كشف مسؤولون ومستشارون غربيون، إن “إيران ترسل أسلحة متطورة بشكل متزايد” إلى حليفتها جماعة الحوثي في اليمن، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، لافتين إلى أن الحوثيين استخدموا هذه الأسلحة في هجماتهم على السفن بالبحر الأحمر.
وحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، فإن تلك الأسلحة تعزز قدرة المتمردين على مهاجمة السفن التجارية وتعطيل التجارة الدولية، وذلك بالرغم من الغارات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على الحوثيين.
ويقول هؤلاء المسؤولون والمحللون إن الحوثيين، “كانوا في السابق موضع سخرية واستخفاف، باعتبارهم ميليشيات متناثرة تعمل في المناطق النائية القاحلة في اليمن، بيد أنهم أضحوا مؤخرا من أكثر وكلاء إيران من حيث الإمكانيات العسكرية، وذلك بسبب تدفق الأسلحة من طهران، وبراعتهم في المعارك المحلية”.
ومن المعدات المتطورة التي زودت بها إيران الحوثيين، أجهزة تشويش للطائرات بدون طيار، وأجزاء من الصواريخ والقذائف بعيدة المدى، وفق الصحيفة الأميركية.
وأدت الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار التي شنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر، والتي يقولون إنها تأتي ردا على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، إلى شن هجمات مضادة أميركية وبريطانية لمدة أسبوعين.
ومع تعرض الحوثيين لضغوط من الضربات الأميركية والبريطانية، رأى مسؤولون غربيون، وفق الصحيفة، “علامات” على أنهم “يتكيفون عسكريا”، ويقولون إن “التقنيات الجديدة يمكن أن تزيد من فعالية هجمات الجماعة الأصولية على السفن والأراضي الإسرائيلية”.
في الوقت الذي يكثف فيه الجيش الأميركي ضرباته على قوات الحوثيين في اليمن وردا على الهجمات على القوات في العراق وسوريا، يبرز سؤال معقد لم يتردد الصحفيون في طرحه على البنتاغون حول تعريف الضربات الأميركية على الحوثيين وهل تعني أن واشنطن في حالة حرب.
والإثنين، شنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضربات جديدة على 8 مواقع للحوثيين، وهي المرة الثامنة التي تستهدف فيها الولايات المتحدة الجماعة وأسلحتها، والتي قدمت إيران الكثير منها.
وقال مسؤولون أميركيون إن الضربات دمرت صواريخ وطائرات بدون طيار ومناطق لتخزين الأسلحة.
وأوضح مسؤولون ومستشارون غربيون أنه في 11 كانون الثاني/ يناير، أي قبل يوم واحد من أولى تلك الضربات الغربية المضادة، احتجزت قوات البحرية الأميركية سفينة محملة بأحدث التقنيات العسكرية الإيرانية.
وشملت تلك المعدات مجموعات تجميع صاروخ “الغدير”، وهو صاروخ إيراني مضاد للسفن يصل مداه إلى أكثر من 200 ميل ولم يستخدمه الحوثيون من قبل.
كما شملت المعدات فوهات لمحركات صواريخ “طوفان”، وهي صواريخ باليستية كشفت عنها الجماعة مؤخرًا، بالإضافة إلى أجهزة بصرية مصممة لتحسين دقة هجمات الطائرات بدون طيار، وفق “وول ستريت جورنال”.
وقبل 3 أيام، صادرت السلطات العمانية أيضًا أجهزة تشويش على الطائرات بدون طيار، والتي قال مسؤولون ومستشارون غربيون إنها “قدمت أيضًا من إيران”.
وإلى جانب الأسلحة، أرسل الحرس الثوري الإيراني وحليفه اللبناني حزب الله، مستشارين إلى اليمن للمساعدة في شن الهجمات البحرية، وإطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار، وفقًا لمستشارين ومسؤولين أمنيين غربيين.
وأضافوا أن “طهران تستعين بمهربين لجلب الأسلحة إلى اليمن من إيران، وعن طريق وسطاء لشراء قطع الغيار عبر شركات أخرى”.
وقال المستشارون الأمنيون والمسؤولون، إن “مهندسين في اليمن ودول أخرى في المنطقة، يساعدون في تجميع الصواريخ والطائرات بدون طيار وتشغيلها، في حين يقدم عمال صناعة الشحن معلومات استخباراتية بشأن السفن التي سيتم استهدافها”.
ودفعت المساعدات العسكرية الإيرانية المتزايدة للحوثيين، واشنطن، إلى تقديم شكوى إلى طهران عبر السويسريين، حسب “وول ستريت جورنال”.
وتساعد إيران الحوثيين بواسطة بعض من أبرز الضباط في الحرس الثوري، إذ أوضح مستشارون أمنيون ومسؤولون غربيون أن “رئيس عمليات طهران في اليمن هو عبد الرضا شهلائي، الذي سبق له أن أشرف على تنفيذ هجمات على جنود أميركيين في العراق”.
وشهلائي مطلوب من قبل واشنطن بمكافأة قدرها 15 مليون دولار.
وقال المستشارون والمسؤولون الأمنيون الغربيون، للصحيفة، إن علميات نقل تقنيات الصواريخ الباليستية والتدريب عليها “تشرف عليها الوحدة 340، التي دربت أفراداً من الحوثيين في إيران ولبنان، ويقودها الرئيس السابق لبرنامج الصواريخ الفضائية الإيراني، حامد فاضلي”.
وقال مسؤولون أمنيون غربيون وإقليميون في وقت سابق، إن القوات الإيرانية (الحرس الثوري) توفر أيضًا معلومات استخباراتية وأسلحة في الوقت الفعلي، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والصواريخ، للحوثيين في اليمن، والتي يستخدمها المتمردون لاستهداف السفن التي تمر عبر البحر الأحمر”.
وتصر إيران على أنها لا تشارك في عمليات الحوثيين، وأن تصرفات الجماعة مدفوعة فقط بالغضب من “العدوان على غزة”.
وقال نائب وزير الخارجية الإيراني، علي باقري، في إشارة إلى حلفائه في اليمن، وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط: “المقاومة لها أدواتها الخاصة وتتصرف وفقاً لقراراتها وقدراتها”.
لكن محللين إيرانيين أوضحوا أنه في حين أن الحوثيين يتصرفون “بشكل مستقل إلى حد كبير، فإن إيران تسمح للوضع بالتصعيد، لأنه يخدم أجندتها المتمثلة في الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، دون خوف من الانتقام المباشر”.
وقال سعيد جولكار، وهو أستاذ مساعد للعلوم السياسية في جامعة تينيسي”في تشاتانوغا، الزميل غير المقيم لشؤون السياسة الإيرانية في “مجلس شيكاغو للشؤون العالمية”، إن “الحمض النووي العسكري الإيراني يعتمد على إنكار المسؤولية وإجبار الآخرين على القيام بالمهام القذرة”.
ومن أجل العمل على تآكل ترسانة الحوثيين، قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بقصف مواقع إطلاق الصواريخ ومخابئ الأسلحة في اليمن، والقيام بدوريات في المياه لعرقلة تدفق الأسلحة إلى الحوثيين.
ومع ذلك، فإن “الحوثيين وحلفائهم الإيرانيين يتكيفون مع الضغوط، فبعد تحرك السفن الحربية الأميركية إلى البحر الأحمر، بدأ المتمردون في استهداف السفن شرقًا في خليج عدن، حيث لا وجود للولايات المتحدة”، كما يقول مسؤولون تنفيذيون في مجال الشحن.
بعد تحذيرات متلاحقة لوقف أعمالهم العدائية بالبحر الأحمر، نفذت قوات أميركية وبريطانية، ضربات استهدفت بنيات تحتية عسكرية تابعة للحوثيين في اليمن، لدفع الجماعة المسلحة لخفض تصعيدها، وحماية حركة الملاحة والتجارة التي تضررت جراء هجماتها على السفن التجارية بهذا الممر البحري الحيوي.
وقال بهنام بن طالبلو، وهو زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، إن “الحوثيين لديهم القدرة على الضربات بعيدة المدى الأكثر فتكا من أي مجموعة من وكلاء إيران، وهم الوحيدون الذين يستخدمون الصواريخ الباليستية المضادة للسفن”.
وأضاف أن الحوثيين “استخدموا في مناسبة واحدة على الأقل صاروخا تم العثور عليه لاحقا في ترسانة إيران”.
وقال: “هناك أدلة تشير إلى أن اليمن ساحة معركة مهمة لاختبار الأسلحة الإيرانية والتطوير المحتمل”، مضيفاً أن “طهران لديها ترسانة في الداخل وترسانة في المنفى”.
ويقول المسؤولون والمستشارون الغربيون للصحيفة، إن الحوثيين “يتنقلون أيضًا بالمعدات والأفراد لتجنب الضربات، ويبدو أنهم يتلقون الأسلحة في عبوات عائمة، وليس في عمليات نقل من سفينة إلى سفينة يمكن رؤيتها بشكل أكبر من الجو”.
وفي الوقت نفسه، أشاروا إلى أن “سفينة تجسس إيرانية قدمت معلومات عن أهداف في البحر الأحمر غادرت، لتجنب استهدافها من قبل الولايات المتحدة”.