منظمـة التحـريـر الفلسطينية

عمرو الشوبكي

صنفت إسرائيل وحلفاؤها منظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها في ١٩٦٤ وحتى الدخول في مسار أوسلو كمنظمة إرهابية، واعتبر كثيرون في الغرب كل العمليات الفدائية التي قامت بها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وباقي الفصائل الفلسطينية أنها إرهاب.
ويمكن القول، إن خيار المقاومة المسلحة والعمليات الفدائية كان هو تقريبا الخيار الوحيد لمنظمة تحرير فلسطين، وتغير الحال مع تحركات الداخل الفلسطيني، سواء بين عرب ٤٨ الذين يعيشون في فلسطين التاريخية أو بين الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وجاءت انتفاضة الحجارة في ١٩٨٧ لتؤسس لنمط جديد من المقاومة المدنية والشعبية حين واجه فيها أطفال فلسطين بصدورهم العارية الدبابات الإسرائيلية، ولم تكن حركة فتح ولا منظمة التحرير بعيدتين عن هذه الانتفاضة، بل دعمتاها وساهمتا في استمرارها.
وقد ساهمت انتفاضة الحجارة في فتح مسار سياسي جديد وغير مسبوق منذ النكبة في العام ١٩٤٨، وتم التوقيع على اتفاق أوسلو في ١٩٩٣ وسمح بعودة منظمة التحرير إلى قطاع غزة والضفة الغربية وإقامة السلطة الفلسطينية، ووعد بتحويل الحكم الذاتي الذي ناله الفلسطينيون إلى دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وهو المسار الذي أجهضته السياسات الاستيطانية الإسرائيلية.
وعادت منظمة التحرير ودعمت بصورة أوضح انتفاضة الأقصى التي اندلعت في العام ٢٠٠٠، ومثلت خليطا من استخدام الأدوات الشعبية والمدنية والعنيفة والمسلحة بجانب الاغتيالات، وهي الانتفاضة التي قمعتها إسرائيل على مدار أربع سنوات بشدة.
وقد استمرت انتفاضة الأقصى أربع سنوات دون أن تُسفر عن تعديل في موازين القوى بين الجانبين، ولم يتقدم الفلسطينيون أي خطوة على طريق بناء دولتهم المستقلة. ومنذ ذلك التاريخ يئس قطاع واسع من الفلسطينيين من جدوى الانتفاضات المدنية والشعبية، وبدأت فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، الدخول في مواجهات مسلحة مع إسرائيل بدأت في 2008، وتكررت في ٢٠١٤، ثم توالت مواجهات غزة التي حضرت فيها «حماس» وغابت عنها منظمة التحرير.
من المؤكد أن معايير الاحتلال في أي مكان في العالم، وفي أي حقبة تاريخية، هي معايير مزدوجة ومغلوطة، فكل قوى التحرر الوطني المسلحة صُنفت كجماعات إرهابية من قبل الاحتلال وحلفائه، ولم تخرج منظمة التحرير من هذا التصنيف إلا متأخرا.
لا يجب إرضاء أي سلطة احتلال على حساب قضية التحرر والاستقلال، فيكفي ما قاله نتنياهو، أمس، في اجتماع «سري» للجنة الشؤون الخارجية بالكنيست بأن الخطأ الأساسي هو اتفاق أوسلو، وشبّهه بعملية ٧ أكتوبر، أي أنه شبّه مسار سلام بعملية صنفتها إسرائيل بأنها إرهابية، وهو يعكس حجم الكراهية التي تبديها الحكومة الحالية لأي مسار سلمي.
وإن منظمة التحرير، حتى لو أصبحت وديعة ومسالمة، طالما طالبت بحقوق الشعب الفلسطيني في دولة فلسطينية مستقلة فستصنفها دولة الاحتلال بأنها أيضا إرهابية.