شهدت مسيرات العاصمة تونس السبت، ظهور لافتات لتنظيم “داعش” الإرهابي واستعمال للعبارات الدينية.
وكانت العديد من الأحزاب و”جبهة الخلاص” قد دعت لتنظيم وقفات ومسيرات تخليدا للذكرى 12 للثورة ضد نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وتعبيرا عن رفض مسار 25 يوليو الذي أعلنه الرئيس قيس السعيد عام 2021.
وقال خبراء إن ظهور لافتات لتنظيمات متطرفة في الاحتجاجات مؤشر خطر يحمل رسائل لإمكانية العودة للعمليات الإرهابية.
ويرى الخبراء أن استعمال الخطاب الديني وظهور اللافتات يشير إلى عودة التنسيق بين التنظيمات والجماعات الإسلامية في تونس، وأن الأمر تزامن مع توجيه اتهامات لقيادات “النهضة” بالضلوع في اغتيالات، وهو ما يشير إلى خطورة محتملة.
من ناحيته، قال باسيل الترجمان الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، إن ظهور لافتات تنظيم “داعش” ورايات “حزب التحرير” التي تشبه رايات “تنظيم القاعدة” تزامن مع عودة قيادات “النهضة” للخطاب الديني.
وأضاف، أن نور الدين البحيري القيادي في جماعة الإخوان” نشر فيديو على صفحة النهضة اعتبر فيه “أن النزول للشارع هو “فرض عين”، وهي عبارة ذات دلالة بمفهوم الجهاد لدى الجماعات الإسلامية”.
وأوضح الترجمان أن “الاحتجاجات كانت تحت شعار القوى الديمقراطية للتظاهر ضد الرئيس قيس سعيد، لكن الشعب التونسي تفاجئ بانضمام “حزب التحرير”، وهو حزب يؤمن بإقامة دولة الخلافة، ويطالب بإسقاط النظام، ما يعني استعادة الجماعات الإسلامية لتنسيقها وتعاونها مع بعضها”.
ولفت إلى أن ما جرى اليوم هي مؤشرات خطيرة يجب التعامل معها بانتباه شديد، معتبرا أن “النهضة” سقطت مع عودتها لاستعمال الخطاب الديني، وعودة الجماعات لمنهجية التفكير عندما تكون في مرحلة الانكسار والهزيمة.
وبحسب الترجمان فإن “توجيه القضاء التونسي اتهامات لقيادات الحركة بشأن قضايا الاغتيالات والعنف، وأن النهضة حين كانت تحت مسمى “حركة الاتجاه الإسلامي” قامت بعمليات إرهابية وتفجير فنادق، وأن الإشارات التي ظهرت اليوم هي جزء من ثقافة مارسوها في الماضي”.
وبشأن ما يترتب على ظهور رايات “داعش” الإرهابي، لفت إلى أن كل السيناريوهات محتملة بشأن التصعيد أو استعمال العنف.
وأشار الترجمان إلى أن “جبهة الخلاص” انتهى دورها السياسي في الشارع التونسي بعد أن فشلت في الحشد اليوم وفشلها في الحضور في الشارع السياسي”.
في الإطار، قال غازي معلي المحلل السياسي التونسي، إن عدم وضوح المشهد وتعقيده بدرجة كبيرة في تونس يتيح الفرصة لظهور التنظيمات المتطرفة.
وأضاف، أن “هناك مخاوف من انتقال الأوضاع من الاحتجاجات والتظاهرات السلمية إلى مرحلة عنف أو سيناريوهات أكثر حدة من الحالية”.
ويرى معلي أن الصراع السياسي في المشهد التونسي متقلب بدرجة كبيرة، وأن فصل الحياة السياسية عن الدينية هو أمر هام، خاصة أن استعمال العبارات الدينية يمكن أن تعطي إشارات للتنظيمات الإرهابية بإمكانية الانخراط في المشهد.
واعتبر أن “جبهة الخلاص” التونسية تعيش مرحلة صعبة، بعد أن كانت تعول على خروج أعداد كبيرة للشارع، لكنها لم تنجح في تجميع الأعداد التي كانت تتحدث عنها.
وعرفت الشوارع الرئيسية في العاصمة التونسية، على رأسها شارع الحبيب بورقيبة تعزيزات أمنية مشددة، بعد تعدد النداءات لاحتجاجات، من جانب قوى سياسية مختلفة تتقدمها جبهة “الخلاص الوطني”، التي تجمع في صفوفها قوى سياسية عديدة من بينها حركة “النهضة”، و”قلب تونس”، و”ائتلاف الكرامة” وغيرها.
وتظاهر آلاف التونسيين ضد تردي أوضاعهم الاقتصادية مطالبين الرئيس قيس سعيد بالرحيل، وذلك بالتزامن مع الذكرى الـ 12 على الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
ونظمت التظاهرات جبهة “الخلاص الوطني” بقيادة نجيب الشابي والتي تأسست في أبريل/ نيسان الماضي، بهدف تجميع القوى الديمقراطية و”إنقاذ” البلاد من أزمة سياسية واقتصادية عميقة.
وتواجه تونس أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تمثلت بما في ذلك في ارتفاع معدلات التضخم لأكثر من 10% خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، وغياب العديد من السلع الرئيسية والأدوية.
ويحتج المتظاهرون على إجراءات الرئيس سعيد الاستثنائية والتي شملت حلّ البرلمان ومجلس القضاء، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد للبلاد عبر استفتاء أُجري في 25 يوليو/تموز 2022.
ويقول الرئيس التونسي إن هذه كانت إجراءات ضرورية لإنقاذ تونس من “الانهيار”، فيما يعتبرها معارضوه “انقلابا على دستور عام 2014”.
“سبوتنيك”