بعد حرب حزب الله مع إسرائيل، التي استمرت 33 يومًا في عام 2006، وزيادة قوته العسكرية شيئا فشيئا، يعتقد معظم الخبراء أن هذا التنظيم السياسي العسكري قد حقق توازن القوى في صراعه مع إسرائيل.
لكن العملية الهجومية التي قام بها الجيش الإسرائيلي، والتي بدأت قبل أسبوع لطرد حزب الله من الحدود الشمالية لإسرائيل، ووصلت إلى مستوى غير مسبوق مساء يوم الاثنين 23 سبتمبر/أيلول، تظهر العجز المذهل لهذه المنظمة في مواجهة الاستخبارات والجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى التفوق التكنولوجي.
وتظهر هذه الحرب أن حزب الله لم يكن في مثل هذا الوضع الصعب والحساس من قبل، حيث يعتبر البعض هذا الوضع بمثابة نقطة تحول في تاريخ الحزب، فيما أشار عدد من الإيرانيين إلى أن تصريحات الرئيس مسعود بزشكيان من نيويورك بشأن عدم قدرة الحزب على مواصلة الحرب، بأنها “لن تؤثر على دعمه، لأن القضية خارج سلطته وصلاحياته”.
ويقول المحلل السياسي الإيراني “جعفر قنادباشي “لا أعتقد أن تصريحات بزشكيان ستؤثر على دعم حزب الله في حربه ضد إسرائيل، لأن ملف الجماعات المسلحة بالمنطقة بيد جهات ومؤسسات خارج سلطة وصلاحيات رئيس الجمهورية”.
ويضيف: “ربما بزشكيان يحاول توفير الأرضية من أجل إطلاق مبادرة دبلوماسية وسياسية لرفع الخطر عن حزب الله وعدم ذهاب المنطقة إلى حرب شاملة”، منوهاً أن “تصريحات المرشد علي خامنئي اليوم تؤكد أن تصريحات بزشكيان لا أهمية لها ودعم الحزب سياسة ثابتة في إيران”.
وتابع: “باعتبار أن معظم دول المنطقة لا تريد توسيع الحرب في المنطقة، فمن غير المرجح أن يتسع نطاق الصراع والتوتر والحرب في المنطقة؛ إلا إذا قامت إسرائيل بخطوة وقحة توفر الأرضية لتوجيه ضربة قوية لمحور المقاومة”.
بدوره، رأى النائب المتشدد “أمير حسين ثابتي”، إن “بزشكيان قال إن إسرائيل يجب أن تضع أسلحتها على الأرض، ويجب علينا أيضًا أن نضعها على الأرض؛ هذه تصريحات غريبة وفي نفس الوقت كأنما تقول في طياتها أن إسرائيل دولة شرعية”.
وأضاف: “نحن مختلفون عن إسرائيل، وجود هذا الكيان غير شرعي، وحملنا السلاح للدفاع، وعلى بزشكيان الانتباه إلى مواقفه وتصريحاته في هذه المرحلة الحرجة للغاية، والحزب يعيش أوضاعاً صعبة في ظل تصاعد الهجمات الوحشية”.
ويعتقد النائب الإيراني إنه “ليس هناك تباين بين الجمهورية الإسلامية ومواقفها الثابتة وحزب الله، وتصريحات بزشكيان لا تقدم ولا تؤخر من دعمنا لجميع فصائل المقاومة وفي مقدمتها حزب الله”.
وتابع: “لو راجعنا التاريخ منذ انتصار الثورة عام 1979، فإننا لم نشهد تراجعاً في دعم المقاومين، سواء كان الرئيس من التيار الأصولي أو الإصلاحي أو المعتدل، هذه سياسية ثابتة بيد الحرس الثوري والقيادة الرشيدة (المرشد علي خامنئي)”.
وفي إشارة إلى التوترات والهجمات المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل في الأيام القليلة الماضية وقدرة حزب الله على مواصلة هذه الحرب، قال: “حزب الله لديه قدرة جيدة وكبيرة على مواجهة إسرائيل، وأعتقد أنه في هذا الوضع ستستمر الحرب بشكل تآكلي، وحزب الله يملك صواريخ حاسمة ومؤثرة ستغير مصير الصراعات ومستقبل الكيان الصهيوني”.
فيما يرى خبير سياسي مقرب من الإصلاحيين ويخالف توجهات النظام في دعم الجماعات المسلحة بالمنطقة باعتبارها ضربة لمصالح طهران، إن “ما تعلنه الجمهورية الإسلامية يختلف عما تمارسه في الخفاء، فهناك معلومات عن دعوة المقاتلين الأفغان الذين قاتلوا في سوريا الى الالتحاق بمعسكرات التدريب”.
وأضاف الخبير السياسي، مشترطاً عدم الكشف عن هويته خوفاً من ملاحقته: “إن إيران وفيلق القدس تحديداً سيمارسان نفس الطريقة التي اتبعاها في سوريا مع لبنان لدعم حزب الله، حيث سيتم استغلال اللاجئين الأفغان، الذين بدأت السلطات بتشديد الإجراءات ضدهم”.
وأوضح: “يمكن للحرس الثوري وفيلق القدس استغلال هذا التشديد عبر فتح باب التطوع والقتال إلى جانب حزب الله، وهناك ستجد الأفغان والباكستانيين أول المتوجهين بعد تقديم عروض مغرية لهم، منها الإقامة القانونية والأموال”.
وعن موقف بزشكيان الأخير بعدم قدرة حزب الله على مواصلة القتال ضد إسرائيل، قال: “من الناحية العسكرية والتفوق الجوي لا يمكن للحزب أن يتصدى لإسرائيل، لكن الحزب يحاول جر إسرائيل إلى معركة برية، لأنه يتفوق عليها في حرب الشوارع والعصابات”.
وختم قوله: “ليس سراً أن حزب الله لا يستطيع البقاء دون الدعم المالي والعسكري من إيران، وتشكلت هذه المنظمة بناءً على أفكار روح الله الخميني السياسية وبإرادة الحرس الثوري ولا دور لرئيس الجمهورية هنا، خصوصاً لو كان من الإصلاحيين”.
“إرم نيوز”