بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، أعلنت الحركة الفلسطينية أنها بدأت عملية اختيار خليفة لهنية.
وأصدرت حماس، التي تدير قطاع غزة، بيانا قالت فيه إنها “باشرت بإجراء عملية تشاور واسعة في مؤسساتها القيادية والشورية لاختيار رئيس جديد للحركة”.
كما قالت إن ما تتداوله بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عن تكليف أسماء معينة بشغل موقع رئاسة الحركة، لا أساس له من الصحة.
كما قالت إن يحيى السنوار زعيم حركة حماس في غزة، يرفض تولي خالد مشعل زعيم الحركة السابق الذي نجا من محاولة اغتيال إسرائيلية في الأردن عام 1997 ويقيم حالياً في قطر، قيادة حماس حالياً.
وأوضحت أن السنوار يفضل عضو المكتب السياسي خليل الحية لخلافة هنية. وبينت المصادر أن يحيى السنوار يفضل شخصية علاقتها طيبة مع إيران وسوريا لخلافة هنية.
كذلك بينت المصادر أن اختيار شخصية قيادية سيكون مؤقتا حتى إجراء انتخابات داخل حماس بعد أشهر.
وكان هنية يرأس المكتب السياسي للحركة حتى اغتياله. وكان نائبه صالح العاروري، الذي قتل في غارة إسرائيلية في بيروت في يناير، وكان من المفترض أن يحل محله تلقائياً. ويظل منصب العاروري شاغراً منذ وفاته.
وبصرف النظر عمن سيكون خليفة هنية، يقول الخبراء إنه لن يؤثر على الطريقة التي تدير بها حماس حربها ضد إسرائيل في قطاع غزة، حيث يقود زعماء من بينهم يحيى السنوار، العمليات بدرجة كبيرة من الاستقلالية أثناء الصراع.
موقف تركيا
في خطوة غير متوقعة، سمت وزارة الخارجية التركية بعيد اغتيال هنية، القيادي في حركة “حماس” خالد مشعل قائما بأعمال رئيس المكتب السياسي للحركة.
وقالت الوزارة في بيان: “التقى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في العاصمة القطرية الدوحة مع القائم بأعمال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل وقدم له تعازيه (بوفاة إسماعيل هنية)”.
والتزمت “حماس” الصمت كي لا تشعل الخلاف اكثر بين قيادات ايران وتركيا وقطر.
آلية الانتخاب داخل حماس
من المقرر أن يتولى المرشح الجديد، رئاسة المكتب السياسي وهو الهيئة التنفيذية لـ”حماس”، والذي تأسس عام 1989، وفق ما يذكر مهيب سليمان أحمد النواتي في كتابه “حماس من الداخل”، الصادر عام 2004.
وكان صاحب فكرة تأسيس المكتب رئيس مكتب العلاقات الدولية في حركة حاليا موسى أبو مرزوق، أحد الوجوه المشاركة في مرحلة تأسيس التنظيم، وذلك بعد موجة اعتقالات إسرائيلية طالت قيادات، منها رئيس ومؤسس الحركة الراحل الشيخ أحمد ياسين الذي لم يفرج عنه حتى عام 1997.
وتجرِي الحركة انتخاباتها الداخلية كل أربع سنوات، في ظروف محاطة بالسرية التامة، نظراً لاعتبارات تتعلق بالملاحقة الأمنية من قبل إسرائيل.
وتتوزع الانتخابات على ثلاثة أقاليم، هي: قطاع غزة، والضفة الغربية، وإقليم “الخارج” (خارج الأراضي الفلسطينية).
وتشمل انتخابات حماس الداخلية عدة مراحل، وبشكل تصاعدي، أولها انتخاب مجالس “شورية محلية” على مستوى الأحياء، تنتخب مجالس “شورية كُبرى” على مستوى المحافظات.
وتنبثق عن هذه المجالس هيئات إدارية، وصولاً لانتخاب مجلس شورى عام على مستوى كل إقليم، ثم رئيس الحركة في الإقليم، وانتهاءً بتنسيب قيادة كل إقليم في الحركة، عددًا من أعضائها لشغل عضوية “اللجنة التنفيذية” (المكتب السياسي)، وهي أعلى جهة قيادية، يتزعمها رئيس المكتب السياسي للحركة.
وتجرى هذه الانتخابات دون السماح بالترشح أو ممارسة دعاية انتخابية، وإنما يكون الترشح تلقائياً للشخصيات التي تشغل مرتبة معينة وفق التسلسل التنظيمي بالحركة، وتعتمد السرية التامة في إجرائها، وتشمل كافة المستويات الإدارية والشورية.
ولا تبادر قيادات الحركة بترشيح نفسها للمواقع القيادية، بل يرشح أعضاء مجلس الشورى المنتخب من يرونه مناسبًا لرئاسة المكتب السياسي، في ذات يوم الانتخاب، ومن يحوز على أعلى أصواتهم يصبح زعيمًا للحركة، ولذلك يعود قرار انتخاب قائدها للمؤسسة الشورية.
وشهدت انتخابات “حماس” في غزة عام 2021، تطوراً لافتاً، حيث تم الإعلان رسميًا عن أسماء أعضاء المكتب السياسي المنتخبين لأول مرة، ونشر موقع الحركة الإلكتروني الرسمي صورة جماعية لهم.
وجرت آخر عملية انتخابية وفق آلية اعتمدت للمرة الأولى إدراج أسماء من مضى على عضويتهم 15 عاما ضمن من يحق انتخابهم، بعدما اقتصر الانتخاب في السنوات السابقة على من يحصل على رتبة رقيب، وهي أعلى رتبة تنظيمية في حركة “حماس”.
وبينما تتمتع “حماس” في غزة بكامل حرية العمل التنظيمي، ويتم ذكر أسماء قيادتها فيها علنا، تخضع الحركة في الضفة الغربية لاعتبارات تجعل اتباع السرية في العمل التنظيمي أمراً حتمياً، تجنباً للملاحقة من إسرائيل.