السياسي – خلال الساعات الأخيرة، تصدر ولا يزال اسم “مجدل شمس” نشرات الاخبار العالمية والعربية، بعد الحادثة التي شهدت مقتل 11 من أبناء البلدة عصر السبت، جراء سقوط صاروخ نفى حزب الله مسئوليته عن إطلاقه.
في هذه المادة نستعرض بعض المعلومات عن قرية “مجدل شمس”، وتاريخها القديم والحديث، والتي تعد أكبر القرى في الجولان السوري المحتل.
تقع “مجدل شمس” على السفح الجنوبي لجبل الشيخ، وترتفع عن سطح البحر حوالي 1200 متراً، وتمتد على مساحة 12 كيلو متر مربع، كما يبلغ عدد سكانها حوالي 12.000 نسمة، ويشكل الدروز ما نسبته 99.9%.
ويعتمد غالبية سكان “مجدل شمس” في معيشتهم على زراعة الخضار والفواكه وخاصة التفاح والكرز، بالإضافة إلى قطاع السّياحة والمطاعم والأعمال الحرّة.
خلال الحكم العثماني كانت القرية تابعة لمحافظة جبل لبنان، ثم ما لبثت أن أصبحت تابعة لمحافظة دمشق بعد الانتداب الفرنسي، لكن بعد استقلال سوريا أصبحت القرية تابعة لمحافظة القنيطرة السّورية.
-أحد معاقل الثورة ضد “الفرنساوي”
خلال الثورة السورية ضد الاستعمار الفرنسي عام 1925، اعتبرت القرية من أهم معاقل الثوار الذين أتوا من الجولان وجبل لبنان بسبب موقعها الجبلي المحصن، وهو ما عرضها للحرق ثلاث مرات على يد الفرنسين في محاولة لردع أهلها عند دعم الثورة.
بعد حرب 1967 احتلت “إسرائيل” مرتفعات الجولان بما فيها “مجدل شمس”، ومنذ ذلك العام حتى 1982 ظلت القرية تحت الحكم العسكريّ الإسرائيليّ، لتنتقل بعدها للحكم الإسرائيلي المدني بعد قرار ضم الجولان.
فور احتلال الجولان بدأت “إسرائيل” ببناء المستوطنات اليهوديّة على الأراضي السّورية، وذلك بعد تهجير قرابة نصف مليون سوري من 163 قرية ومزرعة، بقي منها “مجدل شمس” و”مسعدة” و”بقعاثا” و”عين قنية” و”الغجر”.
حاول الجيش السوري في حرب أكتوبر عام 1973، استعادة الجولان، لكنه أخفق في ذلك، بينما استطاعت دمشق استرجاع مدينة القنيطرة سلمياً إثر انسحاب القوات الإسرائيلية التي أحدثت دماراً كبيراً في المباني قبل مغادرتها.
ووفقاً للقانون الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، تعد “مجدل شمس” قرية سورية تحت الاحتلال، ويعتبر الحكم الإسرائيلي المطبّق عليها غير شرعيّ ومخالف للقوانين الدوليّة، ويعد انتهاكاً لحقوق الإنسان.
-الإضراب الكبير
عام 1982 حاولت سلطة الاحتلال وبعد سن قانون ضم الجولان في الكنيست الإسرائيلي، فرض الجنسية الإسرائيلية بالقوة على سكان الهضبة، لكنها فشلت بسبب “انتفاضة الهويّة” التي تعرف بالإضراب الكبير ضد هذا القرار.
في ذلك العام، أعلن سكّان “مجدل شمس” الاضراب المفتوح والانخراط في مواجهات عنيفة مع جيش الاحتلال الذي استخدم أسلحة ثقيلة لقمع التظاهرات.
في المقابل التفّ السكان آنذاك حول القيادة الروحية الدرزية في الجولان، التي أصدرت فتوى بمقاطعة كل من يقبل الجنسية الإسرائيلية.
كما شهدت “مجدل شمس” خلال العقود الماضية عشرات المواجهات العنيفة مع شّرطة الاحتلال، بسبب سياسات “إسرائيل” القمعيّة وممارساتها غير القانونية.
فعلى سبيل المثال، في حزيران/ يوليو 2010، احتجز أهالي مجدل شمس عدداً من أفراد الشرطة الإسرائيلية بعد اقتحامهم أحد المنازل، ليطلق سراحهم لاحقاً بعد أن حصل وجهاء القرية على ضمانات إسرائيلية بعدم تكرار مثل هذه المداهمات واحترام حرمة البيوت وساكنيها.
ومن أشهر المواجهات كذلك كانت عام 2011 في ذكرى يوم النّكبة ويوم النكسة، حيث قطع آلاف اللاجئين الفلسطينيين القاطنين في مخيّمات اللّجوء في سوريا منذ عام 1948 الشّريط الحديديّ الذي بنته “إسرائيل” بين مجدل شمس” وباقي الأراضي السّورية. ”
يومها حاول الجيش الإسرائيلي قمع المظاهرات فأطلق الرصاص الحيّ والقنابل صوب المتظاهرين، مما أدّى لاستشهاد 17 متظاهر بينهم أطفال وفتية.
وعلى إثر ذلك، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية العشرات من أبناء مجدل شمس والقرى المحيطة بها، بتهمة دعمهم المظاهرات التي قطعت الحدود السورية صوب فلسطين المحتلة، ولا يزال حتى اليوم يقبع في السجون الإسرائيلية عشرات المعتقلين من هضبة الجولان بعضهم رهن الاعتقال الإداري.
-مقاطعة لانتخابات الاحتلال
وفي العام 2017 أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي في ذلك الوقت “ارييه درعي”، نية سلطات الاحتلال إجراء انتخابات المجالس المحلية في قرى الجولان المحتل ومن ضمنها “مجدل شمس، وذلك للمرة الأولى منذ احتلالها عام 1967، الأمر الذي رفضته الحكومة السورية.
وبعدها بعام شهدت الانتخابات التي نظمتها سلطات الاحتلال مقاطعة واسعة من أهالي القرى الأربع في الجولان، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة 1%.
-رفض الخدمة العسكرية
ورغم مضي كل هذه العقود من عمر الاحتلال، لا يزال أهالي مجدل شمس كحال بقية قرى الجولان متمسكين بهويتهم السورية والعربية، ويقاومون محاولات إسرائيل فرض قوانينها وهويتها عليهم.
ويختلف دروز هضبة الجولان عن بقية الدروز الذين يسكنون فلسطين المحتلة عام 1948، فهم وإن كانوا يحملون هويات إسرائيلية زرقاء بحكم الأمر الواقع وإحدى إفرازات الاحتلال، لكن غالبيتهم يرفض حمل الجنسية الإسرائيلية، وتتعامل معهم دولة الاحتلال كما تتعامل مع الفلسطينيين في مدينة القدس.
ويرفض الدورز في هضبة الجولان ومنها قرية مجل شمس الخدمة في الجيش الإسرائيلي، بعكس الدروز الذين يقيمون في المناطق المحتلة عام 1948.
ومن الجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي الأسبق “ترامب” اعترف رسمياً في الخامس والعشرين من آذار/ مارس 2019 بسيادة “إسرائيل” على مرتفعات الجولان السورية، ليعلن نتنياهو بعدها بعام إقامة مستوطنة جديدة في الجولان تحمل اسم “دونالد ترامب”.