رأت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها، أن اغتيال اثنين من أبرز قادة حركة حماس الفلسطينية قد يمثل انتكاسة قصيرة المدى، لكنها ليست كافية لمنع الحركة من الظهور متعافية مجدداً وربما أكثر تطرفاً.
وبدأ الأمر عندما قتلت إسرائيل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي في طهران، وقبلها بأسابيع قتلت القائد العسكري الأكثر مراوغة واحتراماً في حماس محمد ضيف، على حد وصف الصحيفة.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها، أن “كل هذا حدث بينما تواصل إسرائيل شن الحرب الأكثر دموية التي واجهها الفلسطينيون في قطاع غزة الذي تحكمه حماس إطلاقاً”.
وقالت الصحيفة إنه “للوهلة الأولى، تبدو النتيجة النهائية للصراع المستمر منذ 30 عامًا بين إسرائيل وحماس وكأنها مدمرة للحركة، وهي نتيجة تضع مستقبلها موضع تساؤل”.
وأضافت أنه “ومع ذلك، فإن تاريخ حماس، وتطور الجماعات الفلسطينية المسلحة على مر العقود، ومنطق حركات التمرد على نطاق أوسع، يشير إلى أن حماس لن تبقى على قيد الحياة فحسب، بل قد تكون في وضع أقوى سياسياً”.
ويرى محللون ومراقبون إقليميون على اتصال بقادة حماس، أن “الضربات الأخيرة التي تلقتها الحركة – بما في ذلك اغتيال هنية الذي يُعتقد على نطاق واسع أنه كان على يد إسرائيل – قد منحت القوات الإسرائيلية انتصارًا قصير الأمد على حساب نجاح استراتيجي طويل الأمد”.
وقالت المحللة البارزة في شؤون فلسطين في مجموعة “الأزمات الدولية” تهاني مصطفى: “بدلاً من إحداث الشرخ الذي كانوا يأملونه، والذي من شأنه أن يجعل الناس خائفين أو مهزومين تمامًا، سيكون لذلك تأثير عكسي”.
وبحسب الصحيفة، فإن “حماس لا تواصل العمل فحسب، بل تجند مقاتلين جدد في غزة وخارجها على حد سواء، كما يقول السكان المحليون والمحللون. كما بدأ المقاتلون في الظهور مجدداً في المناطق التي طردتهم إسرائيل منها قبل أشهر”.
وأضافت: “بالنسبة لحماس، فإن مجرد البقاء على قيد الحياة في مواجهة جيش أقوى كثيرًا يوفر لها نصرًا رمزيًّا. ومع هذا تأتي فرصة البقاء في السلطة التي تدوم لفترة أطول من أي ألم قد تلحقه بها إسرائيل”.
من جهته، قال خالد الجندي الخبير في الشؤون الفلسطينية في “معهد الشرق الأوسط” بواشنطن: “لا أرى سببًا يجعلني أستنتج أن حماس قد تصبح غير ذات أهمية”.
وتابع الجندي: “السؤال هو: كيف تتغير حماس بعد هذا؟ وأعتقد أن هناك حجة قوية للغاية يمكن تقديمها مفادها أن القيادة أصبحت أكثر تشددًا”.
ومع انهيار محادثات السلام في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، نمت قوة حماس. ولم تنجح بضع عمليات اغتيال نفذتها إسرائيل لزعمائها، بما في ذلك مؤسسيها، في إخراج الحركة عن مسارها.
ورأت الصحيفة، أن “قصة حياة هنية تقدم درسًا مختلفًا في العواقب غير المقصودة لبعض محاولات إسرائيل لشل حركة حماس. فقد كان من بين 400 فلسطيني طردتهم إسرائيل من غزة إلى جنوب لبنان، الذي كان خاضعًا للاحتلال العسكري الإسرائيلي آنذاك. وبدلاً من تهميشهم، اكتسبت شخصيات مثل هنية شعبية أكبر، وامتد تأثيرها الإقليمي إلى مناطق أوسع”.
بدورها، قالت المحللة السياسية مي مصطفى، إن “المبدأ الأكثر أهمية لبقاء حماس ربما هو عدم الاعتماد بشكل مفرط على الدعم المادي من داعميها الأجانب، وهو الاعتماد الذي سمح لإسرائيل باستنزاف منظمة التحرير الفلسطينية في السبعينيات والثمانينيات”.
ومن وجهة نظرها، “يبدو أن حماس حافظت حتى الآن على هذا الاعتماد على الذات حتى في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد على غزة”.
وذكرت الصحيفة، أن “مقاتلي حماس لديهم مهندسون خاصون بهم يعرفون كيفية الاستفادة من أي شيء يمكنهم العثور عليه على الأرض – من الإمدادات المنهوبة من القواعد الإسرائيلية أو الكمائن على المركبات الإسرائيلية، أو من استخراج المواد من الذخائر غير المنفجرة والطائرات دون طيار”.
وقالت مصطفى: “لقد حصلوا على الكثير من الدعم الخارجي من حيث التمويل والتدريب، ولكن من حيث اللوجستيات، فإن الكثير من ذلك من صنعهم المحلي. ولهذا السبب، هم يقاتلون حتى الآن، بعد ما يقرب من 10 أشهر من الحرب”.
ولكن ليس كل المراقبين لحركة حماس يعتقدون أن الحركة قادرة على الصمود في مواجهة الضغوط الحالية، وفق “نيويورك تايمز”.
ويعتقد بعض المحللين، مثل مايكل ستيفنز من “معهد الخدمات المتحدة الملكي للأبحاث” في لندن، أن الضربات سوف تتسبب في أضرار مؤقتة كافية لإجبار حماس على تقديم المزيد من التنازلات.
وقال المحلل السياسي الغزّي أكرم عطا الله، إن “حماس ستخرج من هذه الحرب، وقد أصيبت بأضرار بالغة، ليس عسكريًّا فحسب، بل أيضًا من حيث الدعم في غزة، المنطقة التي كانت دائمًا مركز ثقلها”