السابع من أكتوبر 2023 فاجأ إسرائيل وأميركا والغرب الأوروبي، وحتى اذرع المقاومة تفاجأت بالنتائج المذهلة في ذلك اليوم العظيم، حيث تم خلط عميق للأوراق كافة في الإقليم والعالم، وأظهر الدولة العبرية على حقيقتها، كدولة هشة، كما لم تكن منذ تأسيسها قبل 75 عاما. ودفع الغرب بقيادة إدارة بايدن لتحشيد اساطيله البحرية وفي مقدمتها حاملات الطائرات الأميركية والفرنسية وقوات النخبة لحماية الدولة اللقيطة، التي اقاموها على انقاض النكبة الفلسطينية عام 1948، وإعادة ايقافها على اقدامها الهزيلة والرخوة، والبحث عن مخرجات مغايرة ومختلفة عما كان عليه الوضع قبل السابع من أكتوبر لادارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وتقود الولايات المتحدة الأميركية دفة السيناريوهات الممكنة لتصفية اذرع المقاومة والقضية الفلسطينية، وإيجاد بدائل تستجيب لمصالحها بما يؤمن لإسرائيل المنهارة استعادة أنفاسها ودورها الوظيفي المسخ في الوطن العربي والاقليم الشرق اوسطي كله. وكنت عرضت قبل ثلاثة أيام بعض الاقتراحات المتداولة في مراكز الأبحاث الإسرائيلية والأميركية، بيد ان ما سأورده هنا هو ما اعلنه وزير خارجية واشنطن يوم الثلاثاء اول امس الموافق 31 أكتوبر في جلسة استماع للجنة المخططات بمجلس الشيوخ عشية زيارته للمنطقة غدا الجمعة الثاني من نوفمبر (ذكرى وعد بلفور المشؤوم 106)، وجاء في مداخلته أن “الوضع الراهن الذي تتولى فيه حماس المسؤولية في القطاع المكتظ بالسكان لا يمكن ان يستمر. لكن إسرائيل لا تريد إدارة غزة أيضا.” وأضاف أن “بين هذين الوضعين توجد مجموعة متنوعة من البدائل المحتملة، التي ندرسها بعناية الان، كما تفعل دول أخرى.” لافتا الى ان الامر الذي سيكون الأكثر منطقية في مرحلة ما هو موجود، ضرورة “وجود سلطة فلسطينية فعالة ومتجددة” تتولى حكم غزة، لكن السؤال المطروح هو ما اذا كان تحقيق ذلك ممكنا.” وتابع “اذا لم نتمكن من ذلك، فهناك ترتيبات مؤقتة، ( ومنها ضرورة اشراك ) عددا من الدول الأخرى في المنطقة، وقد تشمل وكالات دولية تساعد في توفير الامن والحكم.” حسب “وكالة بلومبيرغ” الاميركية.
وتتابع الإدارة الأميركية الامر مع الغرب عموما ودول الإقليم وفي المقدمة إسرائيل الخارجة على القانون مجموعة السيناريوهات الافتراضية لترتيب الشرق الأوسط الجديد. وحسب مصادر أميركية مطلعة للوكالة منها: نشر قوات حفظ السلام والمراقبين الدوليين، وفي الوقت نفسه، ترى إسرائيل المارقة، ان الفكرة تستحق الدراسة. وأيضا إيجاد إدارة مؤقتة لقطاع غزة تحت رعاية الأمم المتحدة. لكن إسرائيل لا ترى بان المنظمة الأممية مؤهلة لذلك، لانها “قليلة الفائدة”. الا ان بعض مساعدي بايدن يشعرون بالقلق. لان القيادة الإسرائيلية لم تتمكن من وضع خطة استراتيجة للوضع حتى الان للخروج من مستنقع غزة”. وهذا ما اعلنه المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي، قال فيه “أجرينا محادثات أولية جدا بخصوص الشكل الذي قد يكون عليه مستقبل غزة.” ولنلاحظ جيدا، ان الإدارة تربط إقرار أي من السيناريوهات المهترئة وفق ما ترتضيه وتقبل به دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، مع انهم هم الذين يقودنون الحرب
ومن الواضح ان التركيز يتم على الوضع في غزة منفصلا عن أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة في الرابع من يونيو 1967، لا سيما وان الصراع يحتدم في الضفة عموما والقدس خصوصا بين الشعب الفلسطيني وقيادته مع الجيش الإسرائيلي وقطعان المستعمرين. وعلى أهمية وقف الحرب فورا على القطاع، لانها ضرورة وطنية وإنسانية، وتأمين النقاط الأخرى المتصلة بالوضع في القطاع، فإن المنطق الواقعي يحتم على واشنطن وحلفائها من الغرب ودولتهم الفاشية إسرائيل والعالم ككل العمل على التالي، أولا تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في أراضي دولة فلسطين كلها وفي مقدمتها القدس العاصمة الأبدية؛ ثانيا عدم فصل القطاع عن باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتأمين الممر الآمن بين الضفة والقطاع، ورفض أي خيار يذهب لتجزئة أراضي الدولة الفلسطينية؛ ثالثا وقف الاستيطان الاستعماري وكل الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية فورا؛ رابعا إزالة كل البؤر الاستيطانية التي شرعتها حكومة الترويكا الفاشية برئاسة نتنياهو؛ خامسا الغاء القوانين والتشريعات الإسرائيلية كافة ذات الصلة بالاستيطان الاستعماري بما فيها وعلى رأسها “قانون الدولة اليهودية الأساس” يوليو 2018؛ سادسا عودة الوضع في فلسطين المحتلة لما كان عليه الوضع قبل 28 سبتمبر 2000، كمقدمة للبحث في الحل السياسي القانوني؛ خامسا عقد مؤتمر دولي للسلام في اقرب الآجال لتطبيق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967؛ سابعا تطبيق مبادرة السلام العربية وفق محدداتها واولوياتها الأربع.
دون العمل على ذلك، سيبقى الوضع متفجرا، وملتهبا، ولا يمكن الخروج من مستنقع الفوضى والإرهاب الصهيو أميركي الأوروبي الغربي. وهذا ما يفترض ان تتبناه القمة العربية الطارئة في الحادي عشر من نوفمبر الحالي، ان كان الاشقاء العرب يريدون استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.
