السياسي – وسط الترقب العالمي للردّ الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران الأربعاء الماضي، طفا على السطح تساؤل حول احتمالية مبادرة الاحتلال بتوجيه ضربة استباقية، لا سيما مع مرور خمسة أيام على حادثة الاغتيال، تخللها وعيد إيراني متواصل، وحراك دبلوماسي موسّع.
تباينت رؤى محللين سياسيين حول إمكانية هذه الخطوة، وسط إجماع على أن طول مدة الانتظار للضربة الإيرانية قد يدفع الاحتلال إلى التفكير بها، بهدف تهدئة القلق الداخلي لدى القيادة العسكرية والسياسية والاستيطانية “الإسرائيلية”.
فلا يمكن لسلطات الاحتلال أن تقدم على ضربة استباقية في ظل الوضع الراهن يقول المحلل السياسي جواد العناني، منوهًا إلى أن أي خطوة من هذا النوع ستُحمّل الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية إشعال حرب إقليمية، خاصةً مع الاعتقاد العالمي السائد بأن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يرغب بالدخول في حرب مستعرة وتوريط العالم بها.
-احتمال ضعيف
أما الكاتب والمحلل السياسي حازم عيّاد، فيرى أن الاحتلال قد يوجه ضربة استباقية في حال استمرار حالة الترقب والانتظار هذه، واصفًا التوجه لهذه الخطوة بغير المدروسة وتعكس الحالة النفسية التي يعيشها المجتمع “الإسرائيلي”.
“إذا شعر الاحتلال أن الضربة الاستباقية ستمتد لأسابيع فقد يفقد الاحتلال أعصابه ويتجه نحو ضربة استباقية، هذا احتمال وارد في إطار هذا السيناريو”،
ويقف أمام الهجمات الاستباقية بحسب عيّاد، عائق الموقف الأميركي الذي لا يريد تصعيدًا في المنطقة، لأن أي ضربة استباقية ستعطي إيران وحزب الله مشروعية لتوسيع الضربات.
ولا تأتي هذه التساؤلات من الفراغ، فقد قالت وسائل إعلام عبرية يوم الأحد الماضي إن الاحتلال الإسرائيلي يدرس تنفيذ ضربة استباقية “وقائية” ضد إيران، إذا حصلت على أدلة قاطعة تفيد بأن الأخيرة تخطط لشن هجوم عليها.
وقد وجّه الاحتلال بالفعل صباح اليوم الثلاثاء غارةً على جنوب لبنان أدت إلى استشهاد 4 أشخاص، ما أثار الظنون ببدء الهجوم الإيراني، إلا أن الرد اللبناني جاء سريعًا وحاسمًا فقد أعلنت حركة “حزب الله” شن هجوم بسرب من المسيّرات الانقضاضية استهدف مقر قيادة لواء غولاني ووحدة إيغوز بمدينة عكا، ما دفع الاحتلال إلى نفي الاعتقاد بأن الهجوم بداية للرد الإيراني.
ونقلًا عن صحيفة “نيويورك تايمز” فإن إيران بدأت استلام أجهزة رادار متطورة ومعدات دفاع جوي من روسيا، بالتزامن مع وصول الأمين العام لمجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو إلى طهران لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين الإيرانيين.
إضافة إلى وصول قائد القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال مايكل كوريلا إلى “تل أبيب” أمس لتقييم الوضع الأمني.
ويرى العناني في هذه التحركات هدفين: الأول إما وقف الضربة الإيرانية مقابل وقف الحرب على قطاع غزة، أو الاتفاق على جعل الضربة الإيرانية محدودة كما في سابقتها التي وقعت في أبريل/نيسان، حيث وجهت إيران 320 طائرة مسيرة ولم تسفر عن أي تداعيات أو اغتيالات.
من جانبه، يتفق الكاتب والمحلل السياسي حازم عيّاد مع العناني في أهداف التحركات الدبلوماسية، ويضيف بأنها تتعلق بمحاولة أميركا ترتيب أوراقها سواء الدبلوماسية أو العسكرية في سياق الضربة الإيرانية المتوقعة، مبينًا “يبدو أن أميركا تواجه بعض الصعوبات في تفعيل منظومتها الأمنية وقواعدها العسكرية في مناطق الإقليم نتيجة حالة التوتر والقلق السائدة وممانعة بعض الأطراف من التورط في حرب شاملة”.
ويرى عيّاد أن التحركات الدبلوماسية لا بد أن توجه نحو الاحتلال الاسرائيلي الذي يتحمل مسؤولية هذا التصعيد، مبينًا أن التوجه نحو حرب إقليمية يرتبط برد الاحتلال على الضربة الإيرانية المتوقعة ما يعني أنه المعني بضبط النفس.
ويؤكد عيّاد أن أميركا والاحتلال لم يقدما أثمانًا حقيقة لطهران من أجل وقف الضربة المتوقعة كوقف العدوان على قطاع غزة؛ والذي يعد شرطًا أساسيًا لحركة حزب الله اللبنانية من أجل وقف التصعيد.
ويؤكد أن أي توجه لحرب إقليمية سيصرف أنظار العالم عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ما يعطي الضوء الأخضر للاحتلال بالتنكيل بأبناء الضفة الغربية وقطاع غزة دون أي اهتمام دولي،