السياسي – مع استمرار العدوان على قطاع غزة للشهر الثالث، أظهرت استطلاعات رأي وإحصائيات من مراكز وهيئات موثوقة حجم الخسائر التي تكبدتها إسرائيل من جراء الحرب الذي بدأت منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وتأثرت إسرائيل اقتصاديا واجتماعيا على خلفية الحرب الدائرة ضد الفصائل الفلسطينية. ووفق مراكز بحثية متخصصة ارتفعت معدلات الهجرة العكسية من إسرائيل كنتيجة مباشرة لفقدان الأمن وتراجع أداء الاقتصاد، بعد ما غادر أكثر من 230 ألف مستوطن إسرائيل منذ بدء الحرب مع توقعات بارتفاع الأعداد في ظل استمرار حصار غزة.
فقدان الثقة
الخسائر التي منيت بها إسرائيل مع إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مواصلة العدوان على قطاع غزة، رغم ما يتكبده من خسائر سواء على صعيد عدد القتلى في صفوف جيشه أو شعبيته التي تضررت بشدة، وزاد حادث مقتل 3 محتجزين في شمال غزة برصاص الجيش الإسرائيلي عن طريق الخطأ من حجم الخسائر السياسية.
ومثلت الواقعة صدمة في الرأي العام الإسرائيلي. كما أظهر استطلاع للرأي أن 55% من الإسرائيليين يعتقدون أن من غير المرجح عودة جميع المحتجزين.
وأظهر استطلاع آخر أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في 19 ديسمبر/كانون الأول أن أكثر من ثلث الإسرائيليين لا يعتقدون أن بمقدرة إسرائيل القضاء على حركة حماس.
ويشير تقرير إلى أن الدعوات الدولية تزايدت لوقف القتال، كما أظهرت الحرب في غزة عدم دقة المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية، والتي كان آخرها ما كشفت عنه صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية من أن عدد الأنفاق في غزة يفوق تقديرات إسرائيل بنسبة 500%.
هروب جماعي
في القدس مؤسسة تاجليت الإسرائيلية أنفقت 3 مليارات دولار بدل نفقات سفر وإقامات سياحية لجلب 800 ألف يهودي من حول العالم لإقناعهم بالاستيطان في إسرائيل.
وأكد أنه خلال العام الماضي وفد 74 ألف يهودي من 60 دولة للاستيطان، لكن الحرب غيرت كل شيء.
وبحسب «السكان والهجرة الإسرائيلية» غادر نحو 370 ألف إسرائيلي، إضافة إلى نحو 600 ألف يهودي كانوا في الخارج في الأصل، مما يعني أن 1 من كل 7 يهود غادر إسرائيل.
موقع «شنغن» للفيزا الأوروبية اورد بتقدم نحو 68% من الإسرائيليين بطلب الجنسية البرتغالية، بحجة أن أجدادهم كانوا برتغاليين، فضلا عن تقدم 13% لاكتساب الجنسية الفرنسية، و10% للألمانية.
وتؤثر الهجرة العكسية في قطاعين، أولهما اقتصادي بهروب رجال الأعمال، أما الثاني فهو تناقص قوة الجيش بتآكل عدد جنود الاحتياط.
نزوح داخلي
ووفق تقرير بعنوان «المجتمع الإسرائيلي مهدد بالانهيار»، سلط الضوء على ما أسهمت به حرب إسرائيل على غزة في انهيار مؤشرات رأس المال الاجتماعي بفقدان الشعور بالأمان والثقة، مسلطة الضوء أنها جاءت في إطار الغليان الإسرائيلي الداخلي، وما أحدثته من انقسام حاد بسبب الإصلاحات القضائية التي تبنتها حكومة نتنياهو، إذ كانت تقضي بتقليص صلاحيات المحكمة العليا لصالح الحكومة، ما أشعر اليهود الليبراليين بأن إسرائيل التي يصفونها بالواحة الديمقراطية في الشرق الأوسط، باتت قيد التحول إلى دولة ديكتاتورية أو سلطوية.
وأشار التقرير إلى أن الحرب على غزة كشفت النقاب عن ظاهرة النزوح الداخلي للمستوطنين الهاربين من مناطق غلاف غزة، وما نجم عنها من آثار اقتصادية واجتماعية ونفسية في شريحة واسعة من المستوطنين.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن 500 ألف نزحوا من مستوطنات الغلاف إلى داخل إسرائيل، وهم مستوطنون مهاجرون في الأصل، فيما أخليت مدينة سديروت بالكامل، وهي تضم نحو 20 ألف مستوطن، مع استمرار إخلاء المستوطنات القريبة من الحدود الشمالية مع لبنان.
فشل أمني
بحسب ما أورده التقرير فإن الظروف الحالية في إسرائيل تشير إلى احتمالية ارتفاع معدلات البطالة نتيجة توقف المنشآت الصناعية والسياحية والخدمية وخروج بعضها عن العمل جزئيًا أو بشكل تام، بجانب زيادة معدلات الجريمة والانتحار والإحباط واليأس بسبب الفشل الأمني والعسكري الإسرائيلي في إدارة الأزمة الراهنة، مما يدفع إلى زعزعة دعم الرأي العام الإسرائيلي لأجندة الحكومة العسكرية والسياسية.
وفيما يتعلق بالخسائر الاقتصادية، لفت التقرير إلى وجود تأثيرات سلبية للنزوح والهجرة على الاقتصاد الإسرائيلي، وخصوصا مع اتجاه وهروب بعض الشركات والمستثمرين الأجانب وتصفية أعمالها في إسرائيل على خلفية الأزمات الحالية، وعدم وجود أمان في المنطقة بسبب الحرب واتجاه الشباب للجيش نتيجة التعبئة العامة.
ودفع الوضع الاقتصادي المتردي البنك المركزي الإسرائيلي إلى الدعوة لضرورة اتباع سياسة مالية مسؤولة، متوقعا ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي اعتبارا من العام الحالي لتصل إلى 62% هذا العام ثم إلى 65% عام 2024.
وبحسب محللين، فإن الخسائر الاقتصادية ستطال القطاعات الاقتصادية كافة، في ظل تعطل النشاط الاقتصادي في الجنوب الإسرائيلي بسبب الرشقات الصاروخية التي تطلقها الفصائل الفلسطينية بشكل مستمر على مدن الجنوب التي توفر 70% من سلة الغذاء لإسرائيل.
وتشير البيانات إلى أن قرابة 120 ألف عامل جديد أضيفوا إلى قائمة البطالة نتيجة تعطل قطاعاتهم عن العمل بسبب الحرب.
المصدر : قناة الغد