حرب غزة توجه “ضربة مزدوجة” إلى بايدن

يعتقد الكاتب إدوارد لوس أن لكل زعيم نقاطه العمياء، وفي حالة الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد يكون عدم مبالاته الظاهر بالفلسطينيين مكلفاً.
وكتب لوس في صحيفة “فايننشال تايمز” أن 10 آلاف طفل فلسطيني قُتلوا خلال المئة يوم الماضية، حسب منظمة أنقذوا الأطفال. مع ذلك، لم يشر بيان بايدن يوم الأحد والذي دعا حماس لإطلاق سراح نحو 100 رهينة، إلى معاناة الفلسطينيين. يبدو الأمر كما لو أن الاعتراف بمحنتهم قد يلقي ظلالاً من الشك على تعاطفه الصادق مع الضحايا الإسرائيليين، بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).العرب الأمريكيون ليسوا وحدهم

إن العديد من الأمريكيين الشباب الذين سيحتاج بايدن بشدة إلى حماسهم في نوفمبر (تشرين الثاني) يشعرون بالنفور. ناهيكم عن العرب الأمريكيين الذين يشكلون كتلة تصويتية رئيسية في العديد من الولايات المتأرجحة. وليس الديمقراطيون التقدميون وحدهم الذين يشعرون بالاستياء من صمت بايدن عن بطش إسرائيل. يشعر العديد من حلفائه الذين يمنحهم الثقة الكبرى في مجلس الشيوخ بالانزعاج. في دافوس هذا الأسبوع، قال السناتور الوسطي من ولاية ديلاوير وأقرب أصدقاء بايدن في السياسة كريس كونز إنه يجب على أمريكا التفكير في وضع شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل. بلغة كونز المعتدلة، يعادل هذا نقداً لاذعاً.

 

في رسالة إلى بايدن قبل عيد الميلاد، حثته مجموعة من الديمقراطيين من ذوي خلفيات متعلقة بالأمن القومي، بمن فيهم المسؤولتان السابقتان في سي آي إي أبيغيل سبانبرغر وإليسا سلوتكين، على استخدام النفوذ الأمريكي من أجل إحداث “تحول فوري وكبير في الاستراتيجية والتكتيكات العسكرية في غزة”.

لا أدلة على ذلك
يصر مسؤولو البيت الأبيض على أن بايدن يفعل ما بوسعه سراً لكبح جماح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. ثمة القليل من الأدلة التي تثبت ذلك. تلقت إسرائيل من الولايات المتحدة أكثر من 100 قنبلة خارقة للتحصينات بزنة نحو 900 كيلوغرام منذ السابع من أكتوبر. وهذه القنابل من النوع الموجه إلى ساحة المعركة، وليس للاستهداف الدقيق في المناطق الحضرية. لا أحد يشكك بجدية الادعاءات القائلة إن القوات الإسرائيلية استخدمت مثل هذه الذخائر بشكل عشوائي.
ومع ذلك، يواصل بايدن مقاومة فرض شروط على المساعدات الإسرائيلية التي تبلغ قيمتها نحو 14.5 مليار دولار والتي يريدها من الكونغرس. لديه نفوذ عسكري ورافعة المنصب. فما الذي يمنعه من استخدام نفوذه؟.

 

وفق الكاتب، يتلخص الجواب في مشاعر بايدن العميقة تجاه إسرائيل. منذ أيامه الأولى في السياسة، كان أحد أقوى حلفاء إسرائيل في الكابيتول هيل. لكن الظروف التي نشأت فيها عاطفته تغيرت بشكل جذري. كانت غولدا مائير وإسحق رابين، الزعيمان الإسرائيليان اللذان كان معجباً بهما، يمثلان نقيض أسلوب نتنياهو السياسي. لقد تمسك بايدن دائماً بالاعتقاد الراسخ بأن إسرائيل لا تتنازل، إلا عندما تغيب خلافاتها مع أمريكا. لكن السجل يقترح عكس ذلك.

ماذا حصل في الماضي؟
أوضح لوس أن بايدن كان من أشد المنتقدين لجهود الرئيس الأسبق جورج بوش الأب من أجل عملية السلام سنة 1992 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. وانتقد تهديد بوش الأب بسحب ضمانات القروض الأمريكية إذا مضت إسرائيل قدماً في بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة. وساعدت ضغوط بوش على الإطاحة بحكومة الليكود في إسرائيل آنذاك وإيصال رابين إلى السلطة. أدى ذلك إلى اتفاقات أوسلو للسلام. وبصفته نائباً للرئيس، قوض بايدن محاولة باراك أوباما سنة 2010 لممارسة ضغوط مماثلة على حكومة نتنياهو. بفعل تطمينات بايدن الخاصة كسبب جزئي.بايدن الفائز… لو غير نهجه
من خلال فرض شروط صارمة على المساعدات الأمريكية، يمكن لبايدن أن يطيح بنتنياهو إذا أراد ذلك – ويكسب شكر الإسرائيليين والعالم العربي وأغلبية الأمريكيين اليهود. كما أنه سيستعيد بعض المكانة التي خسرتها أمريكا في الجنوب العالمي بسبب معاييرها المزدوجة. يعتقد قسم كبير من العالم أن أمريكا تهتم بالضحايا الأوروبيين كالأوكرانيين أكثر من اهتمامها بالمدنيين في الشرق الأوسط أو أي مكان آخر. من المحتمل أن يمهد خروج نتنياهو الطريق أمام الزعيم الإسرائيلي الوسطي بيني غانتس الذي يمكن أن يكون شريكاً في التزام بايدن الخطابي بحل الدولتين. في حفل لجمع التبرعات الشهر الماضي، قال بايدن: “لن نفعل أي شيء سوى حماية إسرائيل. لا شيء على الإطلاق” سوى ذلك.ضربة مزدوجة
إن الاستمرار على هذا المنوال سيكون ضربة مزدوجة ضد بايدن. أولاً، تلحق تكتيكات نتانياهو الضرر بإسرائيل. إنها تؤسس جيلاً جديداً من الآباء والأيتام المفجوعين. نتانياهو قادر على توسيع الحرب لتشمل لبنان إذا اعتقد أنها ستنقذ مستقبله. وبالرغم من أن بايدن حذر منها، ماذا سيفعل بعد ذلك؟.
ثانياً، يضر بايدن بفرص إعادة انتخابه. يبلغ حجم الجالية العربية الأمريكية في ميشيغان ضعف هامش فوزه على ترامب هناك سنة 2020. وفي أريزونا، هو أكبر 6 مرات. إن إخبار هؤلاء الناخبين بأن ترامب سيكون أسوأ هو سياسة سيئة. قد لا يصوتون. عندما يتعلق الأمر بغزة، قد لا يكون هذا التحذير صحيحاً بالضرورة.
ويخلص الكاتب إلى أنه كلما طال تشبث نتانياهو بالسلطة، كان ذلك أسوأ بالنسبة إلى بايدن. مع ذلك، يبدو أن تصرفاته تهدف إلى ضمان ذلك.

تابعنا عبر: