أبصر النور في هذا التاريخ من العام 1918 بقرية مفيتزو بمقاطعة أوماتاتا الجنوب إفريقية.
وتتزامن ذكرى ميلاد المناضل التاريخي هذا العام ويومه العالمي مع دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يومها رقم 285، ومن المعلوم أن مانديلا كان أحد مناصري القضية الفلسطينية.
-سيرة مضيئة
كافح الزعيم الجنوب الإفريقي نيلسون مانديلا ضد سياسة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا (أبارتايد)، وهي السياسة التي ضمنت حكم الأقلية البيضاء للأغلبية من السكان الأصليين.
وتدرج مانديلا في مسيرته النضالية واتخذ من حزب المؤتمر الوطني منبرا لنشر أفكاره حول المساواة ونقد الفصل العنصري.
وفي 1962 اعتقلت الشرطة الجنوب إفريقية التي يسيطر عليها البيض نيلسون مانديلا، ووجهت له تهم التحريض على الإضرابات العمالية ومغادرة البلاد بدون إذن.
وقبع مانديلا في السجن حتى العام 1990 قبل أن يخرج ويخوض مفاوضات ومباحثات لإرساء الديمقراطية في جنوب إفريقيا وإلغاء سياسة الفصل العنصري.
-مانديلا وفلسطين
بعد أسبوعين فقط من إطلاق سراحه من السجن في عام 1990، سافر نيلسون مانديلا إلى زامبيا للقاء القادة الأفارقة الذين دعموا كفاحه ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
وبرزت شخصية بين الرجال الذين يرتدون بدلات داكنة وينتظرون بفارغ الصبر استقبال مانديلا على مدرج المطار: الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات الذي كان يرتدي الكوفية ذات المربعات السوداء والبيضاء، سافر لرؤية مانديلا المفرج عنه حديثًا.
أمسك مانديلا في عناق عرفات وقبله على كل خده. ابتسم مانديلا على نطاق واسع. وكان ذلك تأكيدًا على التضامن بين رجلين اعتبرا أن نضال شعبيهما من أجل الحرية هو نفسه.
-صراع مشترك
أثار نيلسون مانديلا بانتظام محنة الفلسطينيين. وبعد ثلاث سنوات من تفكيك نظام الفصل العنصري وحكم الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا، وانتخاب مانديلا رئيسًا في انتخابات تاريخية متعددة الأعراق في عام 1994، أعرب عن شكره للمجتمع الدولي على مساعدته. وأضاف: «لكننا نعلم جيدًا أن حريتنا غير مكتملة بدون حرية الفلسطينيين».
وقارن مانديلا وزعماء جنوب إفريقيا من بعده القيود التي فرضتها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية بمعاملة السود في جنوب إفريقيا خلال نظام الفصل العنصري، ووضعوا القضيتين على أنهما تتعلقان بشكل أساسي بالأشخاص المضطهدين في وطنهم. قدمت إسرائيل أنظمة أسلحة لحكومة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وحافظت على علاقات عسكرية سرية معها حتى منتصف الثمانينيات، وحتى بعد إدانتها العلنية للفصل العنصري.
وقد دأب حزب المؤتمر الوطني الإفريقي على انتقاد إسرائيل باعتبارها «دولة فصل عنصري» حتى قبل الحرب الحالية. كما اتهمت جماعات حقوق الإنسان الدولية إسرائيل بارتكاب جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، وهو ما «يتردد صداه بقوة في جنوب إفريقيا»، كما قال ثامسانكا مالوسي، وهو من جنوب إفريقيا محامي حقوق الإنسان.
ورغم أن مانديلا رجل الدولة الحائز على جائزة نوبل للسلام تواصل أيضاً مع إسرائيل في محاولة لتعزيز الحل السلمي فقد اشتدت حدة الخطاب المناهض لإسرائيل في جنوب إفريقيا على مر السنين حتى إنه تسرب في بعض الأحيان إلى الحياة اليومية. على سبيل المثال ضغط جناح الشباب في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي على سلاسل متاجر البقالة في جنوب إفريقيا لإسقاط المنتجات الإسرائيلية وهدد بإغلاقها بالقوة إذا لم تفعل ذلك.
-جنوب إفريقيا تقاضي إسرائيل
في ديسمبر 2023 أي بعد شهرين من اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بادرت دولة جنوب إفريقيا إلى رفع دعوى في محكمة العدل الدولية بلاهاي في هولندا ضد إسرائيل.
وفي مرافعة مكونة من 84 صفحة قدم الفريق القانوني الجنوب إفريقي أدلة ووثائق ومستندات تثبت ضلوع إسرائيل في تنفيذ «إبادة جماعية بحق الفلسطينيين».
وفي يناير 2024 أصدرت المحكمة حكمها على إسرائيل باتخاذ «تدابير لمنع الإبادة الجماعية في غزة».
وعلق وزير العدل الجنوب إفريقي رونالد لامولا في جنوب إفريقيا على الحكم، وقال إن «الزعيم الجنوب إفريقي الراحل نيلسون مانديلا (سيبتسم في قبره) بعد أمرت محكمة العدل الدولية بفرض تدابير طارئة على إسرائيل بسبب حربها في غزة».
وأضاف لامولا لرويترز على هامش اجتماع لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم «نعتقد أن الرئيس السابق نيلسون مانديلا سيبتسم في قبره بصفته أحد المدافعين عن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية».
ولطالما دافع حزب المؤتمر الوطني الإفريقي لعقود عن القضية الفلسطينية، وهي علاقة تشكلت عندما رحبت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات بنضال الحزب ضد حكم الأقلية البيضاء.
وتجدر الإشارة إلى أن إسبانيا وكوبا ودول أخرى أعلنت عن اعتزامها الانضمام إلى دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل.