رغم محاكمة إسرائيل بتهمة الإبادة – ألمانيا تواصل دعمها العسكري لها

السياسي – تواصل ألمانيا تقديم الدعم العسكري لإسرائيل التي تشن منذ 9 أشهر حربا مدمرة على قطاع غزة أوقعت عشرات آلاف الشهداء والجرحى، تواجه على إثرها اتهامات بارتكاب جرائم إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية.

وفي إطار متابعة “دعم الغرب العسكري لإسرائيل”، جمع مراسلو بيانات حول توريد الأسلحة من ألمانيا لتل أبيب وتصريحات السياسيين الألمان الذين يدعمون إسرائيل بلا شروط رغم هجماتها على غزة.

وتعتبر ألمانيا ثاني أكبر مزود أسلحة لإسرائيل بعد الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن مبيعات الأسلحة قد انخفضت قليلا، إلا أنها لا تزال مستمرة، حتى في ظل محاكمة إسرائيل دوليا بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة.

وبعد أن رفعت نيكاراغوا دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية ضد ألمانيا، متهمة إياها بـ”تسهيل الإبادة بحق الفلسطينيين من خلال دعم إسرائيل بالأسلحة”، لم تصدر المحكمة تدابير احترازية ضد برلين، لكن القضية لا تزال مستمرة.

ومن ناحية أخرى، أكد قرار المحكمة أنه يجوز لها تحميل الدول التي تزود منطقة ترتكب فيها جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب بالأسلحة المسؤولية عن الجرائم المرتكبة.

** مطالب نيكاراغوا
وفي جلسات محكمة العدل الدولية التي عقدت في 8 أبريل/ نيسان الماضي، اتهمت نيكاراغوا ألمانيا بانتهاك القانون الدولي بأربع طرق.

وقالت إن الدعم العسكري والسياسي والمالي الذي تقدمه ألمانيا لإسرائيل يسهّل ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في غزة، وهو ما يتعارض مع اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

وبحسب محامي نيكاراغوا، فإن ألمانيا هي ثاني أكبر مزود للأسلحة لإسرائيل، وأنه من غير الممكن أن تكون برلين غير مدركة لاستخدام هذه الذخائر في جرائم الإبادة الجماعية في غزة.

واتهم محامو نيكاراغوا ألمانيا بانتهاك الاتفاقيات والممارسات الأساسية للقانون الإنساني الدولي، مشيرين إلى أن ألمانيا في الوقت الذي تقطع فيه المساعدات عن الفلسطينيين، تواصل إرسال قذائف الدبابات والطائرات بدون طيار (مسيرات) من طراز هيرون والسترات الواقية من الرصاص والمعدات الطبية وذخائر السفن الحربية إلى إسرائيل.

ولفتت نيكاراغوا إلى استمرار مساهمة ألمانيا في سياسات الاحتلال والضم الإسرائيلية في غزة وجميع الأراضي الفلسطينية.

وأخيرا، قالت نيكاراغوا إن ألمانيا تتصرف بما يتعارض مع قواعد القانون الدولي من خلال عدم منعها ودعمها لنظام الفصل العنصري الذي تطبقه إسرائيل ضد الفلسطينيين.

** اعتراف ألماني
اعترفت ألمانيا بتزويد إسرائيل بالأسلحة، لكنها دافعت عن موقفها مدعية أن “ذلك يتماشى مع القانون الدولي”.

وفي الجلسات التي عُقدت في 9 أبريل الماضي، اعترف محامو ألمانيا بتزويد إسرائيل بالأسلحة، لكنهم دافعوا عن موقفهم زاعمين أن صادرات الأسلحة تتماشى مع قواعد القانون الدولي.

ورفض المحامون الاتهامات بأن الحكومة الألمانية تدعم “الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة”.

وادّعى المحامون أن الأسلحة المرسلة إلى إسرائيل تخضع لفحص دقيق لترخيص التصدير، وأن ألمانيا لا تتصرف بشكل غير قانوني من خلال إرسال الأسلحة إلى إسرائيل.

ورغم أن بعض الدول أوقفت شحنات الأسلحة إلى إسرائيل بحجة أن الأسلحة قد تُستخدم في “انتهاكات القانون الإنساني الدولي، مما يؤدي إلى وقوع خسائر مدنية وتدمير مناطق سكنية” في غزة، إلا أن ألمانيا ترفض ذلك.

وإذا تم الحكم على إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة في نفس محكمة العدل بناءً على الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا، فستُعتبر ألمانيا شريكة في الجريمة بسبب الأسلحة التي زودتها بها.

** استخدام الأسلحة الألمانية في غزة
نشر الجيش الإسرائيلي مشاهد تظهر استخدام سفينة حربية تم تصنيعها في مدينة كيل الألمانية بواسطة شركة Thysen Krupp لقصف غزة.

بالإضافة إلى ذلك، نشر الجنود الإسرائيليون على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا تظهر استخدام قاذفات الصواريخ من نوع Matador RGW 90 في غزة، كما تعمل دبابات ميركافا الإسرائيلية بمحركات ديزل ألمانية الصنع.

تشير هذه الأدلة إلى أن إسرائيل تستخدم الأسلحة التي تحصل عليها من ألمانيا في غزة، لارتكاب جرائم إبادة جماعية.

ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، كانت ألمانيا عام 2023 ثاني أكبر مزود لـ”الأسلحة التقليدية الكبيرة” لإسرائيل بعد الولايات المتحدة، بحصة بلغت 47 بالمئة، بينما استحوذت الولايات المتحدة على 53 بالمئة.

ومنذ عام 2003، احتلت ألمانيا بانتظام المرتبة الثانية وأحيانا الأولى كمورد رئيسي للأسلحة التقليدية لإسرائيل.

** دعم ثابت
ويواصل أعضاء الحكومة الألمانية التأكيد على دعمهم الثابت لإسرائيل، ويتجاهلون الانتقادات بأن الأسلحة التي تقدمها ألمانيا تؤدي إلى مقتل الفلسطينيين في غزة.

ووصف المستشار الألماني أولاف شولتس إسرائيل بأنها “دولة ديمقراطية تلتزم بالمبادئ الإنسانية”، وفق زعمه.

وقال: “لهذا السبب يمكنكم التأكد من أن الجيش الإسرائيلي سيلتزم بالقوانين الدولية في كل ما يقوم به، ليس لدي أدنى شك في ذلك”.

وفي خطابه أمام البرلمان الألماني، أكد شولتس تضامنه مع إسرائيل قائلا: “تضامننا ليس مجرد كلمات. طلبت من رئيس الوزراء نتنياهو أن يبقى على اتصال وثيق وأن يبلغنا بأي دعم يحتاجه. سنراجع ونتعامل فورا مع أي طلبات دعم أخرى تأتي من إسرائيل”.

أما وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، قالت خلال زيارتها تل أبيب: “سندعم إسرائيل بكل ما تحتاجه، وكل شيء يعني كل شيء”.

كما طلبت بيربوك من إسرائيل تقديم طلبات محددة للدعم من ألمانيا، مؤكدة أنها ستحصل على كل مساعدة تحتاجها من برلين، بما في ذلك الدعم العسكري.

ومنذ 9 أشهر تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة بدعم أمريكي مطلق، خلفت أكثر من 125 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.