مسعفو غزة في مرمى نيران الاحتلال

السياسي – بعد مرور 612 يوماً على حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، لا تزال “إسرائيل” تستهدف بشراسة العاملين في المجال الطبي، دون حساب للقوانين والضمانات الدولية والإنسانية، ضاربةً بجميع المواثيق عرض الحائط.

ولعلَّ آخر حادثة كانت الليلة الماضية حيث استشهد مدير الإسعاف والطوارئ بمحافظة غزة حسين محيسن، والمسعفين وائل العطار وبراء عفانة، جراء قصف إسرائيلي خلال محاولتهم انتشال مصابين من منطقة المحطة بشارع يافا في حي التفاح بمدينة غزة.

وفي تفاصيل ما حدث، فقد حاول المسعفون الثلاثة انتشال مصابين من منطقة المحطة بشارع يافا في حي التفاح بمدينة غزة، عقب استهداف إسرائيلي للمنطقة المذكورة.

وبحسب ما أوردته مديرية الخدمات الطبية فإن قذيفة دبابة إسرائيلية أصابت المسعفين بشكل مباشر ما أدى لاستشهادهم على الفور.

وتعرض طاقم إسعافي آخر حاول الوصول إليهم وانتشال جثامينهم، لإطلاق النار من قبل آليات الاحتلال وطائراته المسيرة.

وأفادت الخدمات الطبية أن طواقم الإسعاف تمكنت من انتشال المسعفين الشهداء صباح اليوم بعد جهود حثيثة وبعد عدة ساعات من وقوع الحادثة.

وبحسب احصائيات رسمية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي، فإن نحو 1580 شخصا من الكوادر الطبية ارتقوا منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

-استهداف ممنهج.. “إعدام المسعفين في رفح”

وتتعرض طواقم الإسعاف في قطاع غزة للاستهداف الممنهج خلال محاولتها ممارسة عملها في إنقاذ المصابين والمرضى.

وتتزايد المخاطر خلال المهام الليلية، إذ يكثف جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفه في ساعات الليل، ناهيك عن معاناة أخرى تتمثل في نقص المعدات والمستلزمات اللازمة لإنقاذ المصابين، أو انتشال الشهداء.

وتُعيدنا هذه الحادثة إلى جريمة حرب سابقة ارتكبها جيش الاحتلال في 23 مارس/ أذار الماضي، بإعدامه 15 من أفراد طواقم إنقاذ فلسطينية، في حي تل السلطان في مدينة رفح.

حيث كشف مقطع مصور عُثر عليه في هاتف أحد المسعفين الذين أعدمتهم قوات الاحتلال في حي السلطان حينها، لحظة إطلاق جيش الاحتلال النار عليهم، مفنّدًا الرواية الإسرائيلية حول الحادثة.

وتم العثور على المقطع في هاتف محمول يعود لمسعف، عُثر على جثته في مقبرة جماعية تضم جثث 15 من عمال الإغاثة الذين استشهدوا بنيران الجيش الإسرائيلي في رفح.

وأكد المقطع أن سيارات طواقم الهلال الأحمر والدفاع المدني وملابسهم، كانت مُعلَّمةً بوضوح، وأن أضواء الطوارئ كانت تعمل أثناء تعرضهم لإطلاق النار.

ويظهر المقطع لحظة ترجل المسعفين من السيارات لإنقاذ مصابين في المنطقة، ليباغتهم جيش الاحتلال بإطلاق كثيف للرصاص، تُسمع أصواته بوضوح في المقطع المصور، يتبعها صوت أحد المسعفين وهو يردد الشهادتين.

ويأتي هذا الكشف بعد أن ادّعى الجيش الإسرائيلي في وقت سابق، أن قواته لم تهاجم سيارات الإسعاف عشوائيًا، وأن بعض المركبات “تم التعرف عليها وهي تقترب بطريقة مريبة دون أضواء أو إشارات طوارئ باتجاه الجنود.

-جريمة إعدام هند رجب وطاقم الإسعاف..

ولا يخفى على أحدنا جريمة إعدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لعائلة الطفلة هند رجب وطواقم الإسعاف التي حاولت الوصول إلى مركبتهم في حي تل الهوا بمدينة غزة بتنسيق رسمي لإنقاذ المحاصرين.

ففي تاريخ 29 يناير 2024، تلقى الهلال الأحمر الفلسطيني اتصالًا من طفلة تطلب المساعدة، حيث ذكرت أن دبابة إسرائيلية قامت بإطلاق رصاص على سيارتهم في منطقة “دوار المالية” بحي تل الهوى جنوب غربي المدينة.

وخلال المكالمة، سُمع صوت صراخ الطفلة وصوت كثيف لإطلاق الرصاص، ثم توقفت المكالمة فجأة.

وبعد 12 يوماً أعلن الهلال الأحمر العثور على مركبة الإسعاف التابعة له في منطقة تل الهوى بمدينة غزة، واستشهاد المسعفين يوسف زينو وأحمد المدهون، بعد فقد آثارهما أثناء مهمة انقاذ الطفلة هند.

وأوضح الهلال الأحمر أن الاحتلال تعمد استهداف مركبة الإسعاف فور وصولها الموقع، حيث عثر عليها على بعد أمتار من المركبة التي فيها الطفلة هند، رغم الحصول على تنسيق مسبق، للسماح بوصولها الى المكان.

-خرق للاتفاقيات..

ولم تكتفِ “إسرائيل” بما سبق، فمسلسل غدرها ما زال مستمراً حتى اللحظة، لتخرق به اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، والقوانين الدولية كافة.

وكانت اتفاقية جينيف تنص على حماية الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال (المدنيون والمسعفون وموظفو الإغاثة)، والأشخاص الذين كفوا عن المشاركة في القتال (أفراد القوات الجرحى والمرضى والغرقى وأسرى الحرب).

وتقع اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية في صلب القانون الدولي الإنساني، وهو فرع من القانون الدولي ينظم السلوك في أثناء النزاعات المسلحة ويرمي إلى الحد من آثارها.

وتحمي الاتفاقيات تحديدًا الأشخاص الذين لا يشاركون في “الأعمال العدائية”، بمن في ذلك المدنيون والعاملون في مجال الرعاية الصحية وموظفو الإغاثة، والأشخاص الذين كفوا عن المشاركة فيها.

وتتضمن الاتفاقيات قواعد صارمة تتصدى لما يُعرف بـ “الانتهاكات الجسيمة”، ويجب البحث عن مرتكبي هذه الانتهاكات الجسيمة، ومحاكمتهم أو تسليمهم أيًّا كانت الجنسية التي يحملونها.