السياسي – تودع فلسطين العام 2023 الذي مثل علامة فارقة في تاريخها، وقد ضج بالأحداث التي كسرت الصورة التي يصدرها الاحتلال، فبرز دور المقاومة بأوضح صوره، وكذلك كشف عن وجه الاحتلال الدموي، كما لم يظهر من قبل.
وتعد معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي الحدث الأبرز خلال العام 2023، في العالم أجمع لا فلسطين وحدها، بالإضافة إلى مجريات الأحداث في الضفة، وخاصة مخيمي جنين وطولكرم.
اجتياح جنين
في كانون الثاني/ يناير 2023 بدأ الاحتلال عملية عسكرية في مدينة جنين ومخيمها في الضفة الغربية المحتلة، حيث مخيمات اللجوء شمال الضفة.
وارتكب الاحتلال مجزرة في مخيم جنين أسفرت عن استشهاد تسعة وإصابة 20 آخرين، حيث استهدف جنود الاحتلال المنازل بقذائف حارقة أدت إلى احتراق عدد من المواطنين، كما أنهم اقتحموا المشفى الحكومي داخل المخيم وثلاجة الموتى حيث يرقد الشهداء.
واستهدف جيش الاحتلال الطواقم الطبية، ما أدى إلى عرقلة جهودها لإنقاذ المصابين في جنين، كما أنه تم استهداف الصحفيين ومنعهم من تغطية أحداث الاجتياح.
-اشتباكات الأقصى
سجل العام 2023 عشرات الانتهاكات ضد المسجد الأقصى، وسجل اقتحام أكثر من 51 ألف مستوطن متطرف ساحات المسجد خلال العام.
وارتفعت حدة الاعتداءات خلال معركة “طوفان الأقصى” وقامت جماعات الهيكل المتطرفة بتصعيد جرائمها مهددة بذبح قربان الفصح داخل المسجد.
ومطلع نيسان/ أبريل أطلق أحد جنود الاحتلال رصاصة بشكل مباشر على فلسطيني عند باب السلسلة في البلدة القديمة بالقدس، وأغلقت قوات الاحتلال الطرق المؤدية للأقصى مع صلاة الفجر كما أنها دفعت بتعزيزات داخل البلدة القديمة، واعتدت على عدد من المعتكفين داخل المسجد الأقصى.
واندلعت اشتباكات بين المصلين الفلسطينيين وشرطة الاحتلال بعد محاولة عدد من المستوطنين إحياء طقوس توراتية تتمثل في التضحية بالماعز داخل باحات المسجد الأقصى في عيد الفصح، بالتزامن مع شهر رمضان.
واعتقل 400 فلسطيني في القدس، واندلعت اشتباكات محدودة في غزة وجنوب لبنان حيث حذرت فصائل المقاومة الفلسطينية من مغبة استمرار انتهاكات الاحتلال في القدس.
اقتحام طولكرم
نفذت قوات الاحتلال عملية عسكرية في مخيم طولكرم، إذ استشهد اثنان من عناصر كتيبة طولكرم بعد الاشتباك معهما، بتهمة تنفيذ عدة عمليات إطلاق نار على الحواجز والمستوطنات والمركبات الإسرائيلية في طولكرم.
واقتحم جيش الاحتلال في 11 أيار/ مايو مخيم نور شمس، حيث استمرت العملية لمدة أربع ساعات بمشاركة ما يزيد على الـ200 جندي، وقد خلفت العملية دمارًا واسعًا في المخيم.
استشهاد الأسير خضر عدنان
في الثاني من أيار/ مايو الماضي، أعلنت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية عن استشهاد الأسير خضر عدنان عن عمر ناهز الـ44 عاما في سجون الاحتلال.
وأكد مكتب إعلام الأسرى، التابع لحركة الجهاد الإسلامي، في بيان، استشهاد الأسير خضر عدنان، بعد إضراب عن الطعام استمر 86 يوما رفضا لاعتقاله التعسفي.
وسادت الشارع الفلسطيني حالة من الغضب مع دعوات للإضراب في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ثأر الأحرار
في التاسع من أيار/ مايو، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا على قطاع غزة، استمر خمسة أيام خلف 34 شهيدا.
وفي المقابل أعلنت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية عن قصف عمق دولة الاحتلال برشقات صاروخية.
وبدأ العدوان بعد اغتيال جيش الاحتلال ثلاثة من أبرز قيادات حركة الجهاد الإسلامي، هم: جهاد شاكر الغنام، وخليل صلاح البهتيني، وطارق محمد عز الدين.
وواصل الاحتلال هجماته وغاراته الجوية فاغتال المزيد من قادة “السرايا”، حيث استشهد خلال المعركة مسؤول الوحدة الصاروخية في “السرايا” علي غالي، ثم نائبه أحمد أبو دقة، بعد غارة جوية عنيفة استهدفت خانيونس.
وفي الـ12 من ذات الشهر اغتال الاحتلال مجددا إياد الحسني مسؤول وحدة العمليات في الحركة.
وردت “السرايا” على عمليات الاغتيال عبر قصف مستوطنات الكيان، كما أنها أطلقت صواريخ بعيدة المدى من طراز “براق 85” باتجاه “تل أبيب”، فقتلت مستوطنة إسرائيلية وجرحت نحو 10 آخرين.
ويوم الـ13 من أيار/ مايو أعلن عن التوصل إلى وقف لإطلاق النار بوساطة مصرية، حيث تضمن الاتفاق وقف إطلاق الصواريخ من جانب “السرايا” ووقف استهداف المدنيين وهدم المنازل من جانب الاحتلال.
وفي 19 حزيران/ يوليو الماضي شنّت قوات الاحتلال هجوما جويا على مخيم جنين، استهدفت من خلاله البنية التحتية في المنطقة، حيث استشهد عدد من الفلسطينيين وأصيب عدد آخر.
وتصدت المقاومةً الفلسطينية لعدوان الاحتلال وفجرت عددا من العبوات الناسفة المحلية الصنع، في آلياته.
وأدى العدوان الإسرائيلي إلى استشهاد خمسة فلسطينيين وإصابة أكثر من 90 في صفوف المواطنين الفلسطينيين، وانسحبت قوات الاحتلال بعد 10 ساعات من بداية الاقتحام، وتركت خلفها أجزاء من آليات عسكرية تمكنت المقاومة من تفجيرها عبر عبوات محلية الصنع.
وفجر الثالث من تموز/ يونيو بدأ جيش الاحتلال بشن عدوان جوي وبري على مدينة جنين ومخيمها، استمر نحو 48 ساعة.
وبحسب المتحدث باسم جيش الاحتلال، فإن “تنفيذ العملية تم بالتنسيق مع جهاز “الشاباك”، وهي ستستغرق الوقت الذي تحتاجه للانتهاء من المهمة بهدف إحباط القدرات لتنفيذ عمليات”، منوها إلى أنه “خرج خلال العامين الماضيين من جنين نحو 50 عملية ضد المستوطنين والجنود”.
طوفان الأقصى
فجر السابع من تشرين الأول/ أكتوبر أطلقت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، عملية عسكرية واسعة ضد الاحتلال حملت اسم “طوفان الأقصى”، وذلك ردا على الاعتداءات المستمرة التي تشنها قوات الاحتلال على الفلسطينيين.
وبدأت العملية بهجوم بري وبحري وجوي للمقاومة، وقد اخترقت طائرات شراعية تحمل مقاتلين من “القسام” المستوطنات في غلاف غزة، وبعد ذلك بقليل اقتحم مقاتلون السياج الفاصل بدراجات نارية وسيارات دفع رباعي وسيرا على الأقدام، بينما هاجم مقاومون مواقع عسكرية من البحر.
وأعلن قائد كتائب القسام، محمد الضيف، إطلاق عملية طوفان الأقصى، ويقول إن الضربة الأولى شهدت إطلاق أكثر من 5 آلاف صاروخ على العدو، موضحا أن “طوفان الأقصى أكبر مما يظن الاحتلال ويعتقد”.
وأسرت المقاومة العشرات من ضباط وجنود الاحتلال، وقتلت المئات من الضباط والجنود بعد اقتحام المقار العسكرية والأمنية حول القطاع، لا سيما فرقة غزة.
وشن الاحتلال عدوانا وحشيا على القطاع وفرض حصارا خانقا، شمل منع دخول الغذاء والماء والدواء والوقود والكهرباء.
وقصف الاحتلال المدارس والمستشفيات في قطاع غزة، وارتكب مئات المجازر التي راح ضحيتها الآلاف، خلال عدوانه المستمر على القطاع.
وفي الـ 27 من تشرين الأول/ أكتوبر بدأ الاحتلال اجتياحا بريا للقطاع حيث توغلت آلياته في مناطق شمال غزة وتحديدا بيت حانون وبيت لاهيا، فيما تكبد خسائر فادحة بالأرواح والمعدات.
وفي 24 تشرين الثاني/ نوفمبر، تم الاتفاق على هدنة إنسانية لمدة أربعة أيام مددت ثلاثة أيام تم فيها تبادل أسرى بين المقاومة والاحتلال والسماح بدخول المساعدات.
وسريعا انهارت الهدنة بالقطاع في الأول من الشهر الجاري، وعادت طائرات الاحتلال تقصف مختلف مناطق القطاع بقنابل شديدة التدمير، كما أن المقاومة واصلت تصديها لجيش الاحتلال الذي وسع عملياته البرية وسط وجنوب قطاع غزة.
ووصل عدد قتلى جيش الاحتلال منذ بدء العملية البرية في قطاع غزة إلى 170 ضابطا وجنديا، و504 منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ودمرت المقاومة نحو ألف آلية بين دبابة ومدرعة وجرافة وجيب خلال المعارك المستمرة.
ووصلت حصيلة العدوان الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلى أكثر من 21 ألفا و507 شهداء، و55 ألفا و915 جريحا.