عائلة فلسطينية تكافح لمنع عزل بيت لحم عن القدس – فيديو

السياسي – في بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، تبذل عائلة قيسية الفلسطينية، رفقة متضامنين من أجل السلام، جهوداً لتفكيك بؤرة استيطانية على أرض تمتلكها بمنطقة المخرور.
لكن مخاوف العائلة على مصير أرضها تتزايد منذ أن قرر ما يسمى وزير المالية الإسرائيلي المستوطن بتسلئيل سموتريتش إنشاء مستوطنة في هذا الموقع والأراضي المجاورة.
في عام 2019، هدمت السلطات الإسرائيلية متنزهاً ومطعماً للعائلة في الموقع المطلّ على بساتين وأراضٍ زراعية تعدّ متنفساً لسكان بيت لحم، وتطلّ على مدينة القدس المحتلة، وأقام مستوطنون عليها بؤرة استيطانية.
وتصر العائلة على التمسك بالأرض والعودة إليها، رغم قرار سموتريتش، زعيم حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف.
وفي 14 أغسطس/ آب الجاري، أعلن المستوطن سموتريتش، عبر منصة “إكس”، الشروع بإقامة مستوطنة جديدة في بيت لحم.
واعتبر أن ربط الكتلة الاستيطانية غوش عتصيون، في جنوبي الضفة، بالقدس “مهمةٌ وطنية”.

وأوضح أن المستوطنة الجديدة ناحال حاليتز ستكون ضمن الكتلة الاستيطانية غوش عتصيون.
وقال المستوطن سموتريتش: “أنهت الإدارة المدنية (الذراع التنفيذي للجيش الإسرائيلي بالأراضي الفلسطينية) عملها المهني، ونشرت خطًا أزرق جديدًا لمستوطنة ناحال حاليتز في غوش عتصيون”.
وبيَّن أن “نشر الخط الأزرق يتيح إمكانية البدء بإجراءات إنشاء مستوطنة ناحال حاليتز.. وربط غوش عتصيون بالقدس، عبر إنشاء مستوطنة جديدة، هو لحظة تاريخية”.
سموتريتش لفت إلى أن هذه المستوطنة هي “واحدة من 5 مستوطنات وافقت الحكومة، قبل شهرين، على إقامتها بالضفة الغربية، رداً على إجراءات السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل، والاعتراف الأحادي من قبل دول غربية بالدولة الفلسطينية”.
وفي مايو/ أيار الماضي، أعلن كلٌّ من النرويج وإسبانيا وأيرلندا اعترافها رسمياً بالدولة الفلسطينية، وتبعتها، في يونيو/ حزيرانـ سلوفينيا وأرمينيا.
وتزامنت هذه الاعترافات مع حرب تشنها إسرائيل، بدعم أمريكي، على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023؛ ما أسفر عن نحو 133 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وحسب حركة “السلام الآن” اليسارية الإسرائيلية، “تقوم الحكومة ببناء مستوطنة جديدة وضارة في قلب التواصل الجغرافي الفلسطيني في بيت لحم، على الأراضي التي تم إعلانها كموقع للتراث العالمي في منطقة معظم أراضيها مملوك للفلسطينيين”.
وشددت الحركة، التي ترصد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عبر “إكس” مؤخراً، على أن “سموتريتش يواصل الترويج للضم الفعلي” للضفة الغربية إلى إسرائيل.
وحذرت من أن “المستوطنة التي سيتم إنشاؤها ستكون محصورة في قلب الأراضي الفلسطينية، وستؤدي حتمًا إلى مزيد من الاحتكاكات والتحديات الأمنية”.

قرار باطل

“قرار الحكومة الإسرائيلية باطل”.. هكذا بدأت الشابة أليس، ابنة عائلة قيسية، حديثها.
وتابعت: “في تموز (يوليو) الماضي، أقام مستوطنون، بحماية من الجيش الإسرائيلي، بؤرة استيطانية على أراضي العائلة، الأمر الذي يهدد كافة الأراضي المحيطة”.

وأكدت أن قرار سموتريتش “باطل، حيث تملك العائلة أوراقاً رسمية بملكية الأرض، وكسبت قضية في المحكمة المركزية في القدس بهذا الشأن”.
واستدركت: “لكن إسرائيل تستند اليوم إلى قرار الحاكم العسكري والحكومة اليمينية المتطرفة التي تسعى لتوسيع الاستيطان بهدف تهجير السكان (المواطنين الفلسطينيين)”.
أليس أردفت: “نحن عائلة بسيطة، وبقوة الإيمان أثبتنا أن الأرض ملك خاص، ولا حق لأحد فيها، لكنهم مسلحون بعنصر القوة والبطش، ويستخدمون المستوطنين المتطرفين لإرهاب السكان”.

ورغم القرار الإسرائيلي، قالت أليس: “نُصرّ على التمسك بالأرض، والصمود فيها والدفاع عنها مقاومة”.
ودعت الفلسطينيين إلى التضامن مع أصحاب الأراضي المستهدفة، وقالت: “هذا وقت يجب أن نكون فيه معاً ضد الاستيطان الذي يستهدف كل الأراضي الفلسطينية”.
وبينما تشير إلى الأراضي المحيطة، أضافت: “أراضي بتير والولجة والمخرور صُنفت كمواقع للتراث العالمي، ويملك السكان تلك البساتين”.

عزل بيت لحم

وفق الناشط الفلسطيني في مكافحة الاستيطان جميل قصاص، فإن القرار الإسرائيلي يهدف إلى “السيطرة على أوسع مساحة من الأرض الفلسطينية، وربط تجمع غوش عتصيون بالقدس”.
وأضاف قصاص أن “المشروع من شأنه عزل بيت لحم عن القدس المحتلة، والحد من التوسع الطبيعي للسكان الفلسطينيين لصالح الاستيطان”.
وحذر من أن “تنفيذ القرار يعني خسارة السكان وأصحاب الأراضي لأهم موقع في المدينة”.
وانضم قصاص إلى مجموعة من المتضامنين الأجانب للدفاع عن الموقع، وقال: “على الكل أن يدافع عن أرضه بشكل مستميت، الأرض تعني حياة كل فلسطيني”.

ولفت إلى البساتين المستهدفة والمزروعة بأشجار الزيتون والعنب واللوز قائلاً: “هذه الأرض غنية بمناظرها الخلابة وبساتينها وتعد متنفساً لكل السكان، تسعى إسرائيل لسرقتها”.

سياسة استعمارية

واعتبرت الخارجية الفلسطينية، في بيان، أن “إعلان سموتريتش إقامة مستعمرة جديدة على أراضي المواطنين قرب بيت لحم يندرج في إطار سياسة استعمارية توسعية”.
وبيّنت أن هذه السياسة “تتضمن بناء وشرعنة عشرات البؤر العشوائية، وتوسيع المستوطنات القائمة، وشق شبكة كبيرة من الطرق”.
وشددت على أن الهدف “تحويلُ جميع المستوطنات إلى تجمع ضخم متصل جغرافياً، يلتهم المساحة الأكبر من أراضي المواطنين في الضفة الغربية المحتلة”.
و”في الوقت الذي تُعمّق فيه الحكومة الإسرائيلية وتكثف البناء الاستعماري، تُواصل عمليات هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية بحجج وذرائع واهية كعدم الترخيص”، حسب البيان.

وأكدت الخارجية أن “تصاعد عمليات الهدم، أو الإخطارات بالهدم، يمثّل أبشع تعبير عن الاستعمار الإحلالي (وضع مستوطنين مكان الفلسطينيين)، وجريمة التطهير العرقي، واستخفاف علني بقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي”.
ورأت أن “الفشل الدولي في تنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة يشجع حكومة الاحتلال على التمادي في ضم الضفة الغربية، وتعميق الاستيطان، وتقويض أي فرصة لإحياء عملية السلام على أساس حل الدولتين، كما يشجع السلطة القائمة بالاحتلال على الإفلات المستمر من العقاب”.
ومنذ عقود، تعتبر الأمم المتحدة الاستيطان في الأراضي المحتلة غير قانوني، ويقوّض فرص معالجة الصراع وفق مبدأ حل الدولتين، وتدعو دون جدوى إلى إيقافه.

شاهد أيضاً