حرب غزة .. الحقيقة أمام ناظريها

هلا سلامة

تحت ذريعة محاربة الإرهاب والدفاع عن النفس تمعن إسرائيل بارتكاب جرائمها ضد الانسانية بحق ابناء غزة، تخرج عن كل المنظومة البشرية بمجازر دموية صارخة، على مرأى المجتمع الدولي العاجز عن ردعها ومحاسبتها ومساءلتها، أقله عن استباحة القانون الانساني الدولي والمعاهدات والمواثيق التي تلزمها بحماية المدنيين في هذه الحرب الضروس التي تشنها على الشعب الفلسطيني.
هي حرب المجازر التي استطاعت اسرائيل فيها حتى اليوم ان تقتل آلاف المدنيين العزل وتشرد اكثر من مليون ونصف المليون وتهدم البيوت على رؤوس قاطنيها من العائلات التي بات غالبيتها بعداد المفقودين ولم ينج منها احد، في خطة منهجية لا تترك أملا بان يعيد اي فرد من افراد تلك العائلات بناء المنازل التي فقدت سكانها الآمنين، جريمة تطهير عرقي بامتياز تستهدف البشر والحجر وتفريغ غزة بموت كل ما فيها.
لا تُحصى الجرائم الدموية التي ارتكبها الاحتلال بحق اهل غزة منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر الماضي في هذا المربع الممتد من شمال الى جنوب قطاع غزة وتأتي مجازر المشافي والمدارس كي تدحض كل ادعاء للاحتلال ومن يقف خلفه عن جهود حماية المدنيين وتحييدهم، وها هي الدماء تراق امام كل داعم وصامت عن تلك الابادة الجماعية التي لا يجد العالم تفسيرا لفظاعتها الا الدعم المطلق لاسرائيل في المنطقة.
تطالعنا بعض التصريحات الغربية بأولوية فك حجز الرهائن بينما ستة آلاف معتقل فلسطيني في سجون الاحتلال، لم نسمع مطالبا منهم بفتح تلك السجون او التحقيق بجرائم التعذيب والقتل المرتكبة فيها، وثم تأخذنا بحديثها عن مساعي لايصال المساعدات الانسانية الى اهالي غزة بدلا من رفع حمم أطنان الاسلحة الفتاكة عنهم!!
هي حرب على الأطفال والنساء والطواقم الصحية والمدارس ووسائل الإعلام بالطبع لأن الصحفيين هم حماة الحقيقة بفضحهم ما يرتكبه الاحتلال بحق شعبهم، من هنا كان لا بد لهذا الاحتلال ان يغتال العشرات منهم غير آبه بكل ميثاق دولي يوجب حمايتهم، هكذا يريد ان يسدل الستار على غزة، كل غزة، ويطفئ أنوارها، ويقتل ما ومن تبقى عليها.
اذا كان المجتمع الدولي عاجزا عن تطبيق قرار وقف اطلاق النار في غزة، فكيف يكون قادرا الى سوق مرتكبي جرائم الفاشية الاسرائيلية التي ترتكب في غزة والضفة والقدس اليوم الى العدالة الدولية وعلى توقيت اي فريق تضبط ساعة الدم الفلسطيني والعالم بأسره عاجز عن اتخاذ الموقف الضاغط لأجل وقف المجزرة الاسرائيلية؟
لا شك ان ما ستفعله الحرب على غزة بهذا العالم اكبر بكثير مما تفعله آلة الاجرام فيها، غزة في كل يوم تغير مشهدية العالم، تقرب الرواية الفلسطينية الحقيقية الى شعوب العالم دحضا للرواية الاسرائيلية التي تتولى دماء غزة اسقاطها بدعاياتها وزيفها، ستعمق حرب غزة الهوة بين الحكومات الغربية والشعوب الحرة، وليس اليوم كالأمس، اجيال غررت كثيرا وها هي تشهد على الحقيقة وامام ناظريها اشلاء اطفال غزة وبجانبهم رغيف خبز او كتاب مغمس بدمائهم البريئة.
غزة تكتب تاريخا جديدا من نكبة جديدة ترتكب بحق فلسطين، يراد منها القتل الجماعي بالنار والتجويع والتهجير والتشريد على نحو نكبة 1948، مع فارق ان اهلها ادركوا مآسي الشتات التي تعرض لها ابناء شعبهم في بقاع اللجوء، فاختاروا الموت والشهادة ان لم تكتب لهم الحياة على أرضهم وهم الذين يستحقونها ويحبونها، لكن، إذا ما استطاعوا إليها سبيلا.