حماس تصر على أولوية إخوانيتها!!؟؟

باسم برهوم

 

حديث مسؤول حماس في الخارج خالد مشعل، خلال ندوة مركز الزيتونة الأخواني، لا يشير إلى ان حماس تبتعد ولو قليلا عن اخوانيتها وسلوكيات الاخوان، وليس فيه أي روح وطنية، وان كل ما تفوه به يشير الى رسالة واحدة ان تحتل حماس قيادة منظمة التحرير وان لم تستطع فإنها مع آخرين ستوجد بديلا.
مشعل لم يلتفت ولم يبد حتى أي أسف عما حل في قطاع غزة من دمار، وإنما كان همه ان يقول ان حماس تريد قطف ثمار “طوفان الأقصى”، وتجير كل تضحيات الناس ومقدراتهم لمصلحة حماس ولا شيء آخر، كل التضحيات ودمار غزة، ومئات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى كل ذلك، كما المح مشعل من اجل ان تنتزع حماس قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
كلام مشعل وكافة تصريحات قادة حماس من مقار إقامتهم في الخارج من الدوحة وبيروت وأنقرة لا توحي بأن حماس قد استفادت من دروس وعبر ما حدث، الذي لا يزال يحدث، وانها تصر على نفس النهج الذي بدأت معه منذ تأسيسها عام 1988، بأن تكون بديلا للمنظمة او هي التي تسيطر عليها، ومنذ ذلك التاريخ لا هم لحماس الا تحقيق هذا الهدف، وتصريحات مشعل لم يكن لها سوى هذا الهدف.
وباعتبارها جزءا من جماعة الاخوان، فإن احد اهم اهداف حماس هو الإمساك بورقة القضية الفلسطينية والسيطرة على القرار الوطني الفلسطيني، وسيتم إيضاح لماذا تريد الجماعة عبر حماس الامساك بقرار القضية الفلسطينية لاحقا.
بخصوص المأزق الفلسطيني الداخلي، وعدم القدرة على تجاوز الانقسام وتحقيق قدر من الوحدة والتماسك، هناك اسباب كثيرة، ولكن احد اكثر هذه الاسباب استعصاء هو تمسك حماس بهويتها الاخوانية، باعتبارها جزءا من جماعة الاخوان المسلمين، وبمصالح الجماعة، والإصرار على التصرف واستخدام أساليب الجماعة. والمعروف عن جماعات الاسلام السياسي انها حركات باطنية لا تظهر للجمهور حقيقة اهدافها، وتتلون حسب الظروف، وهي كالماء تأخذ لون الوعاء، وليس على اجندتها سوى احترام والتمسك بمصلحة الجماعة.
ونعود للسؤال: لماذا تريد جماعة الاخوان عبر حماس الإمساك بورقة القضية الفلسطينية، والقرار الوطني الفلسطيني؟ هناك سببان رئيسان، الاول: مالي، فجماعة الاخوان هي وقبل كل شيء اخطبوط مالي، ومراكمة المليارات هو أحد أهم اهداف الجماعة، في بريطانيا وحدها. على سبيل المثال، لدى الجماعة استثمارات تقدر بأكثر من 8 مليارات جنيه بريطاني، اي ما يعادل عشرة مليارات دولار، ولها استثمارات في تركيا وقطر والولايات المتحدة الأميركية، وألمانيا وفي معظم دول اوروبا وفي اميركا الوسطى والجنوبية تقدر بعشرات المليارات.
الجماعة اكتشفت مبكرا ان القضية الفلسطينية يمكن ان تدر عليها ذهبا، فخلال حرب العام 1948 أعلن مؤسس الحركة حسن البنا “حملة المليم” وجمعت في حينه الجماعة مئات آلاف الجنيهات باسم فلسطين، صحيح ان عشرات من انصارها شاركوا في الحرب الى جانب الجيش المصري. ولكن لا احد يعلم أين ذهبت الأموال التي جمعت. بالتأكيد تحولت لخدمة الجماعة.
منذ ان سيطرت حماس على قطاع غزة عام 2007، اشتبكت مع إسرائيل 6 مرات تفاوتت مدتها، خلال هذه الاشتباكات وباسم قطاع غزة وفلسطين قامت الجماعة بجمع مئات الملايين من الدولارات، بل ربما المليارات، لم ير مواطنو قطاع غزة منها شيئا، عشرات آلاف المساجد المسيطر عليها من الجماعة وأنصارها، من إندونيسيا شرقا الى الولايات المتحدة غربا، كانت تبرعاتها المجموعة باسم التضامن مع غزة تذهب للجماعة، وبعد “طوفان الأقصى”، وخلال التسعة أشهر، وغزة تشهد حرب الإبادة، يمكن للقارئ ان يتخيل مقدار الأموال التي جمعتها للجماعة باسم تضحيات غزة.
اما السبب الثاني، فيتعلق بشعبية الجماعة وحشد الأنصار من حولها، فما هو أكثر من القضية الفلسطينية والاشتباك مع إسرائيل يمكن ان تحشد الجماعة الأنصار والمؤيدين من حولها، ولاحظنا عندما تدهورت شعبية الجماعة بسبب دورها المدعوم من واشنطن في ثورات الربيع العربي، كانت حماس تبدأ اشتباكا مع إسرائيل.
دعونا نتذكر معا كم استفادت الجماعة من اول حرب نهاية 2008 ومطلع 2009 لتعزيز وجودها خصوصا في مصر وغيرها من الدول العربية، ثم حرب 2012 التي جاءت في ذروة الثورات العربية، واستثمرتها الجماعة في صناديق الاقتراع في مصر وتونس والمغرب، اما حروب الأعوام 2014 و2019 و2021 فقد جاءت بعد كشف دور الجماعة ومن اجل استعادة مكانتها وسمعتها التي فقدتها في الربيع العربي في مصر وسوريا وغيرها.
قد يعتقد البعض ان في ذلك مبالغة او تجنيا، لكن لنسأل انفسنا: ما الذي استفاده الشعب الفلسطيني وقضيته من كل هذه الحروب؟ ما الذي حققته هذه الحروب من مكتسبات او انجازات او اهداف وطنية حقيقية؟ لا شيء، بل انها اليوم أدخلت قطاع غزة في الجحيم، والقضية الفلسطينية في مأزق خطير نرجو ان نخرج منه بأقل الخسائر.
مشعل الاخواني لا يرى كل ذلك، لأن لا هم له سوى ان يحقق هدف الجماعة.. الإمساك بورقة وقرار القضية الفلسطينية.