بعد تعهده بوقف الحروب – هل يتحول ترامب إلى رجل سلام

السياسي – “لا خلاف على أن الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقبلة، دونالد ترامب، رجل “براغماتي” لا يعرف سوى لغة التجارة والحسابات المتعلقة بالربح والخسارة”، بحسب تعليقات لمحللين وباحثين في العلاقات الدولية ومتخصصين بالشأن الأمريكي، على تدوينة لترامب على منصة “إكس”، قال فيها “حان الوقت لإنهاء الحرب”.

وترامب، الذي يتعهد من حين إلى آخر بوقف الحروب في العالم، والذي وضع في صورة “رجل سلام” مع هذا التعهد الإنساني، يرتبط بالمقام الأول بمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، والحفاظ على مصالحها ونفوذها وثقلها الدولي، وفق الخبراء.

ولفتوا إلى أن ترامب لن يستطيع المساس بأي مخصصات مالية أو عسكرية أو دعم سياسي لإسرائيل في الحرب على غزة.

رجل “براغماتي”
ويرجع الباحث في مركز الشرق الأوسط للسياسات بواشنطن ماركو مسعد، الإعلان المستمر للمرشح الجمهوري عن رغبته في إنهاء الحروب بالعالم إلى كونه رجلًا “براغماتيًّا” عمليًّا، وفي ظل هذه الحروب، فإن أمريكا ستخسر المزيد من الأموال، وسيكون لذلك انعكاسات سلبية على مصالحها وسياساتها، مشيرًا إلى أن كل ما يصدر عن ترامب يدور في فلك الحسابات المالية والربح والخسارة الاقتصادية البحتة.

لكن مسعد شدد،على أن أي وقف لدعم عسكري من أمريكا سواء لـ”الناتو”، أو مساندة كييف في الحرب الروسية، لن يكون له أي علاقة أو مساس بالتزام أمريكا تجاه إسرائيل، من حيث دعمها ماديًّا وعسكريًّا وسياسيًّا، مؤكدًا أنه من المستحيل أن يقترب ترامب أو غيره من هذا الدعم.

ودلل على ذلك بتصريحات المرشح الجمهوري مخاطبًا إسرائيل بضرورة الإجهاز على حركة حماس، حتى يكون لذلك انعكاس على حجم الدعم المقدم لإسرائيل وكلفته.
وأوضح مسعد أن تعهد ترامب بوقف الحروب، ليس لكونه “حمامة سلام”، لكنه يريد حدوث انتعاش اقتصادي عالمي، وأن تدير الولايات المتحدة ذلك لتزيد مكاسبها، وأن يكون تدخلها فقط في الخارج، عندما تهدد مصالحها السياسية والاقتصادية، على عكس الرئيس الحالي جو بايدن، الذي يميل إلى انخراط أمريكا في كل مشكلة دولية والتعامل معها.
وبحسب تقدير مدير مركز بروكسل الدولي للبحوث، الدكتور رمضان أبو جزر، فإن ترامب يحاول من خلال مزاعم القدرة على إنهاء الحروب في العالم، تسجيل نقاط ضمن حملته الدعائية في الانتخابات الرئاسية، ومخاطبة الشارع الأمريكي على طريقة “الزعيم” المنقذ، والقادر على التعامل سواء مع القضايا الداخلية أو الخارجية، بطريقة ولغة هدفها دغدغة مشاعر البعض، والتطرق إلى هذا الأمر حتى قبل إطلاق الحملة الانتخابية بهدف إحراج الرئيس جو بايدن والحزب الديمقراطي.
وأوضح أبو جزر، أنه ليس لدى ترامب خطة واضحة وفعلية لوقف الحرب في أوكرانيا، وحتى فيما يتعلق بإنهاء الحرب في غزة، ارتبطت بما هو “شائن” من جانبه، بتقديم الدعم المفتوح لإسرائيل للقضاء على من وصفهم بـ”الأعداء”.

“رجل بروباغندا”
وقال أبو جزر إن ترامب “رجل بروباغندا”، ورهانه باستخدام تلك العبارات لا يخرج عن هدف التأثير في شريحة كبيرة من الناخبين، مشيرًا إلى أنه لن يستطيع أن ينفذ تلك الوعود إذا وصل إلى البيت الأبيض مجددًا، وأن مثل هذه العبارات يطلقها عادة الكثير من الرؤساء خلال حملاتهم الانتخابية، ثم يقفزون عن وعود قطعوها ويلتزمون بأدبيات الدولة العميقة.
وطرح أبو جزر في هذا الصدد، العديد من التساؤلات: “ما الطريقة التي سيوقف بها ترامب الحرب.. هل سيضغط على أوكرانيا بالتنازل عن جزء كبير من أراضيها .. هل سيطالب بوتين بالانسحاب من هذه الأراضي؟.. من المؤكد أن بوتين لن يستجيب!”.
ومن جانبه، يرى أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور عبد المسيح الشامي، أن موقف ترامب من الحرب في أوكرانيا، ليس مبنيًّا على أنه “حمامة سلام”، لأن القضية بالنسبة إليه اقتصادية لا تخرج عن حسابات بين الربح والخسارة، لا سيما أنه في الأساس رجل أعمال، لديه خبرة بالحسابات الدقيقة لنتائج كل عمل أو مشروع أو تحرك من قبل الدولة.
ويشير الشامي، إلى أن حديث ترامب حول إنهاء الحروب، لا سيما “الروسية – الأوكرانية”، يأتي وفق مقاييس الربح والخسارة من منظور أمريكي، لافتًا إلى أساليب أخرى يمكن اتباعها للدفاع عن ثقل ومصالح وموقع الولايات المتحدة، بحسب رؤيته.
وقال الشامي إن منهجية ترامب في الثقل الدولي الأمريكي وحماية المصالح، لها طرق أخرى لتعزيز السيطرة وتحقيق الأهداف الأمريكية بأقل الخسائر، مع اقتناعه بأنه لا يوجد أي مبرر لتمويل حلف “الناتو” والحرب في أوكرانيا.