مروان البرغوثي امل فلسطين القادم

د.صالح الشقباوي

د.صالح الشقباوي-استاذ محاضر في جامعة بودواو
ان الافراج عن الاخ القائد مروان البرغوثي يكتسي اهمية استراتيجية في علم الوجود الفلسطيني المعاصر لما له من حضور قوي في المشهد الفلسطيني ولما له من قدرة على تغيير وجه فلسطين نحو الحرية فسجله النضالي ممتلئ وحضوره في الشارع الفلسطيني غني حيث يأخذ المرتبة الاولى كونه رافعة للحالة الفلسطينية لذا ادركت حركة حماس التي ادرجته على سلم اولوياتها ان مروان سيشكل عامل تغيير كبير في الواقع الفلسطيني سساسيا ونضاليا لما يتمتع من كاريزما وطنية خارقة للعادة خاصة وان الكل الوطني الفلسطيني يجمع انه مانديلا فلسطين مانديلا الوعد القادر على اعادة ترميم الوحدة الوطنية بكل مكوناتها الفلسطينية خاصة اذا عدنا الى وثيقة الاسرى التي كانت دلالة منطقية على ان مروان قادر على انجاز صيغة تجمع الكل الفلسطيني على برنامج وطني واحد .
ان الافراج عن مروان سيسرع في اعادة اطلاق الحركة الوطنية الفلسطينية واعادة تاسيس تيار وطني بعد ان تراجع وتهاوى في حفر الردى والتخاذل واضمحلال الاندفاع الوطني لذا فإن وجود مروان يصعد من هذا الاندفاع الوطني ويساهم في بزوغ فجر وطني شامل بعد ان يفجر كل الطاقات الخاملة التي تم استبعادها في الزمن الفلسطيني الماضي حيث لم يستفاد مما لها وما تملك من امكانيات وطاقات حيوية وحية وسيعيد الاعتبار لها نتيجة ما لحق بها من اهانات متدحرجة في ظل الزمن الفلسطيني المندثر حتئ ان مروان وهو في سجنه لم يخلص من اثامهم بعد ان ساعدوا في ايقاع الظلم به، نعم لقد اغضب مروان اصحاب المصالح الضيقة الذين يبحثون في الوطن عن مصالحهم وانفسهم واجنداتهم الضيقة وعلى هذا الاساس آمن مروان ان فلسطين جديدة في طور التشكل بغض النظر عن طبيعة الايديولوجية السياسية وان هذا التشكل الجديد يفرض مسؤولية فردية يتحملها كل واحد في موقعه وهذا ما يجعلنا ندرك منظومة مروان الانطولوجية المتكاملة والتي لا تغفل البعد النفسي الذاتي الذي دفع مروان الى قبول ترشحه للرئاسة في فترة تاريخية حرجة لأن هذا القبول يعتبر هدف وطني مقدس وليس هدفا ايديولوجيا فرديا لقناعات مروان ان الوطن والشعب والمشروع الوطني في خطر خاصة ان ابا القسام آمن ان الشجاعة تبرز كل هذه الاخطار وهي وحدها القادرة على ان تفتح البصر على كل ما هو كائن وماذا سيكون فلسطينيا وتكتشف لنا نحن الفلسطينيين اذا ما كنا نرغب في ان نبقى شعب الجبارين في المغزى الاكثر سموا للكلمة لذا سعى مروان لتحقيق طموحاته المبدئية والتي يعتبرها جزءا فولاذيا من طموحات القائد المؤسس ابو عمار في تحقيق الدولة والعلم والنشيد وبذلك يحول مروان الوجود العيني الوطني الى وجود وطني مادي ملموس .
وهنا نتساءل اذا كان مروان يعتقد ان النضال لا يكوّن الأمة او يخلق الشعب بطريقة مباشرة فإنه بالمقابل يعتقد أنه بالإمكان تحقيق ذلك بالاستناد الى نخبة معينة يكون في امكانها تغيير ما في الشعب ذاته وبواسطة هذه النخبة يمكننا ان نقيم دولتنا وتطويرها شيئا فشيئا بعد ان نوحد ما بين اضلعها في الشمال والجنوب وهذه الرؤية أستمدها من قراءته لروايته “الف يوم في زنزانة العزل الانفرادي” ففيها الكثير من فلسفة اثبات الذات القسامية الخاصة بالأخ مروان ابو القسام الذي اصر فيها على ابداع ونسج جسور للتواصل بين علم الانطولوجيا وعلم السياسة حيث أسس في روايته لعلم انطولوجي سياسي سعى من خلاله الى بلورة نظرة سياسية تتوفى وضع مروان السياسي داخل منظومة مروان الفلسفية بوصفها الاطار الحقيقي والامثل الذي ينبغي ان تصب فيه، وأن تضع مروان نفسه في اطار صراع التسعينات الذي عرفته فلسطين والذي شكل فيه ركيزة قيادية كبيرة لكتائب شهداء الاقصى التي اسسها ورغبته الملحة في تطوير العمل النضالي من خلال هذا التأكيد على تواصل البعدين وتلازمهما، يمكننا ان نصل الى بلورة ما يمكن الوصول اليه .
وكمثال على هذا التحليل الواقعي لموقف مروان السياسي نجد أن مروان لم يأبه لانزعاج الكثيرين منه لقبوله الترشح للرئاسة الفلسطينية في ظرف حرج ولم يأبه لانزعاجهم في عدم سحب ترشحه لذا وأمام هذه الصورة البراغماتية في التحليل سيكون من الاستحالة بمكان تكوين فكرة متوازنة وعقلانية على الاقل حول المسألة السياسية في فكر مروان ما لم نأخذ في حساباتنا حالة الغليان الكبير والتغيير السياسي الكبير الذي عرفته فلسطين بعد استشهاد القائد ابو عمار والذي باستشهاده شعر الاخ مروان باليتم الحقيقي وانقطاع ظلاله عن مروان لذا كان لابد من نهوض مروان والصعود الى الاعلى لاعادة الكينونة الفلسطينية الى ذاتها ومنعها من تدمير ذاتها بذاتها.