صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية وتحليل كتبه يونا جيرمي بوب بعنوان “لماذا لم تشن إسرائيل حتى الآن حرباً شاملة على حزب الله؟”، وفيه يستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى ترقب الجيش الإسرائيلي أو حزب الله اللبناني تصعيد أي شكل من أشكال الهجوم، على نحو يدفع الجانب الآخر إلى الرد على هذا التصعيد.
ويقول الكاتب إن هذا النمط تكرر منذ هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، إذ أظهر بداية الصراع الحالي بين إسرائيل وحزب الله أن الجيش الإسرائيلي “خائف” إلى حد ما وقلق، ولا يرد إلا على الهجمات الصاروخية والصواريخ المضادة للدبابات، وبدون أي مبادرة أو محاولة لإعادة تشكيل الحدود الشمالية بطريقة من شأنها أن توفر الأمن للسكان الذين جرى إجلاؤهم.
ويضيف الكاتب أنه على الرغم من ذلك بعد أن سيطر الجيش الإسرائيلي على معظم شمالي غزة وبدأ في تفكيك حماس في الجنوب، لم يواجه تصعيداً كبيراً من حزب الله، لذا بدأت إسرائيل، وبدون إنذار، في أوائل ومنتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، بمهاجمة قوات حزب الله في جنوبي لبنان، متجاوزة حدود الرد فقط على الهجمات التي يشنها الطرف الآخر.
ففي البداية، تمثل التصعيد المضاد من جانب حزب الله في زيادة شن هجمات باستخدام طائرات مسيّرة إلى جانب هجمات صاروخية منتظمة، فضلاً عن زيادة حجم الصواريخ التي يتم إطلاقها على مواقع الحزب في جنوب لبنان، كان من بينها شن ثلاث جولات من الهجمات خلال أيام.
ويقول الكاتب إنه بحلول أواخر ديسمبر/كانون الأول، بدا أن حزب الله “ينفذ تراجعاً تكتيكياً”، إذ انسحب ما بين 50 في المائة إلى 75 في المائة من المقاتلين تجنباً لمقتلهم، مع العزوف أيضاً عن أي تصعيد حقيقي في الهجمات على إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يغير ميزان القوى، ويؤدي أيضا إلى حرب شاملة.
ويرصد الكاتب يونا جيرمي بوب تحرك الصراع بوتيرة أسرع على نحو أصبح من الصعب حتى تتبعه، خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، واستعرض تفاصيل عدد من الهجمات بين الطرفين لكنه توقف بالتحليل عند أسباب عدم محاولة إسرائيل اجتياح جنوبي لبنان بقوات برية بأي شكل من الأشكال بعد كل هذه الهجمات.
ويقول مقال الرأي إن هناك طريقة أخرى لتفسير الأمور وهي أنه لم تكن هناك أي حرب لأن كل طرف، حتى عندما يقوم بالتصعيد، “يفعل ذلك بطريقة مدروسة ومحسوبة أكثر مما تبدو عليه الأمور”، كما يؤكد كل جانب علناً بل ويعلن باستمرار أنه يريد تجنب حرب شاملة.
ويضيف أن كلاً من الجيش الإسرائيلي وحزب الله “حققا الكثير من أهدافهما”، إذ قام الجيش الإسرائيلي بتحريك نحو 90 في المئة من قوات حزب الله شمال نهر الليطاني ودمر نحو 100 في المئة من نقاط المراقبة التابعة لحزب الله على الحدود، وفق تصريحات الجيش.
بينما أعلن حزب الله أنه سيتوقف عن إطلاق النار عندما تتفق إسرائيل وحماس على وقف إطلاق النار، وبالتالي إذا جرى التوصل إلى وقف لإطلاق النار الأسبوع المقبل، فإن إسرائيل ستحصل على معظم ما تريد.
وعلى نحو مماثل، وفقاً للكاتب، أراد حزب الله أن يستعرض قوته للمنطقة وأنه قادر على “استنزاف” إسرائيل، ودفع ما يزيد على 80 ألف إسرائيلي إلى إخلاء الشمال الإسرائيلي على الحدود مع لبنان، ولا يزال أكثر من 50 ألفاً بانتظار إجلائهم بعد خمسة أشهر من القتال.
كما استطاع حزب الله مواصلة إطلاق الصواريخ على إسرائيل لمدة خمسة أشهر، بينما ترغب إسرائيل في طرد الجماعة نهائياً من جنوب لبنان، “في وقت يريد حزب الله أن يقلل خسائره إلى أدنى حد”، بحسب مقال الرأي.
ويختتم الكاتب تحليله مشيراً إلى حرص الطرفين على مصالح مشتركة تكمن في “تجنب اندلاع حرب شاملة”، وهو أمر لم يتغير منذ أكتوبر/تشرين الأول وحتى الآن.