حصاد 2023 – الاتحاد الأوروبي يترنح أمام الأزمات والانقسامات

السياسي – على وقع أزمات ساهمت بإضعاف دوره السياسي، يودّع الاتحاد الأوروبي عام 2023، بعدما واجه ملفات كثيرة أثقلت كاهله، بدءًا من الحرب في أوكرانيا، مرورًا بأزمة الهجرة، وصولًا إلى حرب غزة التي شرخت الصف الأوروبي، وهي قضايا ربما تفسر صعود تيارات يمينية و شعبوية متطرفة إلى سدة الحكم في القارة العجوز.

وعانت الدبلوماسية الأوروبية من ضعف كبير في تأثيرها على الصعيد الدولي، إذ فرضت الحرب الأوكرانية واقعًا صعبًا على الاتحاد الذي سارع إلى تقديم المساعدات العسكرية والدفاعية للدولة السوفيتية السابقة.

وكشفت الحرب ارتهان القرار الأوروبي للحليف الأمريكي الذي كان يتحكم بصنبور المساعدات الغربية لأوكرانيا، كما أظهرت أن الاتحاد ما زال بحاجة للكثير لتوحيد سياسته الخارجية.

الكرملين: أوروبا تعي مخاطر انضمام أوكرانيا للناتو
وفاقمت الحرب في قطاع غزة من الانقسام الأوروبي، مع اصطفاف دول بشكل متحيز إلى جانب إسرائيل في حربها على غزة، مقابل دول دعت إلى وقف الحرب، وحماية المدنيين، وإطلاق جولة مفاوضات للوصول إلى حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

ولطالما اختلفت حكومات الاتحاد الأوروبي حول إسرائيل وفلسطين، إذ شل هذا الانقسام التكتل، الذي ينبغي أن تحظى سياسته الخارجية بإجماع الدول الـ27.

الهجرة.. وجه أوروبا البشع

شنت الدول الأوروبية حملات متعددة لملاحقة المهاجرين الذين وصلوا إلى شواطئها وحدودها البحرية، خاصة من الدول الأفريقية ودول آسيوية.

وتحتجز الدول الأوروبية المهاجرين في مخيمات متكدسة، وسجون عائمة في البحر، فضلاً عن تقارير تحدثت عن سوء معاملة يتعرض لها المهاجرون.
وتأتي هذه الإجراءات بعدما اتفقت دول الاتحاد الأوروبي، والبرلمان الأوروبي، على تشديد إجراءات اللجوء بشكل كبير في إطار إصلاح رئيس لنظام اللجوء الأوروبي.

وبشق الأنفس، توصلت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى حل وسط يتضمن العديد من الإضافات، وتشديد القواعد الحالية بهدف الحد من الهجرة غير الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي.

الصين والضغوط الأمريكية

ووقف الاتحاد الأوروبي على مفترق طرق أمام العلاقات مع الصين خاصة التجارية، وأمام الضغوط الأمريكية التي تريد من القارة العجوز الوقوف بجانبها لمنع العملاق الآسيوي من الزعامة العالمية.

ومنذ خروج الصين من عزلتها توافد عليها العديد من المسؤولين الأوروبيين لاستئناف اللقاءات الحضورية بين الطرفين، لكن لا تزال الملفات التي تباعد بين التكتل الأوروبي وأكبر شريك اقتصادي له، كثيرة وفي مقدمتها العجز التجاري الكبير، والحرب في أوكرانيا.

اليمين المتطرف.. خطر محدق

ومما يزيد الصعوبات أمام المهاجرين والجاليات الآسيوية والأفريقية، هو صعود أحزاب وجماعات اليمين المتطرف، التي تعتبرها الدول الأوروبية أكبر تهديد يواجه الديمقراطية.

وشكل 2023 عامًا حاسمًا في ترسيخ الجماعات السياسية اليمينية في أوروبا، في إيطاليا تحكم اليمينية المتشددة “جورجيا ميلوني” التي تشغل منصب رئيسة وزراء، التي أعلنت عن مواقف متشددة خاصة تجاه المهاجرين منذ وصولها.
وفي هولندا نجح اليميني المتطرف الذي يتبنى أفكارًا مثيرة ضد المهاجرين والمسلمين، خيرت فيلدرز، بالوصول إلى الحكم بعد فوزه بالانتخابات، ولا يختلف الحال في فرنسا التي أحكم فيها اليمينيون سطوتهم على مجلس الشيوخ.

وفي المجر ما زال اليميني الشعبوي “فيكتور أوربان” يقود البلاد، بينما تشهد ألمانيا نموًا لحزب البديل المتطرف.

وتعطي هذه التطورات نظرة لمستقبل الاتحاد الأوروبي، في ظل دعوات لاستعادة أمجاد الفاشية والعنصرية، في دول لطالما تغنت بقيمها وديمقراطيتها، ما يهدد التكتل بمزيد من الانقسام.

شاهد أيضاً