صندوق النقد: الأداء القوي للاقتصاد الأمريكي ساهم في تحسين آفاق الاقتصاد العالمي

السياسي -وكالات

اعتبرت كريستالينا غورغييفا، مديرة «صندوق النقد الدولي» أن النمو الاقتصادي القوي في الولايات المتحدة ساهم في رفع التوقعات المتعلقة بالاقتصاد العالمي، لكنها أشارت إلى وجود حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لكبح التراجع في الإنتاجية وضبط التضخم.
وقالت في كلمة في واشنطن في وقت متأخر يوم الخميس «النمو العالمي أقوى بشكل طفيف بفضل النشاط القوي في الولايات المتحدة وعدد من اقتصادات الأسواق الناشئة».
ونما الاقتصاد الأمريكي بنسبة 2.5% العام الماضي، وفق وزارة التجارة، متجاوزا بأشواط معظم الاقتصادات المتقدمة الأخرى. وأضافت أن ما ساعده «الاستهلاك الأسري المستدام والاستثمارات التجارية وتخفيف مشاكل سلسلة الإمداد».
وذكرت أيضاً أن الاقتصاد الأمريكي ناجح لأنه أكثر ابتكارا وفتح المجال أمام ريادة الأعمال في وقت يتسارع فيه التغير التكنولوجي.
وقالت إن سوق العمل في الولايات المتحدة صمدت أيضاً كما عززت الهجرة حجم القوى العاملة وهو ما ساعد بدوره في السيطرة على نمو الأجور.
وأضافت أن قانون الحد من التضخم الذي أصدرته إدارة جو بايدن والدعم المتعلق بجائحة كوفيد-19 ساعدا أيضاً في النمو، مضيفة أن «صندوق النقد الدولي» يرى بعض المجال أمام الحكومة الأمريكية لمعالجة التضخم المستمر والعمل على تحقيق هبوط ناعم للاقتصاد.
ورغم إشادتها بأداء الاقتصاد الأمريكي قالت رئيسة «صندوق النقد الدولي» إن أسعار الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة لم تكن جيدة لبقية العالم، وقد تمثل مصدر قلق إذا استمرت لفترة طويلة، لكنها تعتقد أن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) كان يتصرف بحكمة.
وأضافت أن «ارتفاع أسعار الفائدة بالنسبة لبقية العالم ليس خبراً ساراً. فأسعار الفائدة المرتفعة تجعل الولايات المتحدة أكثر جاذبية، لذا تأتي التدفقات المالية إلى هنا، وهذا يترك بقية العالم يعاني إلى حد ما».
وساهمت أسعار الفائدة المرتفعة أيضاً في صعود قيمة الدولار مما أضعف عملات دول أخرى.
وقالت غورغييفا «إذا استمر الأمر لفترة طويلة، فقد يصبح مصدر قلق بعض الشيء فيما يتعلق بالاستقرار المالي».
وأظهر محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي أن المسؤولين يشعرون بالقلق من احتمال توقف التقدم المحرز فيما يتعلق بالتضخم وأن هناك حاجة لتمديد التشديد النقدي لفترة أطول لكبح التضخم في أكبر اقتصاد في العالم.
ويرى المستثمرون، الذين توقعوا في وقت سابق خفض أسعار الفائدة في يونيو/حزيران، أن سبتمبر/أيلول هو التوقيت الأكثر احتمالاً لبدء دورة التيسير النقدي (خفض الفائدة) بعد صدور بيانات أقوى من المتوقع بشأن تضخم أسعار المستهلكين للمرة الثالثة على التوالي.
وكانت غورغييفا تتحدث قبل أيام من بدء اجتماعات الربيع السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن مع قادة المؤسسات المالية في العالم.
وتشير تصريحاتها إلى أن صندوق النقد يتوقع الآن أن ينمو الاقتصاد العالمي بشكل أسرع مما توقعه في كانون الثاني/يناير الماضي، عندما قدّر حينها ارتفاع النمو العالمي بنسبة 3.1% عام 2024 و3.2% عام 2025.
وقالت غورغييفا «من المغري أن نشعر بالارتياح. لقد تجنبنا ركودا عالميا وفترة من الركود التضخمي». وأضافت «لكن لا يزال هناك الكثير من الأشياء التي تثير للقلق».
ومن التحديات التي تطرقت إليها غورغييفا تصاعد التوترات الجيوسياسية في العالم التي تزيد مخاطر تشظي الاقتصاد العالمي.
وقالت خلال جلسة أسئلة وأجوبة عندما سئلت ان كانت التقلبات هي الوضع الطبيعي الجديد على الساحة الدولية، «علينا أن نتحضر للمزيد الذي سيأتي في المستقبل».
ولفتت أيضاً إلى أنه في حين أن الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، اتخذت خطوات لمواجهة أزمة قطاع البناء، إلا أنه «بإمكانها فعل المزيد».
ويشمل ذلك اتخاذ موقف أكثر حسماً في التعامل مع الشركات المتعثرة وتوجيه الدعم نحو الأبنية غير المكتملة، نظراً للدور الرئيسي الذي تلعبه العقارات في تعزيز ثقة الناس.
وأضافت أن بكين تحتاج أيضاً إلى تحسين الطلب المحلي والتعامل مع قضايا مثل ديون الحكومات المحلية، مشددة على أن الصين تساهم بثلث النمو العالمي وهي مهمة للعالم.
وسلطت غورغييفا الضوء على التحديات المتمثلة في تزايد الدَين العام و»التباطؤ واسع النطاق في الإنتاجية».
ولهذا السبب، يتوقع صندوق النقد أن يبقى النمو عند معدل 3% أو أكثر بقليل على المدى المتوسط، أي أقل من متوسطه التاريخي.
ولمساعدة الاقتصاد العالمي على التعافي وإصلاح تحدي الإنتاجية، حددت غورغييفا خطوات لخفض التضخم العالمي والدَين العام إلى مستويات مستدامة، ودعت أيضاً إلى اتخاذ خطوات لإزالة «القيود المفروضة على النشاط الاقتصادي».
وقالت «باختصار، إذا كان هناك خلل في السوق ينبغي معالجته (…) مثل تسريع الابتكار لمعالجة التهديد الوجودي للتغير المناخي (…) هناك مبرر للتدخل الحكومي، بما في ذلك من خلال السياسة الصناعية». وأضافت «إذا لم يكن هناك خلل في السوق، عندها هناك حاجة إلى أخذ جانب الحيطة والحذر».

شاهد أيضاً