ترامب الأميركي القذر

عمر حلمي الغول

عندما رشح نفسه للرئاسة عن الحزب الجمهوري 2016، لم يكن معروفا في الاوساط الأميركية عموما، الا كرجل اعمال في حقل العقارات، ولديه برنامج اعلامي ثانوي، وكان بعيدا عن النخب والمشهد السياسي الأميركي. وكونه صاحب ثروة مالية، وبحكم نزوعه كمقامر ومغامر كبير ومزاجي مسكون بعنصرية عالية ضد السود وأبناء الاثنيات اللاتينية والاسيوية، ارتأى ان ينافس على كرسي الحكم.
نعم اعجبته فكرة الترشح للرئاسة وخاضها بقوة وبوسائل مختلفة عن كل المرشحين الجمهوريين والديمقراطيين، حيث اعتمد على الشو الإعلامي، واستفاد في حملته الانتخابية من أخطاء منافسيه الجمهوريين، وتقدم عليهم، وتفوق نسبيا على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، من خلال الاستخدام الأكثر إثارة لمواقع التواصل الاجتماعي، ووفق بعض المصادر أطلق على موقع “تويتر” السابق إكس الحالي نحو 26000 بوست، وطرح قضايا فجة واشكالية ومن خارج الصندوق المتداول، حتى تمكن من استقطاب النسبة الأعلى في الانتخابات آنذاك.
وبعد جلوسه على كرسي الحكم مطلع 2017 لم يغير أسلوبه الفاجر في محاكاة اقرانه داخل الإدارة الأميركية، ولا ضد خصومه الديمقراطيين، ولا ضد حكام العالم بمن فيهم الأوروبيين حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين، وانتهج سياسات دراماتيكية في التخلي عن حلف الناتو، احد ركائز واشنطن الأساسية في السياسة الدولية، والغى العديد من الاتفاقيات الاممية منها الشراكة عبر المحيط الهادي، واتفاقية باريس للمناخ، ومنظمة اليونيسكو، الميثاق العالمي للهجرة، الاتفاق النووي الإيراني، مجلس حقوق الانسان الاممي، الغاء الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الاونروا” واتفاقية الحد من التسلح مع روسيا ومنظمة الصحة العالمية، وفرض عقوبات اقتصادية على الصين، وبنى سورا بين بلاده والمكسيك بذريعة منع الهجرة، وانتهج سياسات متهورة، وارتكبت في الولايات المتحدة اعلى نسبة قتل للسود والملونين، والأخطر انه هدد الديمقراطية الأميركية بعد فرز نتائج انتخابات 2019، حيث رفض الإقرار بالهزيمة امام الرئيس الحالي بايدن، ودفع اقرانه من العصابات العنصرية لاقتحام مبنى الكونغرس في 6 يناير 2020، التي حوكم عليها الى ان اسقطتها المحكمة العليا الأميركية قبل ايام.
هذا الأميركي البشع، ونموذج راعي البقر القاتل لم يتورع هذه الأيام في حملته الانتخابية ومناظرته الأولى مع منافسه الديموقراطي يوم الجمعة الماضي (28 يونيو 2024) عن وصف بايدن ب”الفلسطيني السيء”، مؤكدا عنصريته العميقة باعتبار الفلسطيني عنوانا “للدونية” و”الإساءة” او “الإهانة”، وعاد مكررا سقوطه اللا أخلاقي، ونزوعه الهمجي في وصف زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر بانه “أصبح فلسطينيا” خلال تجمع انتخابي في فرجينيا، حسب موقع “هافنغتون بوست”، الذي كان وجه انتقادا لنتنياهو وحكومة حربه على خلفية حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة في مارس الماضي، ودعاه للتنحي عن رئاسة الحكومة.
ولم يتوقف الامر عند حدود ذلك، بل كان المرشح الجمهوري العنصري هدد الطلاب الاميركيين المحتجين على حرب الإبادة، والداعمين للحقوق الفلسطينية، والمطالبين بوقف الحرب الوحشية بالطرد من الجامعات وخارج الولايات المتحدة في مايو الماضي، وتعهد بسحق تلك الاحتجاجات إذا أصبح رئيسا، حسب صحيفة “واشنطن بوست”.
ومع ان عدائه للشعب والقيادة والاهداف الفلسطينية ليست جديدة، لا سيما وانه اعتمد صفقة القرن المشؤومة، التي صاغها نتنياهو، في نهاية عام 2017 بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية من تل ابيب الى القدس العاصمة الفلسطينية، وفرض التطبيع الاستسلامي على العديد من الدول العربية، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة التي لاحق فيها المصالح الفلسطينية.
لكنه طيلة ولايته السابقة لم يستخدم المفاهيم العنصرية الوقحة ضد الشعب الفلسطيني، بيد انه بعد لقائه مع مريام اديلسون المليارديرة الإسرائيلية الأميركية في 4 يونيو الماضي، وتعهدها أن تكون أكبر متبرعة له في حملته الانتخابية للعودة للبيت الأبيض شريطة ان يضم الضفة الفلسطينية إن أصبح رئيسا، وكان زوجها الميت اكبر داعم له في حملته الانتخابية عام 2016، بق البحصة العنصرية التي تسكنه، ونطق فجورا ووقاحة بما ليس في الشعب الفلسطيني، رمز الحرية والدفاع عن السلام والعدالة الدولية وميثاق الأمم المتحدة، والذي يدافع عن حقوقه السياسية والقانونية حتى تحقيقها كاملة غير منقوصة. الا ان ترامب التاجر المقامر والفاجر لا يتورع عن اللجوء لأقذر وأحط الأساليب عنصرية من اجل صعوده لكرسي الحكم. لقد بات عنوانا ونموذجا للأميركي القذر، وهو الانعكاس الحقيقي لسقوط وانهيار الإمبراطورية الأميركية.