ذهب تقرير لصحيفة ” الإندبندنت” البريطانية إلى أن إيران تجد نفسها في وضع محفوف بالمخاطر، بعد تعهد الرئيس بايدن الراسخ بالدفاع عن إسرائيل، ومع تزايد الاضطرابات المدنية واحتدام الاحتجاجات والاضطرابات في الداخل.
وأوضح التقرير أن طهران تواجه توازنا دقيقا، فبينما تُدرك الحاجة إلى تجنّب الحرب الواسعة، ترفض أيضاً الظهور بمظهر الدولة الضعيفة.
ووصلت التوترات بين إيران والولايات المتحدة، وكذلك إسرائيل، إلى منعطف حرج في الأيام الأخيرة، بعد التصرفات والتصريحات الاستفزازية من الجانبين..
ففي حين يُظهر الخطاب المتلفز للمرشد الإيراني آية الله علي خامنئي، الذي حذّر فيه صراحة من الانتقام من إسرائيل بسبب الهجوم على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، تصميمًا إيرانيًّا على الردّ قريبا، يشير التزام الرئيس الأمريكي جو بايدن المعلن بدعم إسرائيل إلى موقف حازم ضد أي “عدوان محتمل” من إيران.
وأشارت “الإندبندنت” إلى أن التطورات الأخيرة التي تتكشّف في الشرق الأوسط دفعت التوترات بين إسرائيل وإيران إلى مرحلة حرجة وحساسة.
غير أن الصحيفة ترجّح أن تكون هناك دوافع أعمق وراء تصريحات كل من المرشد الإيراني والرئيس بايدن، تتجاوز المعاني السطحية.
وربما كان الهدف من تحذير خامنئي هو تهدئة الغضب الشعبي، بما في ذلك غضب الحرس الثوري الإيراني، ودحض أية إشارة إلى الضعف أو التردد من جانبه، في حين أن الهدف من تعهد بايدن هو على الأرجح ردع إيران وطمأنة إسرائيل بشأن استمرار الدعم الأمريكي.
وبشكل عام، يعكس تفسير هذه التصريحات الديناميكيات المعقّدة القائمة، بما في ذلك سياسة إيران الداخلية، والعلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والمخاوف الأمنية الإقليمية.
ووفق الصحيفة، يمكن اعتبار تصريحات بايدن القوية تجاه إيران بمثابة رسالة لها ولوكلائها بأن الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل لم يضعف ولم يتأثر، رغم انتقاد واشنطن للسياسات الإسرائيلية في غزة ودعوتها لوقف إطلاق النار.
وإذا كان هناك أي طرف يواجه معضلة بشأن ما ينبغي فعله بعد ذلك، فهو إيران التي تجد نفسها الآن في موقف صعب فيما يتعلق بكيفية الرد على الهجمات الأخيرة.
والفشل في الانتقام يهدّد بفقدان القيادة الإيرانية مصداقيّتها، في حين يهدّد الانتقام بمزيد من التصعيد وإعطاء إسرائيل المبرّر لشنّ المزيد من الغارات.
ورغم ضبط النفس الواضح الذي أبدته إيران في الفترة ما بين السابع من أكتوبر، والأول من أبريل، الذي يتضح من عدم وجود تصعيد كبير في هجمات ميليشيا حزب الله على إسرائيل، وعدم وجود أدلة تُثبت مساعدة إيران لحركة حماس في غزة، أو ميليشيا الحوثيين في هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر، إلا أن إسرائيل استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق، وهذا الأمر، وفقاً للصحيفة، يشير إلى استمرار التوتر بين الجانبين، والمخاطر التي تنطوي عليه.
غير أن إيران تواجه الآن تحديات داخلية أضعفتها، مثل الاحتجاجات من قبل النساء المطالبات بمزيد من الحقوق، وانخفاض نسبة إقبال الناخبين، وهي عوامل تجعل القادة الإيرانيين يشعرون بعدم الأمان، وعليه ليس هذا الوقت المناسب لطهران كي تتورّط في حرب كبيرة، ولكنّها لا تستطيع إظهار الضعف أيضًا.
وتابعت الصحيفة أن إسرائيل من جهتها ربما تكون استفادت من الحرب في غزة لمهاجمة إيران التي تشكّل تهديدًا واضحًا وكبيرًا لإسرائيل، ما يدفع إلى اليقظة المستمرة على جميع مستويات المجتمع الإسرائيلي.
ويشمل التصور للتهديد الإيراني أبعادًا متعددة، بما في ذلك الجوانب الفكرية والعسكرية والجيوسياسية. ومع ذلك، ترى “الإندبندنت” أن هذا التصور ربما يتجاوز في بعض الأحيان التقييم العقلاني والمنطقي لقدرات إيران أو نواياها.
إلى ذلك، ترى الصحيفة أن غياب العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران يزيد من تعقيد الجهود الرامية إلى إيجاد حل دبلوماسي، كما أن السياق الجيوسياسي الأوسع يُضفي مزيدًا من التعقيد على المواجهة بين إيران وإسرائيل، لا سيما مع وجود الشكوك المتبادلة، والمظالم التاريخية التي تعمّق العداء بين الخصمين، وتُحبط جهود وقف التصعيد.
وخلصت صحيفة “الإندبندنت” إلى أن التوترات بين إيران وإسرائيل تؤكد على الديناميكيات المعقدة للقوة والدبلوماسية في الشرق الأوسط، وبينما يدرس الجانبان خياراتهما، يُلقي احتمال المزيد من التصعيد بظلاله على استقرار المنطقة.