صمت واشنطن وطهران حيال التطبيع التركي السوري

السياسي – لم تعلق الولايات المتحدة على التطورات والتصريحات المتلاحقة بخصوص التطبيع بين تركيا والنظام السوري، في حين تتزايد الانتقادات للمعارضة السياسية السورية، والاتهامات بعدم الخروج بردود فعل “رافضة” لهذا المسار، رغم أن المضي فيه يضعها في خانة أكبر الخاسرين.

وفي تفسيره لموقف واشنطن قال مدير البرنامج السوري في “المجلس الأطلنطي” (مؤسسة بحثية أمريكية)، قتيبة إدلبي، إن البيت الأبيض لم يغير موقفه من مسألة التطبيع مع النظام السوري، حيث تقول واشنطن إنها متمسكة بموقفها الذي لا يشجع ولا يعارض قيام بعض الدول بتطبيع علاقتها مع بشار الأسد.

وأضاف: أن واشنطن تأخذ موقف المبتعد عن الملف السوري، مع الحفاظ على نفوذها العسكري في سوريا.

وعن احتمال تضرر قوات سوريا الديمقراطية “قسد” من التطبيع التركي مع النظام السوري، وخاصة أن من أبرز أهداف أنقرة من هذا المسار مكافحة التنظيمات الكردية التي تصنفها “إرهابية”، يقول إدلبي: إن واشنطن شجعت “قسد” على محاولة إيجاد مع تركيا، وهذا الأمر يبدو مستحيلاً بسبب سيطرة “العمال الكردستاني” على قرار “قسد”.

وبحسب إدلبي، طلبت واشنطن من “قسد” الحوار مع النظام السوري، ما يعني حكماً أن “واشنطن لا تعارض أي انفتاح لقسد على كل الأطراف المختلفة”.

ومن الواضح أن واشنطن قد أعطت الدول التي ترغب بالتطبيع مع النظام السوري موافقة مبدئية، ويمكن تلمس ذلك من خلال عدم تمرير مشروع قانون “مناهضة التطبيع مع نظام الأسد” ضمن حزمة القوانين التي أقرها الرئيس الأمريكي جو بايدن.

لكن مع ذلك، تخرج الأصوات الأمريكية الرافضة للتطبيع مع النظام السوري، مثل السيناتور الجمهوري، جو ويلسون، الذي انتقد نية تركيا تطبيع علاقاتها مع النظام السوري، معتبراً أن “التطبيع مع الأسد تطبيع مع الموت نفسه”.

وتُفسر مصادر سبب عدم خروج واشنطن بمواقف واضحة من التطبيع التركي مع النظام السوري، إلى الانشغال بالانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
-ماذا عن إيران؟
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد طالب الولايات المتحدة وإيران بدعم مسار التطبيع مع النظام السوري لإنهاء “المعاناة في سوريا”، وقال: “على واشنطن وطهران أن تكونا سعيدتين بالتقارب المرتقب بين بلاده والنظام”.

ويؤشر ذلك، إلى حالة “عدم ارتياح” إيرانية، من الاندفاعة التركية نحو التطبيع مع النظام السوري، وهي الحالة التي فسرتها المصادر ذاتها إلى “برود” ردود النظام على كلام أردوغان بخصوص التطبيع، والاجتماع مع بشار الأسد.

وفي هذا الجانب، يرى الباحث المختص بالشأن الإيراني، مصطفى النعيمي، أنه يمكن من خلال قراءة مواقف النظام السوري الأخيرة، واشتراط النظام السوري سحب القوات التركية من الشمال السوري قبل التطبيع، أن إيران هي من تدير قرار مسار التطبيع.

وتابع أن إيران تستثمر في المناخ الدولي، ويبدو أنها لم تحسم أمرها بعد من مسار التطبيع التركي مع النظام السوري، بدلالة تفاوت الإشارات الصادرة عن النظام السوري بخصوص هذا الملف.

وكان الرئيس السوري بشار الأسد، قد أعلن استعداده للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “إذا كان في ذلك مصلحة للبلاد”، معتبراً أن “المشكلة ليست في اللقاء بحد ذاته إنما في مضمونه”.

يأتي ذلك بعد أيام من تجديد وزارة خارجيته مطلب “الانسحاب” التركي من سوريا قبل إجراء إي لقاءات مع الأتراك.
-المعارضة السورية في مأزق
ويضع التطبيع بين تركيا والنظام السوري المعارضة السورية في موقف صعب للغاية، وخاصة أن أنقرة تعد من الأطراف الدولية القليلة الداعمة للمعارضة.

ومقابل التصريحات التركية وردود النظام السوري، لم تُسجل أي مواقف واضحة للائتلاف السوري الذي يمثل المعارضة سياسيا، واقتصرت الردود على بيان أصدره الائتلاف بعد إغلاق مقره في أعزاز من قبل الجموع الغاضبة، دعا فيه “إلى التحلي بالحكمة وعدم الانجرار وراء الإشاعات والأخبار المزيفة التي يسعى نظام الأسد إلى نشرها من أجل تفريق أبناء الشعب الواحد”.

وشدد على أن “جوهر الثورة سوري وجوهر الحل سوري، ولا يمكن تحقيق السلام المستدام من دون تحقيق العدالة لضحايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ومن دون إطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المغيبين قسرياً”، معتبراً أن “قرار مجلس الأمن رقم 2254 هو الحل الوحيد القادر على تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين، وتحقيق السلام المستدام”.

من جهته، قال الباحث في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان إن المعارضة السورية على تواصل مع المسؤولين الأتراك، ومع مراكز الدراسات التركية، ما يعني أنهم على إطلاع كامل على دوافع أنقرة للتطبيع، وكذلك على الفرص الضئيلة لنجاح هذا المسار.

وأَضاف، أن السياسيين والمسؤولين في المعارضة لا يريدون أن يتعارض موقفهم على الإعلام، مع التوجه الإعلامي التركي، أو الهدف الذي تريده تركيا من “المناورات” التفاوضية.

لكن علوان اعتبر في الوقت ذاته أن المعارضة “مقصرة” في اللقاءات مع الفعاليات الشعبية، ومع الناشطين بعيداً عن الإعلام، لبحث التحديات وأجندات الفترة الماضية، مثل توجيه الرأي العام.

والاثنين قال بشار الأسد، من أحد المراكز الانتخابية في العاصمة السورية دمشق، إنه “عندما نتحدث عن بلد، فيجب أن تكون العلاقات طبيعية، وإذا أردنا أن نصل إلى ذلك، وهذا ما نسعى إليه في سوريا، بغض النظر عما حصل، هل يمكن أن يكون الاحتلال جزءا من هذه العلاقات الطبيعية بين الدول أو دعم الإرهاب جزءاً منها.. هذا مستحيل”، وذلك في تعليقه على تصريحات أردوغان.