شعبية ” فتح ” بمعيار الانتماء والانجاز واستقلالية القرار الوطني !

موفق مطر

موفق مطر
تواجه حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ، بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ، لحظة تاريخية ، مرتبطة أولا وأخيرا بمصير الشعب الفلسطيني ، ومستقبل وجوده على ارضه ، ومصير مشروعه الوطني ، ونعتقد أن المناضل الخبير في هذه الحركة القادرة على الفعل بدافع الولاء والانتماء للوطن ، قد اختار العمل في الدائرة الصريحة ، بكل ما فيها من تعقيدات ، وما تتطلبه من حكمة وتعقل وصبر في العمل المعزز باليقين والإيمان ، ولم يلجا للدائرة المريحة ، التي قد ترفع منسوب الشعبوية ، المختلفة جوهريا عن الشعبية ، ذلك أن البعض يدسون جملة ” تراجع شعبية ” حركة فتح كالسم في عسل تفوهاتهم ، ونواياهم المكتوبة ، ونتحداهم أن يقدموا لنا معاييرهم العلمية لقياس ( الشعبية ) ، فمكانة حركة فتح في مسيرة الكفاح والنضال الوطني منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في الفاتح من يناير عام 1965 وحتى هذه اللحظة ، تقاس بانجازاتها الوطنية ، والمناضل في حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح يرى الحركة وأطرها وبرنامجها وإمكانياتها على أنها ملكية عامة للشعب الفلسطيني ، وان أي انجاز على درب الحرية والاستقلال والتحرر والبناء ، عائد بالفائدة على الشعب الفلسطيني ، ولا فخر للمناضل الوطني في الحركة سوى أنه اوفى قسم الاخلاص لفلسطين عمليا ، وأبدع في كل مسار يرى نفسه قادرا على بذل ما يستطيع من اجل تحريرها ، فالشاعر والمفكر والأديب ، والطبيب والمهندس ، والباحث والمعلم كانوا نواة الخلية الأولى للثورة ، ومعهم العامل والحرفي وصاحب راس المال ، وما كان لجماهير الشعب الفلسطيني وجماهير الأمة العربية ، أن تشكل عمقا استراتيجيا لهذه الحركة منذ انطلاقتها وحتى اليوم ، إلا لأنها قدمت ورفعت مصالح الشعب الفلسطيني العليا فوق كل اعتبار ، ولأنها ضحت من اجل انتزاع استقلالية القرار الوطني الفلسطيني ، بالتوازي مع النضال والكفاح لانتزاع حق الشعب الفلسطيني من الحلف الاستعماري الصهيوني ، ولأن منهجها السياسي عقلاني، واقعي ، مستمد من فن وعلم تحقيق الممكن ، وتحويله الى انجازات مادية ملموسة في سياق المبادىء والأهداف والثوابت الوطنية ، فالانجازات الكبرى، بأقل التضحيات هي معيار الشعبية لدى مناضلي الحركة وقيادتها ، فحركات التحرر الوطنية تجسد المعنى النقي والطاهر للشعبية بحماية مكتسبات الشعب ، وتبدل اساليبها ، وتختار الأنجع منها ، بما يتناسب مع الوقائع والظروف على الأرض ، وكذلك واقع المحيط في الدائرتين العربية والدولية ، فالوطن هو الأعلى دائما في فكر حركة التحرر الوطنية ، أي المواطن الانسان باعتباره صورة الحياة في الوطن ، والشعب هو الضلع الأكبر في مثلث الوطن ، فالتضحية لا تعني فرط وتفكيك وكسر الزوايا الرابطة بين أضلع الوطن : ألأرض ، الشعب ، والنظام والقانون ، وإنما تمتينها ، وتعزيزها ، وتقديمها في الوقت والمكان المناسبين ، لمنع أي اختراق أو أي مؤامرة تستهدف ركنا من اركانها ، أما الوسائل الكفاحية النضالية فهي متبدلة ومتطورة ومستحدثة وابداعية ، لتمكن الشعب من الحياة والتجذر والنمو والتوسع والانتشار في ارض وطنه ، ولو كانت الوسائل التقليدية ( المسلحة ) مقدسة لما انتصر شعب جنوب افريقيا الذي اختار منهج المقاومة الشعبية السلمية بعد عقود من الكفاح العسكري ، فلكل واقع استعماري احتلالي حيثياته ، وأبعاده ، ولكل شعب قدراته وطاقاته ، والأهم جذوره الضامنة لاستمرار وجوده .
المناضل في حركة التحرير الوطني الفلسطيني لا يغامر ولا يقامر بمصير الشعب ، ولا يتخذ أرقام الضحايا الأبرياء معيارا لشعبية حركته الوطنية ، ولا يفكر ولا يعمل على صنع سلالم من عظام الشهداء ليصعد عليها الى سدة الحكم ، ولا يخطط أو يعمد لإدخال الجماهير في متاهات حروب ومعارك دموية فئوية خاصة تحرق الأخضر واليابس ، ولا يستثمر بدماء الأطفال والنساء والدمار لصالح اجندات خارجية اقليمية ودولية !، ولا يستعرض سلاحه ، وفخر حركة فتح أنها لم ولن تنزلق الى حالة الاحتماء وراء ظهر الشعب، ، والمناضل القائد الوطني في الحركة يعي ويدرك فطنة وحدس الشعب ، ويعلم الفارق الهائل بين من يزجه في معارك دموية خاصة لم يقررها الشعب ، وبين من خاض معارك ميدانية احدثت تحولا نوعيا وتاريخيا في مسار الكفاح الوطني انطلاقا من معركة الكرامة 1968 مرورا بصمود بيروت 1982 ، حتى اعتماد أسلوب المقاومة الشعبية السلمية ، المتوازي مع النضال القانوني في ميادين الشرعية الدولية ، فالمبادىء هي المقدسة في عقيدة المناضل في حركة فتح ، وقيم وسلوكيات العمل بصبر وثبات من اجل ضمان حياة أجيال الشعب القادمة على ارض وطنها التاريخي والطبيعي فلسطين .. أما الوسائل فهي خاضعة لقانون الوقائع والظروف وميادين النضال ، وتتناسب مع الانجازات الوطنية وتعزيزها ، وتطويرها وتنميتها ، فللشعب ذاكرته الموثوق بنقائها ، وبعدالة حكمه التاريخي .

شاهد أيضاً