السياسي -وكالات
حلت يوم السبت، 27 يوليو (تموز) الذكرى الـ44 لرحيل الفنان رشدي أباظة، الذي عُرف بـ “دنجوان السينما المصرية” وفتى شاشتها الأول، ورغم كل هذه السنوات إلا أنه يظل واحداً من أشهر فناني الوطن العربي، وأكثرهم وسامة.
لم يكن دخول رشدي أباظة إلى عالم الفن مُخططاً له، حيث ينتمي إلى عائلة شهيرة، ووالدته إيطالية الجنسية، وقد دفعته ثقافته وتمكنه اللغوي وتحدثه بالإنجليزية والألمانية والإيطالية والفرنسية والإسبانية إلى الهجرة، رغبة في الاشتراك بأعمال ذات طابع عالمي، إلا أن الحظ لم يكن حليفه.
أثار رشدي أباظة، الجدل بزيجاته المُتعددة، ورغبته في الزواج من فنانات أخريات ورفضهن له، حتى توفي عام 1980، إثر مُعاناته مع مرض سرطان المخ.
عائلة مرموقة
ينحدر رشدي أباظة من الأسرة الأباظية المصرية المعروفة، التي تولت مناصب رسمية ونيابية في القرن الماضي، وقد اكتسبت عائلة أباظة هذا اللقب من جنسية أمهم زوجة الشيخ العايد، التي تنتمي إلى إقليم أباظيا (أبخازيا) الشركسية، الممتدة في بلاد الشركس “أبخازيا” في القوقاز.
ولد رشدي في أغسطس (آب) عام 1926 لأم إيطالية وأب مصري، و حصل على البكالوريا من كلية سان مارك بالإسكندرية، لكنه لم يكمل دراسته الجامعية بسبب عشقه للرياضة.
عالم الفن
لم تكن مشاريع رشدي أباظة تشمل دخوله عالم التمثيل، إلا أن صداقته القوية بالفنانين أحمد رمزي وعمر الشريف، وما يمتلكه من مقومات كالوسامة أهلته لأول أعماله السينمائية عام 1949، حينما اختاره المُخرج هنري بركات، للمشاركة في فيلم “المليونيرة الصغيرة” أمام سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، في أول أدواره بعالم الفن.
ورغم رفض عائلته لدخوله عالم الفن، حيث طرده والده من المنزل بعد إصراره استكمال الطريق الذي رأت فيه العائلة “الأباظية” أمراً مخجلاً لأسرتهم الراقية، ولم يكن هذا التصرف ليرجعه عن السينما، التي وجد فيها متنفسا بعيدا عن الجو العائلي الصارم.
ولم يكن “الملونيرة الصغيرة”، مشاركته الأخيرة مع فاتن حمامة، إذ اشترك سوياً في أفلام أخرى بعدها، هي، “موعد غرام” عام ١٩٥٦، و”لا أنام” عام ١٩٥٧، و”طريق الأمل” عام ١٩٥٧، و”لن أبكي أبداً” عام ١٩٥٧، و”لا وقت للحب” عام ١٩٦٣، و”أريد حلاً” عام ١٩٧٥.
حلم العالمية
بعد تجربته الفنية الأولى عام 1949، سافر رشدي إباظة إلى إيطاليا عام 1950، وظل هُناك 6 أشهر، على أمل الظهور في أفلام إيطالية، ولكن لم يكتب له النجاح فقرر العودة مرة أخرى.
وحاول أباظة، الولوج إلى السينما العالمية مستغلاً مقوماته وإجادته للإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والإسبانية، لولا أنه أضاع كل هذه الفرص بسبب تسرعه وعدم التزامه وسوء حظه. وقد اشترك دوبليراً للنجم العالمي روبرت تايلور في فيلم “وادي الملوك”، كما اشترك في فيلم “الوصايا العشر” للمخرج العالمي سيسيل ديميل، بجانب عملين من إنتاج إيطالي هما “امرأة من نار”، و”أمينة”.
وكان رشدي، مرشحًا للمشاركة في فيلم “لورانس العرب” بدلاً من عمر الشريف، إلا أن رفضه لطلب المخرج بأداء اختبار كاميرا، دفع الأخير لاختيار عمر الشريف بعدما اُعجب بأدائه الفني في فيلم “في بيتنا رجل”.
النجومية
اشتهر رشدي أباظة، وذاع صيته بشكل كبير في السينما العربية، عبر فيلم “امرأة في الطريق” عام 1958، الذي شارك نجوميته كل من شكري سرحان وزكي رستم وهدى سلطان، والذي أخرجه عز الدين ذو الفقار، ثم قدم بعد ذلك أفلاما ذاتَ قيمة فنية عالية مع كبار السينما المصرية.
وكان من أبرز هذه الأعمال “جميلة” عن البطلة الجزائرية “جميلة بوحيرد”، والذي أنتجته وقامت ببطولته ماجدة مع صلاح ذو الفقار وأحمد مظهر وأخرجه يوسف شاهين، و”ملاك وشيطان”، الذي أنتجه صلاح ذو الفقار وعز الدين ذو الفقار وأخرجه كمال الشيخ، و”إسلاماه”، و”في بيتنا رجل”، مع عمر الشريف، و”الشياطين الثلاثة”، و”الزوجة 13” مع شادية وأخرجه فطين عبد الوهاب، و”الرجل الثاني”، مع صلاح ذو الفقار وصباح وسامية جمال.
ثُنائية رشدي وسُعاد
قدم رشدي أباظة، مجموعة من الأفلام الناجحة مع الفنانة سعاد حُسني بلغت 12 فيلماً، كان أولها فيلم “هـ 3″، عام 1961، ثم “الساحرة الصغيرة”، عام ١٩٦٣، و”الطريق”، و”جناب السفير”، و”مبكي العشاق”، و”شقاوة رجالة”، و”صغيرة على الحب”، و”شقة الطلبة”، و”بابا عايز كدة”، و”غروب وشروق”، و”الحب الضائع”، وآخرها كان فيلم “أين عقلي” عام ١٩٧٤.
زيجات مُتعددة
تزوج رشدي 5 مرات، كانت أولى زوجاته الفنانة تحية كاريوكا وعُقِد قرانهما عام 1952، واستمر زواجهما 3 سنوات ثم انفصلا، وتزوج للمرة الثانية سنة 1955 من “بربارا الأمريكية”، وأنجب منها ابنته الوحيدة “قِسمت”، واستمر زواجهما 4 سنوات، وطلّقها عام 1959.
وفي عام 1960، تزوج رشدي أباظة للمرة الثالثة من الفنانة سامية جمال، واستمر زواجهما قرابة 18 عاماً، وانفصلت عنه عام 1977، بينما كانت الفنانة صباح زوجته الرابعة، حيث تزوجها عام 1967، وطلقها بعد أسبوعين فقط.
وقبل وفاته بعام واحد عام 1979، تزوج رشدي من ابنة عمه “نبيلة أباظة”، وهي خامس زوجاته، واستمر زواجهما حتى وفاته سنة 1980.
وخلال مشواره الفني، تقدم رشدي لخِطبة أخريات إلا أنهن رفضنه، وكانت أشهرهن هند رُستم، التي رفضت الزواج منه، واستمرت علاقة صداقتهما على مدار سنوات طويلة حتى وفاته. فيما رفضته عائلة ماجدة الصباحي، بعدما تقدم لخطبتها على خلفية علاقاته الكثيرة بالنساء.
ولعقدتها من الرجال بسبب قسوة معاملة والدها لها، ورفضها خيانة صديقتها، رفضت الراقصة زينات علوي، طلب رشدي بالزواج منها، كما رفضته الفنانة يسرا، لصغر سنها وفارق العُمر الكبير بينهما، حيث كانت حينها أصغر من ابنته “قسمت”.
توفي رشدي أباظة، في 27 يوليو (تموز) عام 1980، عن عمر ناهز 53 عاما بعد معاناته مع مرض سرطان الدماغ، حيث مات خلال تصوير آخر أعماله “الأقوياء”، ليترك إرثاً فنياً خالدًا.