“الرد سيكون حازمًا”.. بهذه العبارة رد مجلس النواب الإسباني على سؤال موجه من قبل ممثلي حزب “فوكس” اليميني المتطرف بشأن مدى استعداد مدريد للرد على أي اعتداء محتمل بـ”الطائرات المسيرة الانتحارية” من الجارة الجنوبية ، المغرب.
حيث سلطت صحيفة “El confidencial Digital” الإسبانية في تقرير لها نُشر الإثنين 29 يوليو/تموز 2024، الضوء على ما وصفته بـ”التهديد” الذي باتت تشكله الطائرات المسيرة الإسرائيلية التي حصل عليها المغرب مؤخرًا ويستعد للبدء في تصنيعها.
وكشفت تقارير مؤخرًا أن شركة “بلو بورد” الإسرائيلية ستفتح قريبا موقعًا لتصنيع طائرات بدون طيار في المغرب. ونقلت تقارير عن رونين نادر، الرئيس التنفيذي لـ”بلو بورد”،
أن الشركة قد أنشأت بالفعل منشأة الإنتاج المحلية التي ستبدأ العمل في المستقبل القريب.
الطائرات المسيرة الانتحارية المغربية
دأبت وسائل إعلام إسبانية وأحزاب سياسية معارضة على الترويج لوجود ما أسمته بـ”الأجندة المغربية السرية”، وزعمت أن الرباط أصبحت قادرة على توجيه ضربة إلى سبتة ومليلية الخاضعتين للسيادة الإسبانية ، بفضل حصولها على الطائرات المسيرة الإسرائيلية.
فقد قالت صحيفة “El confidencial Digital” الإسبانية، في تقريرها “تعد الرباط إحدى الدول الرئيسية التي تنتج وتصدر الطائرات بدون طيار بموجب ترخيص من تل أبيب إلى السوق الدولية”
وسلطت الضوء على ما يمكن للمغرب أن يقوم به من خلال تلك الأسلحة.
الصحيفة قالت إن القوات المسلحة الملكية المغربية أصبحت الآن تمتلك تكنولوجيا الطائرات المسيرة الانتحارية وهو السلاح، الذي يحمل اسم “SpyX” ويتم تطويره بتكنولوجيا إسرائيلية من قبل شركة “Bluebird Aero Systems”.
يمكن للمغرب إنتاج هذه التكنولوجيا بفضل الاتفاقية الموقعة مع إسرائيل في عام 2020 والمعروفة باسم “اتفاقيات أبراهام”، والتي أسفرت بعد ذلك عن توقيع الاتفاقية العسكرية غير المسبوقة بين البلدين في عام 2021.
حسب التقارير الإسبانية فإن الطائرات المسيرة الانتحارية التي بدأ المغرب بتصنيعها، يمكنها التحليق على مدى 50 كيلومترًا، ووقت طيران قدره 90 دقيقة، ودقة تصل إلى متر واحد في الهجمات، وسرعة تصادم تبلغ 250 كيلومترًا في الساعة، ومحرك 100% كهربائي.
هذه التكنولوجيا ، إلى جانب أسطول الطائرات المسيرة الموجود بالفعل والذي يتألف من 233 طائرة درون، تجعل المغرب ثاني أكبر قوة للطائرات المسيرة في إفريقيا بعد مصر، وفق ما ذكرته الصحيفة الإسبانية.
إسبانيا: الرد سيكون حازمًا
هذه الأخبار المليئة بالبيانات دفعت المجموعة البرلمانية لحزب “فوكس” اليميني المتطرف إلى تقديم سؤال مكتوب إلى البرلمان، حيث تم عرض بيانات عن الطائرات المسيرة الانتحارية “SpyX”، وتقديم مقارنة بين القدرات الحربية لكل من إسبانيا ، والمغرب.
في تصنيف القوة العسكرية العالمية الذي أجرته “Global Fire Power”، والذي شمل 145 دولة، احتل فيه المغرب المركز 61 وإسبانيا المركز 20، لكن بالنسبة لحزب “فوكس” فإن ميزات الطائرات المسيرة الانتحارية “SpyX” تتفوق على تلك التي تملكها إسبانيا.
حسب المعطيات التي قدمتها الصحيفة الإسبانية فإن الجيش الإسباني يمتلك طائرات مسيرة من نوع “Q-SLAM-40” بسرعة طيران تبلغ 60 كيلومترًا في الساعة، ومدى يصل إلى 15 كيلومترًا.
ومما جاء في سؤال المجموعة البرلمانية لحزب “فوكس”، هل تمتلك القوات المسلحة الإسبانية الوسائل البشرية والمادية للدفاع عن مدينتي سبتة ومليلية من الطائرات المسيرة الانتحارية المغربية في حالة هجوم محتمل؟”.
كما تساءلت، “ما هي الوسائل المادية التي تمتلكها وحدات قواتنا المسلحة لصد أو ردع هجوم افتراضي يشنه المغرب باستخدام الطائرات المسيرة الانتحارية SpyX؟”.
جاءت إجابة البرلمان الإسباني مختصرة لكنها واضحة جدًا: “إسبانيا تمتلك الوسائل والموارد البشرية اللازمة للمساهمة في الأمن والدفاع عن دولة القانون”. وأضاف أن مدريد تدافع عن سلامة ، وقيم ، وحقوق ، ومصالح المجتمع الإسباني، وأنها “ستتصرف بحزم في حالة انتهاكها”.
ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها البرلمان الإسباني صيغة “التصرف بحزم” في مواجهة أي تهديد مغربي، حيث استخدم نفس الصيغة للرد على سؤال مكتوب آخر في شهر فبراير/شباط 2022، وكان السؤال وقتها موجهًا حول خطط المغرب لنشر صواريخ في سبتة ومليلية.
حسب الصحيفة الإسبانية فإن رد البرلمان هذه المرة جاء بتفاصيل أكثر ، تحدث فيها عن العلاقة مع المغرب، وقال إنه في كل لحظة “يراهنون على استقرار العلاقة” مع الجارة الجنوبية.
كيف تستعد مدريد لمواجهة المسيرات
قبل نحو عام من الآن، وقعت المملكة المغربية عقداً مع الولايات المتحدة ستحصل بموجبه الرباط على 18 نظاماً لإطلاق صواريخ HIMARS و112 صاروخاً أرض-أرض، ثلاثة نماذج بمدى يتراوح بين 82 إلى 305 كيلومترات.
هذه الصفقة أثارت القلق في إسبانيا، وقالت صحيفة “El Confidencial” إن هذه المعلومات “تثير القلق” . وقالوا إنه يمكن للمغرب مراقبة الحدود والطرق البحرية الاستراتيجية باستخدام هذه الأسلحة الأمريكية.
لمواجهة ذلك “التهديد المحتمل”، كشفت تقارير إسبانية مؤخراً أن وزارة الدفاع نشرت في مناطق خاضعة لسيادة الإسبانية في المياه الإقليمية شمال المملكة المغربية أنظمة مكافحة الطائرات المسيرة بهدف “حماية هذه المناطق”.
وتسيطر إسبانيا على جزر صغيرة وصخور بحرية أخرى في شمال إفريقيا، مثل صخرة “فيليز دي لا غوميرا”، وجزر الحسيمة (صخرة الحسيمة، جزيرة تيرا، وجزيرة مار)، والجزر الجعفرية (جزيرة الكونغرس، جزيرة إيزابيل الثانية، وجزيرة الملك فرانسيسكو).
ويقوم جنود الجيش الإسباني بحراسة هذه المناطق وتبحر السفن البحرية الإسبانية في هذه المياه حارسة ومراقبة وبذلك يؤسسون لحضور القوات المسلحة الإسبانية في هذه المناطق المتنازع عليها.
في عام 2019، تأكد أن وزارة الدفاع الإسبانية اشترت نظام AUDS من الشركة البريطانية Blighter، والآن يتم نشره في الجزر الجعفرية. وتسعى القوات المسلحة الإسبانية منذ سنوات لتعزيز استخدام الطائرات المسيرة والأنظمة التي تتمكن من تحييدها.
ويتكون نظام AUDS من نظام رادار A400 وكاميرات تسمح باكتشاف الأجسام الصغيرة في دائرة نصف قطرها عشرة كيلومترات. عندما يتم اكتشاف الجسم، تظهر عدة خيارات يمكن للنظام تنفيذها، مثل التشويش أو التداخل مع التقاط إشارة أي طائرة مسيرة، مما يجعله يتحطم على الأرض.
وحسب صحيفة “El confidencial Digital”، فإن هذا النظام يمكن القوات الإسبانية من تعطيل الطائرات المسيرة ، باستخدام نوع من البنادق ، أو توجيه طائرات مسيرة انتحارية تصطدم بالدرون المعادي.